الحرب السورية تُخَلِف جيلاً جديداً بلا جنسية

الحرب السورية تُخَلِف جيلاً جديداً بلا جنسية

أخبار سورية

الثلاثاء، ٣ مايو ٢٠١٦

 تعيش نور التي لا يتجاوز عمرها سبعة شهور في خيمة من القماش وسط أراض موحلة في سهل البقاع اللبناني. والخيمة هي واحدة من عشرات غيرها في مخيم صغير للاجئين السوريين ولا يوجد بها سوى موقد معدني وسجادة صلاة وأبسطة مهترئة تغطي الأرض.

ونور هي الأولى بين أشقائها التي تولد كلاجئة. وفرت أسرتها من محافظة حمص السورية في بداية الحرب الأهلية. وتكدسوا في مقاعد إحدى الحافلات وقطعوا مسافة 112 كيلومترا إلى لبنان حيث ولدت نور.

والآن يواجه أبوها وأمها تحديا جديدا. وهما يحتاجان لتسجيل نور بمكتب تابع للإدارة المحلية في لبنان في موعد أقصاه عيد ميلادها الأول الذي يحل في أوائل سبتمبر أيلول. وتمثل شهادة الميلاد أول خطوة مهمة لضمان الحصول على الجنسية السورية.

قالت الأم "الولد اللي مو مسجل بيظل مقطوع من القيد هون (في لبنان) وبسوريا. إذا بنسجله هون مشكلة. إذا بنروح على سوريا مو معترف عليه. إذا حدا مسكه مثلا على الطريق بيقولوا لمين هذا بنقوله ما في شيء يثبت انه ابننا. ومشكلة إذا بنروح على سوريا مو معترف عليه. كمان مشكلة.. هي المشكلة الوحيدة."

ويزيد عدد اللاجئين في لبنان مقارنة بعدد السكان عنه في أي بلد آخر في العالم. لكن لبنان ليس طرفا في اتفاقية اللاجئين لعام 1951 ولم يسمح للأمم المتحدة بإقامة مخيمات رسمية للسوريين.

ويشعر بعض الساسة باستياء بسبب أثر اللاجئين القادمين من سوريا وأغلبهم من السُنة على التوازن الطائفي في البلاد. والسلطة موزعة في لبنان توزيعا دقيقا فيما بين المسيحيين والشيعة والسُنة وغيرهم من الطوائف.

ويخشى الساسة أن يخلق تسجيل المواليد السورية سابقة للسوريين من أجل الاستقرار في البلاد.

وتشير دراسات أجرتها وكالة الأمم المتحدة للاجئين ومجلس اللاجئين النرويجي إلى أن عدد الأطفال الذين لم تسجل ولاداتهم في لبنان قد يصل إلى 50 ألفا. وترى وكالات الإغاثة صعوبات مماثلة في تسجيل الأطفال في الأردن والعراق وتركيا التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين.

وهذا يعني أن عدد الأطفال السوريين الذين يُحتمل أن يصبحوا بلا جنسية أكبر كثيرا من ذلك على الأرجح.

وهؤلاء الأطفال الذين لا يحملون جنسية دولة هم أحد الطرق التي تُعيد بها الحرب في سوريا والعراق تشكيل الشرق الأوسط.

وقالت الأمم المتحدة إن الأطفال غير المقيدين قد يحرمون من حقوقهم الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية ويمكنهم أن يواجهوا صعوبات في الحصول على فرصة عمل أو التعرض لانتهاكات وقد يصل الأمر لسقوطهم في أيدي عصابات الاتجار في البشر.

وبسؤالها عن نظرتها لمستقبلهم قالت أم نور التي تبلغ من العمر 25 عاما "أكيد بدنا نرجع وين بنروح بس بنرجع على شو يعني أحيانا بيقولوا لنا كمان بترجعوا كمان جبنا لكم مسكن في حمص بيصير إلكم لأنه البيت انهدم وأخدت محله ناس ثانية. الوضع تعبان."

ويواجه الوالدان احتمال الانفصال عن طفلتهما الوليدة إذا لم يتم تسجيلها بأوراق رسمية لعدم وجود ما يثبت انتماءها للأسرة.

وتنصح الأمم المتحدة ومجلس اللاجئين النرويجي وهو منظمة إغاثة إنسانية اللاجئين بتنفيذ ثلاث خطوات مهمة لتسجيل المواليد في لبنان. وهذه الخطوات ليست هي كل الخطوات البيروقراطية المطلوبة للحصول على الجنسية السورية بالكامل للطفل لكنها الأكثر أهمية وخاصة فيما يتعلق بالوقت.

فعلى الأبوين أولا الحصول على إخطار بالولادة من المستشفى الذي وُلد فيه الطفل أو من القابلة التي تولت توليد الأم.

والخطوة التالية هي أخذ الإخطار وأوراق الهوية الخاصة بهما وشهادة الميلاد إلى أقرب موثق محلي لتسجيل الطفل الوليد. ثم يصدر الموثق شهادة ميلاد ويتقاضى في العادة رسما يصل إلى 20 دولارا.

وأخيرا يسجل الوالدان الشهادة لدى أقرب مكتب حكومي محلي للتسجيل في لبنان.

ويجب استكمال هذه الخطوات قبل أن يكمل الطفل عامه الأول وإلا ستصبح هذه العملية مكلفة للغاية ومعقدة وتستلزم اللجوء للقضاء ومحامين واختبارات الحمض النووي (دي.إن.ايه).

وقد أتم الأبوان الخطوتين الأولى والثانية خلال عشرة أيام من ولادة نور في 12 سبتمبر أيلول الماضي.

والآن أصبحا عاجزين عن التحرك.

فقد ازدادت صعوبة تنقل اللاجئين السوريين بسبب القيود المفروضة عليهم بما في ذلك شرط حمل وثائق معينة والمجازفة بالقبض عليهم في حالة مخالفة ذلك.

وترغم اللوائح السوريين المسجلين كلاجئين على سداد مبلغ 200 دولار سنويا مقابل حق البقاء في لبنان لكنها تمنعهم من مزاولة أي عمل رسميا. وانتهت صلاحية أوراق والدي نور في يناير كانون الثاني من العام الماضي في الوقت نفسه الذي أصبحت فيه اللوائح الجديدة سارية.

وقال والد نور "الطفل الجديد هلا بدنا نجدد الأوراق بدهم يجددوا لنا الأوراق لحتى يقبلوا يسجلوا لنا الولد عرفت كيف يعني ما بيسجلوا لنا الولد. ما بنسجل الصبي حتى بيجددوا لنا الأوراق.. هلا لي سنة كاسر (إقامة) هلا صرنا في السنة الجديدة صار بدي 400 دولار أنا و400 دولار هي يعني ألف دولار."

وولد ما يقرب من 70 ألف طفل سوري لاجئ في لبنان منذ عام 2011 ولا يشمل هذا العدد أطفال الأسر غير المسجلة لدى الأمم المتحدة.

وأظهرت إحصاءات المجلس النرويجي للاجئين أنه منذ يناير العام الماضي فشل نحو 80 بالمئة من الأُسر اللاجئة التي شملها استطلاع للرأي في استكمال إجراءات تسجيل أطفالهم.