الكثير من المعيّنين يجهلون طبيعة عمل ما كلّفوا به؟! المحسوبيّات في تسمية القيادات الإدارية عرّاها تراجع أداء الجهات الموكلة إليها

الكثير من المعيّنين يجهلون طبيعة عمل ما كلّفوا به؟! المحسوبيّات في تسمية القيادات الإدارية عرّاها تراجع أداء الجهات الموكلة إليها

أخبار سورية

الخميس، ١٨ يونيو ٢٠١٥

أكثر من 62 موظفاً جديداً استلموا مناصب قيادية إدارية في الجهاز الحكومي من العام الماضي حتى نهاية شهر أيار الفائت، حسب إحصائية أعدّتها “البعث”، وذلك بدلاً من سابقين اتهموا بالفساد والترهّل الإداري وأسباب أخرى، كانت من وجهة نظر المسؤولين وراء قرارات خاطئة انعكست سلباً وبشكل غير مباشر على الأداء العام للدولة بما فيها الاقتصاد الوطني، إلا أن حملة التغييرات المستمرّة التي لم تهدأ لمفاصل إدارية مهمة، وتعيين شخص يجهل طبيعة عمل الجهة المكلّف إدارتها، أو أنه لا يملك الكفاءة والخبرة الكافيتين، والمحسوبيات التي كانت حاضرة في التعيين أيضاً، زادت الطين بلة، ما أدّى إلى تراجع أكبر في النشاطات والأعمال والإنتاج وبالمحصلة انعكس على أداء الجهة الموكلة إليه من حيث الإيرادات والخدمات.
وفي حقيقة الأمر تعدّدت أدوار المسؤولين الجدد ومدى تأثير كل شخص على حدة، لكنّ ثمة إجماعاً على أنهم اتسموا عموماً بالذاتية والتفرّد في اتخاذ قرارات لا تنسجم مع السياسات الناظمة للعمل، وبتعبير أدق أطلقه الدكتور رسلان خضور عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، لم يبنوا على التراكمات السابقة، موضحاً لـ”البعث” أن سرّ الفشل هو بدء المسؤول من نقطة الصفر، جاهلاً ما تزخر به المؤسسة من تراكم معرفي وطرق وأساليب وإدارة إنتاج، نتيجة قلة خبرته العلمية والعملاتية أو لتدني إمكاناته الفكرية، وفي كل الأحوال هي سياسات مدمّرة ستنعكس على الاقتصاد والخدمات آجلاً أم عاجلاً، والواقع والمؤشرات الحديثة تدلّ على ذلك.
ملاحظة أخرى، أشار إليها الدكتور موسى الغرير رئيس قسم الاقتصاد في جامعة دمشق، تتمثل بالتخبّط في إصدار القرارات والتعارض الفاضح في مضمونها ما ينمّ عن فهم المدير الخاطئ لطبيعة ومهام المؤسسة، علماً أن هدف “الحكومة” من تعيينه كان تنشيط الأداء أو “حلحلة” مشكلات كانت عالقة أو ترهّل إداري سابق، ورأى الغرير في تصريح لـ”البعث” أن أغلبية من أتوا عمّقوا المشكلات وزادوها تعقيداً، وليس العكس؟!.
وجهة نظر خبيرة في العمل الإداري من وزير المالية الأسبق محمد خالد المهايني الذي قاد السياسات المالية على مدى ثلاثة عقود من الزمن، ترى بخروج المُعَيّن حديثاً عن الخطط الاستراتيجية والسياق الإداري والإنتاجي المتعارف عليه، أنه كان وما زال سبباً من الأسباب الرئيسية في تدني معدّلات النمو وتراجع الأداء عامة، وقال لـ”البعث”: كنت ضد التغييرات المستمرّة في وزارة المالية طوال فترة ترؤسها، لأني على قناعة راسخة بأن العمل بروح الفريق والتفاهم والانسجام تمنح دافعاً وابتكاراً وأداءً جيداً.
التغييرات ورفد المفاصل الإدارية المهمّة بدماء جديدة ضرورية، ولكن -حسب الغرير- على أن تثمر نتائج أفضل من السابق، وتخدم عملية التطوير، لهذا يفترض إجراء دراسة وافية عن إمكانات المراد ترشيحهم للمنصب الإداري وخبراتهم وأعمالهم قبل التعيين، وبعدها يتخذ قرار تنصيبهم من عدمه، ولا بد من عملية تقييم لأعمال مؤسستهم خلال قيادتهم لها..
إلا أن عدم اقتناع كثير من القيادات الإدارية العليا في الجهاز الحكومي (رئيس حكومة، نواب رئيس الحكومة، وزراء) بجدوى جهود إعادة الهيكلة الإدارية، وخاصة في ظل التجارب السلبية السابقة في هذا المجال، جعلهم لا يخصصون الوقت والاهتمام الكافيين لدراسة وتقييم الشخص المرشح لمنصب ما، ويكتفون بإيكال المهمة إلى مستويات إدارية أدنى منهم (معاون وزير، مدير عام مؤسسة) وهي المستويات الإدارية الأكثر عملاً بالمحسوبيات وانتشاراً بالفساد والمفسدين، وبالتالي نتجت عنهم قيادات إدارية تفتقر إلى الإمكانات العلمية والعملية، وإلى اتخاذ خطوات سليمة لتنفيذ برامج الخطط، واتصفت بالضعف وعدم القدرة على علاج أدنى المشكلات الإدارية التي تعاني منها الدوائر الحكومية.
سامر حلاس - البعث