حتى في أصعب ظروفها هي رقم صعب.. الغرب يطلب مساعدة دمشق

حتى في أصعب ظروفها هي رقم صعب.. الغرب يطلب مساعدة دمشق

أخبار سورية

الاثنين، ٤ يوليو ٢٠١٦

في حياة الشعوب وحكاياهم لا تأتي الأساطير من العدم ، لكل أسطورة شيء من الحقيقة بدأت بها وهكذا هي سورية بالنسبة لباقي الدول، فعلى الرغم من حرب عظمى تُشن عليها منذ أكثر من خمسة أعوام وحتى كتابة هذه السطور، وبالرغم من استهداف كافة البنى التحتية السورية، وإقامة العقوبات الاقتصادية ونسف الاستقرار والأمن وتهديد بنية المجتمع السوري دينياً وإثنياً واقتصادياً ونفسياً، إلا أن الجميع لا زالوا يؤكدون حاجتهم لدمشق حتى وهي تعيش هذه الظروف القاسية.
خلال سنوات الأزمة قامت عدة وفود أمنية بزيارة العاصمة السورية، كان منها وفد استخباراتي فرنسي تقدم بطلب الحصول على معلومات عن فرنسيين قاتلوا في سورية وعادوا إلى وطنهم، تقاطرت الوفود الأمنية والبرلمانية إلى دمشق، إذ أن الجميع يعلم بأن لسورية مخزون معلومات هائل عن التنظيمات الإرهابية المتشددة التي نشطت في المنطقة قبل اندلاع الأزمة السورية حتى، كما أن عجز الدول الغربية كأمريكا وفرنسا وبريطانيا في الحصول على معلومات أمنية واستخباراتية من خلال الجماعات المسلحة التي يدعمونها ساهم في تعزيز فكرة الحاجة إلى الدولة السورية كبنك للمعلومات الأمنية، وآخر النشاطات في هذا الشأن هو زيارة وفد أمني سوري للعاصمة الإيطالية روما دون الإفصاح عن سبب الزيارة.
أما آخر ما تم الحديث عنه فقد كان ما كشفته صحيفة السفير اللبنانية التي حصلت على معلومات مما أسمته مسؤول سوري بارز كشف لها حصول زيارات أمنية من مستويات رفيعة من الدول الأوروبية واليها، في إطار محاولات أوروبية منفردة لجذب سورية إلى بعض أشكال التعاون الأمني الاستخباري، في ظل التحدي الذي يشكله التطرف الإسلامي لهذه الدول، والذي يعتبر الصراع في سورية موّلده الرئيسي،
نربط ذلك أيضاً بالحديث عن رغبة تركية في تغيير سياستها تجاه سورية وعلى ما يبدو بتنسيق وإشراف روسي وذلك ليس ندماً من تركيا الإخوانية عمّا فعلته ولا تزال تفعله في سورية، لكن لمصالح تراها ذات فائدة أكبر من الاستمرار في حالة الستاتيكو الدموي الحاصل على حدودها، لا سيما بعد التفجيرات الأخيرة التي ضربت الداخل التركي.
إذاً فإن كلاً من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وتركيا، هي بحاجة لمعلومات استخباراتية من دمشق، وبطبيعة الحال فإن الدولة السورية لن تستجيب بهذه البساطة لتلك الطلبات، نظراً للدور التدميري الذي لعبته حكومات تلك الدول خلال الأزمة السورية وحتى الآن، بل إن الاستجابة لطلبات التعاون الاستخباراتي سيكون لها مقابل يتمثل بوعود وضمانات بتغيير السياسات والمواقف بما ينعكس إيجاباً على سيناريو الحل السوري.
إن حاجة تلك الدول لدمشق أثبتت فشل رهانات الغرب على الجماعات المسلحة التي تدعمها، إضافةً لاقتناعها بأنها لا يمكن أن تعتمد على أنظمة خليجية في الحصول على معلومات هامة، هاجس المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا على الأرض السورية وعادوا إلى بلدانهم سيجعل من تلك الدول تهرول إلى طلب مساعدة دمشق، فماذا ستطلب الأخيرة مقابل ذلك التعاون؟ على ما يبدو فإن الروسي سيشغل حالياً منصب المشرف والمنسق لهذا التعاون في حال تحقق، لكن كل المتغيرات والتطورات والمعلومات التي تفيد بزيارة وفود أمنية غربية إلى سورية أو قيام وفد أمني سوري بزيارة عاصمة أوروبية ما، كل ذلك يوحي بأن هناك متغيرات حقيقية قد بدأت تلوح في الأفق فعلاً، لكن دون الرهان على الوقت الذي ستُعلن فيه تلك المتغيرات تأثيرها الإيجابي على الملف السوري، إذ أن لكل ظرف سياسي متغيراته وتأثيراته، ما قد يكون سلبياً اليوم قد يصبح إيجابياً غداً والعكس صحيح.
علي مخلوف - عاجل