تفاصيل مأساوية يرويها جنود سوريون بعد فرارهم من جسر الشغور

تفاصيل مأساوية يرويها جنود سوريون بعد فرارهم من جسر الشغور

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٧ مايو ٢٠١٥

سيطرت جبهة النصرة وحلفاؤها بشكل كامل الجمعة الماضي على مشفى جسر الشغور في مدينة إدلب شمال غربي سوريا حيث كان يتحصّن أكثر من 150 جندياً ومسلحاً موالياً للنظام مع مدنيين من أفراد عائلاتهم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقد تمكن أكثر من 90 عنصراً من قوات النظام من الوصول إلى مناطق آمنة، بينما قُتل عدد منهم خلال محاولتهم الفرار من المشفى وأُسر آخرون.
وكان الجندي السوري محمد محمود العساف على وشك الإغماء بعد إصابته في كاحله وبطنه إثر انسحابه مع رفاقه من مشفى جسر الشغور الأسبوع الماضي، ما ساعده على التظاهر بالموت لدى اقتراب مقاتلين منه، والنجاة.
والعساف (28 عاماً) واحدٌ من عشرات الجنود الذين تمكنوا من الخروج من مشفى جسر الشغور قبل سيطرة مقاتلي جبهة النصرة وفصائل أخرى معارضة عليه الأسبوع الماضي، ووصلوا تحت وابل من الرصاص والقصف إلى مناطق سيطرة النظام الواقعة على بعد كيلومترات قليلة.
ويقول الجندي صلب البنية الذي نمت لحيته السوداء بضعة سنتيمترات، وهو ممدّد على سريره في مشفى اللاذقية إنّه أصيب بشظية قذيفة في كاحله الأيمن وطلق ناري في بطنه قبل ثلاثة كيلومترات تقريباً من "الوصول إلى نقطة الأمان".
ويضيف "شعرت أنّني على وشك الإغماء إلى أن جاء نحوي المسلحون وكانوا ينوون إطلاق الرصاص علي، لكنّهم تركوني وشأني بعد أن ظنّوا أننّي مت. وغادروا بعد أن أخذوا جوالي ومحفظتي وسلاحي".
ويضيف: "انتظرت إلى أن قاربت الساعة الثامنة مساء وذهبت إلى إسطبل قريب واغتسلت وخرجت بعد أن شاهدت خطوط الرصاص المضيئة التي أطلقها الجيش وتوجهت نحوها، ووصلت عند منتصف الليل" إلى منطقة الكفير.
ويروي الجندي بصوت متعب أنّ الانسحاب من المشفى جاء تنفيذاُ "لأوامر" من القيادة العسكرية.
ويقول "كنا نتواصل مع القيادة وأُبلغنا بأنّ هناك عملية تفجير" سيقوم بها مقاتلو جبهة النصرة وفصائل المعارضة الأخرى التي تسيطر على مدينة جسر الشغور منذ نهاية نيسان، "من خلال حفر نفق يصل إلى تحت المشفى" حيث كان يتحصّن أكثر من 150 جندياً ومسلحاً موالياً لهم مع مدنيين من عائلاتهم.
ويضيف "جاءنا أمر الخروج من المشفى قبل الساعة الثامنة، الموعد المحدد للتفجير"، مشيرا إلى أنّ الجنود شكلوا مجموعات مختلفة تولت الأولى اقتحام أبنية المشفى الأخرى، غير ذاك الذين كانوا يتحصنون فيه للاحتماء من النيران التي تطلق على المنسحبين. وأوكل إلى المجموعة الثانية نقل الجرحى، بينما تولت المجموعة الثالثة، بحسب العساف، "إخلاء المدنيين"، وخصّصت المجموعة الرابعة "لتأمين تغطية نارية من الخلف".
بدوره، يقول نوار بدر صالح (25 عاماً) الذي تولى مع رفاقه حمل الجرحى على نقالات "مشينا بين الشجر والأحراج. لم نعرف الوقت الذي استغرقناه إلى أن وصلنا في اليوم التالي إلى النقطة العسكرية".
ويؤكد صالح الذي خضع لعملية جراحية في ساقه حيث وضعت أسياخ ظاهرة وسط الضمادات السميكة "كانت المعارك متواصلة ونحن نسير، لكنّنا كنا نقوم بتغطية نارية لبعضنا كي نتمكن من التقدم".
ويضيف "بعد إصابتي بساقي اليسرى، أكملت طريقي زحفا ومشيا بالتناوب".
من جهته، يروي محمد محمد (29 عاماً) أنّه أصيب بقدمه وساعده الأيسر بعد خروجه من مشفى الجسر بنحو ساعتين.
ويقول "اجتزنا طرقاً صعبة مليئة بالأحجار والأشواك. قطعنا سواقي مياه إلى أن وصلنا إلى نهر العاصي ومشينا على ضفته. هناك شاهدت تلة على قمتها وحدة عسكرية وواصلنا السير باتجاهها".
أما ربيع الأسمر فكان قد أُصيب بقدميه في المعارك قبل الانسحاب من المشفى بسبعة أيام، ويقول "الطبيب في المشفى أعطاني إبراً مسكنة كي أتمكن من الخروج".
ويضيف الأسمر الذي جلست بقربه سيدة مسنة تنظر إليه بحنان "انسحبنا باتجاه حارة الداغل وهناك تمّت محاصرتنا وأطلقوا النار نحونا واستشهد عدد من الأشخاص"، مشيراً إلى أنّ المقاتلين "لم يميزوا بين مدنيين وعساكر".
كذلك أصيب محمد زهران (29 عاماً) داخل المشفى في صدره، ويقول "لم أكن أقوى على الجري (بعد الانسحاب) بسبب إصابتي وأصابني المسلحون مرة أخرى في ساعدي".
ويضيف وهو يتوقف عن الكلام بين الفينة والأخرى بسبب صعوبة في التنفس "استخدمت الإسعافات الأولية التي كنا نحملها وحاولت وقف النزيف جزئياً. عندما التقيت في الكفير بوحدات من الجيش ساعدتني على الوصول إلى هنا بسيارة إسعاف، انفجرت بالبكاء".
ويشير الشاب النحيل والقصير القامة إلى أنّ أيامه خلال الحصار كانت "كابوساً، لم نكن نتوقع أن يحدث هذا لنا".
ويقول محمد محمد من جهته "عندما كنت أتكلم مع والدتي من داخل المشفى، كنت أقول لها أنا أتوقع أن أموت في أيّ لحظة وأريدك أن تكوني قوية". ثم يضيف "عندما خرجت وتكلمت معها، غصت من الفرحة".