تفاصيل الخطة التركية لانشاء منطقة عازلة شمال سورية

تفاصيل الخطة التركية لانشاء منطقة عازلة شمال سورية

أخبار سورية

الثلاثاء، ٢٤ نوفمبر ٢٠١٥

ماهر الخطيب
على ضوء العمليات العسكرية القائمة على الأرض السورية، يبدو أن تركيا بدأت عملياً تنفيذ خطتها القديمة الجديدة، القاضية بانشاء منطقة آمنة في ريف حلب الشمالي، عبر الجماعات المسلحة التي تدور في فلكها، وتحديداً "الجبهة الشامية" وحركة "أحرار الشام"، بالإضافة إلى الفصائل التركمانية التي تأخذ أمر عملياتها مباشرة من أنقرة.
طوال الأشهر السابقة، وضعت الحكومة التركية هذا الهدف على رأس قائمة أولوياتها، لكنها كانت دائماً تصطدم بالعديد من المعوقات، أبرزها الرفض الأميركي المباشر، لكن في الفترة الأخيرة تبدلت المعطيات، خصوصاً بعد إعلان وزير الخارجية الأميركية جون كيري عن الإتفاق مع أنقرة على تطهير باقي حدودها مع سوريا من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أن المفارقة تكمن في الحديث المستجد عن دور فرنسي على هذا الصعيد، جاء بعد أيام قليلة على الهجمات الإرهابية التي حصلت في باريس.
في هذا السياق، تشير مصادر مراقبة، عبر "النشرة"، إلى أن الأيام الأخيرة حملت معها مؤشرات تؤكد إقتراب موعد إنطلاق الخطة، التي تعتبر هدفاً أساسياً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالتزامن مع تسريب أنقرة معلومات عن أن المنطقة الآمنة ستُفرض أمراً واقعاً خلال اسبوع واحد، وهي ستمتد، في ظل سيطرة قوات حماية الشعب الكردي على أغلب الحدود السورية التركية، من مدينة جرابلس في الشرق إلى أعزاز في الغرب، بشكل يمنع ربط المناطق الكردية ببعضها البعض من دون أن تصطدم، على الأقل في المرحلة الأولى، معها بشكل مباشر، بسبب الغطاء السياسي والعسكري التي تحظى به من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
وفي حين تعمل أنقرة على الترويج بأن هدفها الأساس من هذه الخطوة هو محاربة الإرهاب، المتمثل بتنظيم "داعش"، بالإضافة إلى معالجة أزمة اللاجئين عبر إعادتهم إلى الأراضي السورية، تشدد المصادر نفسها على أن هدفها الأول السيطرة على هذه المناطق لضمان المشاركة في أي تسوية سياسية في المستقبل، بالإضافة إلى منع الأكراد من تشكيل كيان ضخم على حدودها، ستكون نتائجه كارثية على الواقع التركي الداخلي، وترى أن النجاح في إنشاء هذه المنطقة ربما يكون بمثابة تكرار لحادثة سلخ لواء الأسكندرون عن السيادة السورية قبل عشرات السنوات.
على هذا الصعيد، يبدو من الواضح أن تركيا لن تغامر بارسال قواتها إلى مسرح العمليات العسكرية، بل ستعتمد على فصائل وكتائب المعارضة السورية المتعاونة معها، في حين تعمل هي على تقديم الغطاء الجوي والمدفعي لها، الأمر الذي كان واضحاً من خلال المواجهات، التي حصلت في نهاية الشهر المنصرم، في قريتي حرجلة ودلحة بريف حلب الشمالي، حيث نجحت تلك الكتائب والفصائل في طرد عناصر "داعش" منهما، بعد دعمها من قبل 6 مقاتلات تركية و5 مقاتلات و3 طائرات استطلاع أميركية، بحسب ما أكدت وسائل إعلام تركية وجدت في هذا الأمر خطوة أولى نحو المنطقة الآمنة.
على الرغم من هذه المعطيات، لا تبدو الأمور بالسهولة التي تتصورها أنقرة، حيث تشير المصادر المتابعة إلى جملة من المخاطر التي قد تقع فيها، أبرزها الوجود الروسي في المنطقة، والذي كان قد أدى إلى مواجهة دبلوماسيّة بين الجانبين، بعد إستهداف جبال التركمان في ريف اللاذقية، الأمر الذي دفع أنقرة إلى إستدعاء السفير الروسي لديها، بالإضافة إلى خروج مظاهرات من قبل عناصر قومية تركيّة منددة بما تقوم به موسكو، ناهيك عن الوجود الكردي الذي يستشعر الخطر في المرحلة الراهنة، لا سيما أن أنقرة تعتبر أن القضاء على قوات "حماية الشعب الكردي" أولويّة تفوق تلك التمثلة بالقضاء على "داعش"، وبالتالي لا أحد يضمن عدم تمدد مسرح العمليات إلى حدود المناطق المجاورة.
من هذا المنطلق، ترى هذه المصادر أن تركيا من خلال الدور المستجد ستضع نفسها أمام مجموعة من المخاطر، لا تنتهي عند إرتفاع خطر إستهدافها من الجماعات المتطرفة مرة جديدة، ولا عند إحتمال توسع رقعة الصدام مع الأكراد، بل تمتد إلى فرضية المواجهة مع موسكو وحلفائها، خصوصاً أن الأخيرة تعتبر أن أنقرة كانت السبب الأساس وراء نمو ظاهرة الجماعات الإرهابية في سوريا، من خلال تقديم مختلف أنواع الدعم لها، عبر فتح حدودها لدخول المقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى عمليات شراء النفط من "داعش"، ناهيك عن أن الحكومة السورية لا تزال تعتبر أن أردوغان هو رأس الحربة في الحرب التي تشن ضدها.
في المحصلة، ستشهد الأيام جولة من التطورات السريعة والخطيرة، التي ربما تكون الحدث الأبرز قبل إنعقاد مؤتمر فيينا الثالث، المخصص لبحث الأزمة السورية، لكن الأكيد أن الجميع يبحث عن دور له تحت عنوان محاربة الإرهاب.
النشرة