استعادة حلب حسمها اجتماع طهران

استعادة حلب حسمها اجتماع طهران

أخبار سورية

الأحد، ٣١ يوليو ٢٠١٦

حسن سلامة
تكتسب الانجازات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في الاسبوعين الماضيين في ريف حلب الشمالي، وتمكنه من محاصرة الاحياء الشرقية التي تحتلها المجموعات الارهابية وايضاً تحرير منطقة بني زيد في المدينة اهمية استراتيجية في البعدين السوري والاقليمي، مع الاشارة الى ان هذه العملية لم تنته وهي ستستمر لاعادة الاحياء الشرقية في حلب الى حضن الدولة.
بداية، ما هي المتغيرات التي دفعت الى اتخاذ القرار الكبير باخراج حلب من دائرة المحاولات المستمرة من جانب التركي والسعودي ومعهما الاميركي لفصلها عن الدولة السورية؟
وفق معلومات لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاه فان قرار استعادة المدينة انطلق في خلال اجتماع وزراء دفاع روسيا وسوريا وايران قبل حوالى الشهر في العاصمة طهران، حيث بدا الموقف الروسي حاسما اكثر من كل الفترات السابقة وبالتالي جاء الموقف الروسي منسجماً مع موقف سوريا وايران، بضرورة اطلاق عملية واسعة لتحرير حلب، بعد ان اظهرت جولات جنيف السابقة ان الدول الداعمة للمسلحين تناور الى حدود تعطيل المفاوضات سعياً لفرض معادلات جديدة في مسار الازمة السورية تنطلق من محاولات تمرير الشروط التي تضعها هذه الدول لاطلاق الحل السياسي في سوريا.
وعلى هذا الاساس كانت المشاركة الروسية قوية وكثيفة في مساندة الجيش السوري وحلفائه في معركة تحرير الكاستيلو واليرموك وصولا الى محاصرة الاحياء التي يحتلها المسلحون في المدينة، وسط عجز تركي - سعودي وحتى اميركي  عن القيام بخطوات ميدانية كبيرة تحول دون هزيمة المسلحين. وتلاحظ المصادر ان المواقف الروسية مؤخراً اختلفت كثيراً عن تلك التي كانت متبعة قبل فترة حيث كانت موسكو تسعى لتثبيت الهدنة على امل ان يؤدي ذلك الى اطلاق الحل السياسي. لكن السياسة المعطلة للحلول التي اعتمدتها الرياض وانقرة واسطنبول دفعت الى الوصول الى هذا الموقف الحاسم من جانب روسيا، على الرغم من ان المعطيات تشير الى ان دور الجانب التركي في دعم المسلحين تراجع كثيراً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. حتى ان الجانب التركي اعطى مؤشرات بانه خفف من دعمه للمسلحين بحيث لم تكن المشاركة قوية في معركة الكاستيلو وتحديداً ما يتعلق بفتح الحدود بالكامل امام انتقال مجموعات مسلحة من ريف حلب الجنوبي الى تلك المنطقة لمساندة المسلحين.
لذلك، فالسؤال الآخر، ما هي حدود العملية العسكرية الاخيرة، وما هي نتائجها؟
وفق المصادر الديبلوماسية فان العملية لن تتوقف عند حدود محاصرة الاحياء الشرقية في حلب، بل انها مرشحة للتوسع على اساس الامور الآتية:
- الاول: ان قرار الدخول الى الاحياء الشرقية حاسم وغير قابل للتراجع، الا ان هذا الامر تحكمه العديد من المعطيات، اولها افساح المجال امام المدنيين للخروج من هذه الاحياء عبر المعابر الثلاثة التي حددت لهذه الغاية، وثانيها اعطاء الوقت امام بعض فصائل المسلحين للخروج من هناك خصوصاً، ان هناك اكثر من فصيل ابدى رغبته بالخروج باستثناء «حبهة النصرة» او التسمية الجديدة «جبهة فتح الشام» وايضا «جيش الفتح».
الثاني: انه بعد هذه الخطوات المتوقعة ستشكل عملية تحرير باقي الاحياء الشرقية في حلب بعد ان يكون تم عزل جبهة النصرة وجيش الفتح بالكامل في مقابل انسحاب الفصائل الاخرى او تسليم سلاحهم.
الثالث: ان الاتجاه ايضاً نحو اطلاق عملية واسعة بعد ذلك لاستكمال استعادة ارياف حلب الى حضن الدولة بما في ذلك الريف الجنوبي ما يؤدي الى تحرير مدينة حلب واريافها.
- الرابع: بالتوازي مع عمليات حلب ستستكمل معركة الغوطة الشرقية في ريف دمشق بدءا من استمرار معركة استعادة مدينة داريا والريف الغربي للزبداني وصولا الى مضايا.
اما بما خص نتائج معركة حلب فالمصادر الديبلوماسية تلاحظ ان هذا الانجاز الى جانب ما يتوقع تحقيقه في الاسابيع القليلة المقبلة يعني مجموعة امور هي:
- الامر الاول وهو سقوط ما كان يخطط له الجانبان التركي والسعودي وبتشجيع اميركي لمحاولة اسقاط المدينة بكاملها وكل اريافها بما يسمح الى واحد من اثنين ان تفتح الابواب امام احتمال تقسيم سوريا طالما ان لا قدرة للدولة على استعادة كامل المدينة وريفها. واما محاولة بأن تكون معركة اسقاط حلب منطلقا للتقدم باتجاه مناطق اخرى تحت سيطرة الدولة. وحتى العاصمة دمشق لم تكن في المرحلة السابقة بعيدة عن هذا المخطط الذي كانت تعمل له تركيا والرياض من خلال تسليح وتمويل المجموعات المسلحة وعلى رأس هذه المجموعات جبهة النصرة.
- الامر الثاني: انه بإمكان الدولة السورية ومعها الجانب الروسي استخدام ورقة عزل المسلحين وقبلها تحرير تدمر في عملية المفاوضات في حال اعادة اطلاق مباحثات جنيف على اسس واضحة يمكن ان تؤدي الى وضع الحل السياسي على السكة المطلوبة.
من كل ذلك، تظهر المعطيات الجديدة في الميدان العسكري ان مسار الازمة السورية اصبح اليوم مختلفا كليا عما كانت عليه الامور قبل معركة حلب اي ان الاميركي ومن يقف الى جانبه في دعم المسلحين سيضطر الى الاخذ بما احدثه الميزان العسكري واما اذا استمر تعطيل الحلول فهذا سيقود حكما الى توسع دائرة العمليات العسكرية الى مناطق جديدة الى ان يعترف الاميركي ومن يقف معه ان الحل السوري ممره الالزامي هو الدولة السورية وما تمثله بكل مؤسساتها من الجيش الى كل المؤسسات الشرعية ولا تنتهي عند تثبيت موقع وبقاء الرئيس الاسد في سدة الرئاسة.
الديار