يسمى لحم الفقراء الفطر المحاري… زراعة جديدة تدخل أسواق السويداء كبدائل زراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي

يسمى لحم الفقراء الفطر المحاري… زراعة جديدة تدخل أسواق السويداء كبدائل زراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي

أخبار سورية

الأربعاء، ١٢ أغسطس ٢٠١٥

في زاوية صغيرة من منزله يقوم المهندس وليد زغير بزراعة الفطر المحاري مستثمراً بذلك ركناً من الأركان المهجورة وشجعه على ذلك سهولة الإنتاج وبساطة التعامل مع هذا المنتج، حيث استطاع ادخال صناعة الفطر المحاري إلى أسواق السويداء بعد عدة تجارب أجرتها مديرية الزراعة لإنتاج أنواعه محلياً، وهو منتج غذائي مطور غذائياً عن الفطر العادي  وساهم في ذلك الوصول إلى إنتاج تأمين مصادر رزق بديلة في مواجهة الحرب الاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري.
لحم الفقراء
يقول المهندس زغير  إن  زراعة الفطر الزراعي المحاري زراعة مميزة لأنه يوفر فرص العمل ولأن مكان زراعته متوفرة في كل مكان مثل الكراج والقبو والكهوف والبيوت المهجورة وسهل التربية بدون شروط عالية الدقة كما باقي الفطور.
وقد بدأ الاهتمام بزراعة الفطر المحاري بالمنطقة بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد الارتفاع الكبير لأسعار اللحوم البيضاء والحمراء لاسيما أن هذا الفطر يتميز بقيمته الغذائية العالية لاحتوائه على نسبة مرتفعة من البروتينات والحديد وعلى جميع الأحماض الأمينية الأساسية لجسم الإنسان ونسبة كبيرة من فيتامين ب المركب وهو يحتل الموقع الوسط بين لحوم الأبقار والأغنام والدجاج والسمك من جهة وبين الحبوب الخضار من جهة أخرى، لذا تمت تسميته باللحم النباتي أو لحم الفقراء.‏

مستلزمات بسيطة
وصناعة الفطر المحاري من الصناعات الحديثة التي دخلت أسواق السويداء وهو منتج غذائي مطور غذائياً عن الفطر العادي  وساهم في ذلك الوصول إلى إنتاج أنواع محلية في البيوت وتأمين مصادر رزق بديلة في مواجهة الحرب الاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري.
ولفت المهندس وليد إلى أن مستلزمات زراعة الفطر المحاري تتطلب توفر عدد من الأمور منها:‏ غرفة للزراعة يفضل أن تكون ذات باب واحد وشباك واحد مجهزة بمنشر حديد أو أسلاك وبرميل سعة 220 ليتراً مجهزاً بسكر ماء في أسفله للتخلص من الماء بعد معاملة التبن ومياه نظيفة ومصدر إضاءة داخل الغرفة لتأمين العمل في جميع الأوقات، بالإضافة إلى ضرورة وجود أقفاص بلاستيك لتصفية الماء الزائد بالخلطة ووجود عدد من أكياس النايلون على أن يتسع كل كيس إلى واحد كيلو غرام تبن.‏
وأضاف: عندما يصل الفطر إلى مرحلة النضج فإننا نمسكه من الحوامل ونفتل بلطف ونسحب وننظف مكان القطع بمشرط حاد ثم نقوم بإزالة طبقة رقيقة من التبن وذلك لتشجيع ظهور نموات جديدة ونرش الماء حتى درجة الإشباع، ويمكن أن نأخذ من الكيس أربع قطفات، لافتاً إلى أنه يمكن استخدام الخلطة بعد الاستعمال كعلف حيواني غني بالبروتينات وأحياناً يمكن أن تضاف إلى التربة الزراعية لتحسين خواصها الفيزيائية والكيميائية.‏

طريقة الزراعة
وحول كيفية زراعة الفطر المحاري أشار إلى أن زراعة الفطر تتم من خلال استحضار كمية من التبن وإضافتها بكمية من الماء في وعاء وتسخينه مدة ثم القيام بتصفية التبن من الماء بشكل دقيق، ومن ثم القيام بوضع طبقة من التبن في أكياس نايلون أبيض حصرياً ووضع كمية من بذار الفطر فوق طبقة التبن وفوقها كمية من البذار موزعة على الطبقة بشكل جيد حتى امتلاء الكيس، ومن بعدها القيام بربطه من الأعلى وتعليقه، ثم نقوم بفتح شقين في أسفل الكيس للتخلص من الماء يوضع الكيس في مكان مناسب للبدء بعملية التحضين، وهذا المكان يجب أن يكون مظلماً ورطباً ومن دون تهوية ويتم تحقيق الرطوبة المطلوبة في جو المكان عن طريق رش الماء حول الكيس وليس على الكيس نفسه، وبعد ثلاثة أيام من تعليق الكيس في المكان نقوم بثقب الكيس من 4-6 ثقوب بسكين معقمة موزعة على الكيس كله ونسد هذه الثقوب بالقطن المعقم .
وبيّن الزغير أنه بعد عشرين يوماً يتحول الكيس إلى لون أبيض وتبدأ النموات داخل الكيس بالتكتل بأماكن متفرقة منه، وهنا نقوم بالشطب فوق هذه النموات مباشرة على بعد نصف سم منها حتى لا نتلفها دون أن نزيل البلاستيك وتبدأ نموات الفطر بتشكيل أجسام تسمى الأجسام الثمرية حيث تنمو بسرعة كبيرة، وهنا نبدأ برش هذه النموات بالماء على شكل رذاذ مع أول خروجها من الكيس ثلاث مرات يومياً.
وبين الزغير أنه للحصول على إثمار جيد يجب عدم إطالة المدة اللازمة‏ للإثمار أي فترة التحضين من خلال توفير حرارة مابين 15 و 30 ملم ورطوبة من 80 إلى 95% وتهوية جيدة وضوء بعد أن يكون الفطر قد نما على أغلبية الخط الموجود بالكيس. ونوه الزغير بأن كل واحد كيلو غرام من التبن تعطي واحد كيلو من الفطر إذا وفرنا الشروط المناسبة.

منتج غذائي متطور
ويعتبر الفطر المحاري من الأطعمة الفاخرة ويتميز بنكهة خاصة تجعله مرغوباً من معظم المستهلكين ويستعمل بطرق عديدة جداً مثل القلي والتحمير والطبخ وتحضير أنواع من الشوربات مع الخبز وفي تحسين الطعم لبعض الأطعمة مثل البيتزا والسجق والكتشب وبعض الأجبان كما يدخل في صناعة التعليب والتجميد والتجفيف والتخليل.‏

أسواق استهلاكية
المهندس عمر سعيد من مديرية الزراعة والمهتم بإنتاج أنواع هذا الفطر محلياً عبر تجارب تقوم بها مديرية الزراعة، أشار إلى أن هذا الفطر سيحظى خلال الفترة المقبلة بأسواق استهلاكية واعدة نظراً لتوفر الظروف الملائمة لزراعته في المنطقة التي يرغب مزارعوها بكسر قاعدة زراعة المحاصيل التقليدية الأخرى،  والتي لم تعد قادرة على النهوض بحالتهم المعيشية وتحسين وضعهم الاقتصادي نتيجة ارتفاع تكاليف زراعتها والظروف الجوية القاسية التي تتعرض لها، لافتاً إلى أن الفطر المحاري يتميز بأنه متعدد الأشكال والألوان وهو من أكثر الفطور الصالحة للأكل.‏
ولفت إلى أن إنتاج الفطر الزراعي يعد من المشاريع الاستثمارية الزراعية الناجحة إذ يتراوح متوسط إنتاج المتر المربع بين 20 و30 كغ في الدورة الزراعية التي تستغرق ثلاثة أشهر أي ما يعادل 120 و150 كغ سنوياً ما يضمن مردوداً اقتصادياً عالياً للمستثمرين ويؤمن إنتاجاً يغطي احتياجات السوق الداخلية وتصدير الفائض من الإنتاج إلى الدول المجاورة، مبيناً أن زراعة الفطر غدت من الزراعات البديلة التي تسهم في إنعاش الحالة المادية لأبناء المنطقة التي كانت سابقاً تفتقر كلياً إلى هذا الصنف الزراعي.‏
وأوضح سعيد أن إنتاج الفطر الزراعي المحاري عملية بسيطة وسهلة وغير مكلفة كون البيئة المحيطة ملائمة له ودرجة الحرارة مناسبة أيضاً إضافة إلى أن المادة الأساسية في إنتاجه وهي التبن الأبيض تبن القمح متوفرة، مبيناً أنه تم إجراء تجربة زراعة الفطر على 32كيساً من التبن أنتجت32 كيلو غراماً من الفطر أي كل كيلو تبن ينتج كيلو فطر.‏
ويستخدم الفطر الزراعي في تحضير وإعداد الكثير من الوجبات الشهية ذات القيمة الغذائية العالية خاصة بعد أن ثبت حديثاً أنه يعمل على زيادة الحيوية والنشاط ويخفض نسبة السكر في الدم ما يفيد مرضى السكري، كما يحتوي على أنزيمات عديدة تساعد في هضم الجسم للأغذية المختلفة.‏

اكتفاء ذاتي
الوضع الاقتصادي الذي فرضته الأزمة الاقتصادية جعل المواطنين في السويداء يبحثون عن بدائل محلية لمنتجات فقدتها الأسواق وإنتاج بدائل محلية ومنها أنواع الفطر المحاري والذي يشكل منتجاً غذائياً وصحياً متكاملاً، ويختلف عن باقي أنواع الفطور بخلطته سهلة التركيب وظروف إنتاجه البسيطة، وأصبح الفطر المحاري منتجاً جديداً يضاف إلى قائمة منتجات الاكتفاء الذاتي التي اعتمدها أبناء المحافظة في مواجهة تداعيات الحرب الاقتصادية التي يعانون منها.

رفعت الديك- البعث