فائض الإنتاج الزراعي تحت مجهر الاختبار.. معايير جادة لتصدير الحمضيات تحتاج من يطبقها

فائض الإنتاج الزراعي تحت مجهر الاختبار.. معايير جادة لتصدير الحمضيات تحتاج من يطبقها

أخبار سورية

الثلاثاء، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٦

هيثم محمد
يسعى مجلس الوزراء لتحقيق خطوات عملية وإنجازات فعلية في ملف تصدير الفائض من إنتاجنا الزراعي والصناعي علها تنسينا الفشل الذي حكم محاولات الحكومات السابقة..
وضمن هذا الإطار تعمل لوضع استراتيجية وطنية للتصدير بغية الوصول إلى التصدير المثالي على حد تعبير السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس خلال الاجتماع النوعي الذي ترأسه بداية أيلول الماضي لهذا الغرض.‏
ومع هذا العمل تمّ عقد أكثر من اجتماع في الفترة القريبة الماضية لتصدير الفائض من مادة الحمضيات للموسم الحالي واتخذت عدة قرارات في هذا المجال لكن مع ذلك لم يلمس الفلاح المنتج ولا المصّدر أي خطوات عملية رغم مضي عدة أسابيع على بدء الإنتاج.. وقد ترافق نشر أخبار الاجتماعات وما صدر عنها من قرارات مع تشكيك بإمكانية التطبيق لأسباب وعوامل مختلفة.‏
في ضوء ما تقدم كان السؤال الذي توجهنا به لعدد من المهتمين والمصدرين والمنتجين ما المطلوب القيام به من قبل الجهات المعنية (وزارات-هيئات) أو من قبل اتحاد المصدّرين والمصدرين واتحاد الفلاحين والفلاحين المنتجين وغرف التجارة من أجل تحقيق النجاح الفعلي في تصدير الفائض من إنتاجنا ولا سيما موسم الحمضيات لهذا الموسم.. فماذا كانت الإجابات؟‏
في مجال الرسوم والضرائب‏
يقول السيد سامي تحسين الخطيب الذي يعمل بالتصدير منذ سنوات عديدة: في مجال الجهات العامة لها ثمة طروحات بتقديم الدعم وإعفاء جميع الصادرات من الضرائب والرسوم وتبسيط الإجراءات ولكن لا يترجم منها شيء على أرض الواقع.‏
لماذا؟‏
لأن هناك رسوماً متعددة وتكاليف باهظة تضاف على الصادرات، وإيقاف العمل بعدة قرارات كانت تسهل عمل المصدرين بدون حساب أو مراعاة لمصلحة الوطن الاقتصادية وخاصة في ظل الظروف الراهنة لذلك لا بد من إلغاء الرسوم وتقديم كل التسهيلات من قبل الوزارات ذات العلاقة.‏
أما في مجال اتحاد المصدرين والمصدرين: فالاتحاد وجد للدفاع عن المصدرين وإزالة العقبات من أمامهم والبحث عن أسواق تصريف والبحث مع الجهات المختصة لتخفيف الأعباء المالية عن الصادرات وتبسيط الإجراءات وتقديم وإقامة معارض متنوعة وليس فقط للألبسة، وليس العمل بالاستيراد والتصدير وهو مؤسسة خدمية يجب أن تعنى بمشكلات الأعضاء المنتسبين ومشكلات التصدير.‏
ويضيف الخطيب: بشأن اتحاد الفلاحين يلاحظ عدم تقديمه أي فائدة مرجوة للفلاح.. فقط اجتماعات وقرارات وخطط تبقى حيث دونت ولا تدخل حيز التنفيذ أما الفلاح المنتج فلا حول له ولا قوة، ومن الطبيعي بعد كل الخسائر التي يتكبدها وعدم وجود داعم له أن يفكر بهجرة الأرض لعدم القدرة على الاستمرار في تحمل الخسارة وهذا ما سيؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني. وبشأن غرف التجارة فالتقصير بالأساس من وزارة الزراعة بالأخص مديرية التسويق والوحدات الإرشادية لعدم قيام الأولى بالبحث الجدي لفتح أسواق قبل الدخول بالمواسم رغم أن مدير التسويق عضو فاعل في اتحاد المصدرين لكن همه فقط الدعاية والإعلان كما هو الحال في الاتحاد بشكل عام فهناك عناوين كبيرة وخطط وأفكار طرحها القائمون على الاتحاد بقيت لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت فيه وما نفذ منها لم يرق إلى مستوى ومتطلبات القطاع التصديري وخاصة في هذه المرحلة.‏
والجهة الثانية عدم توعية الفلاحين ومراقبة عملهم من خلال الزيارات الحقلية ومراقبة نوعيات الأدوية المستعملة ووضع خطط للمعالجة لا تترك أثراً على المنتجات.‏
حزمة متكاملة‏
محمد مصطفى حمود خازن غرفة تجارة وصناعة طرطوس وأحد المنتجين والمصدرين للحمضيات قال: زرعت الحمضيات بسبب الحاجة للمادة التي كنا نستوردها من لبنان - تركيا - البلدي والحامض الفرنسي - حامض - أبو صرة - كرمنتينا - سمسوما - هجين كراميل - جزائرلي - فورتن - أفندي - برتقال بلنصيا - برتقال بلدي - برتقال شموطي، لكن تصور أن المزارع يزرع كل الأصناف في مساحة أقلها 5 دونمات - حتى مساحة 50 دونماً.‏
وإذا أردت أن تصدر ألف طن من الأبو صرة أو الحامض أو بلنصيا يجب أن تدور على كل مزارع البلد لتحصل على هذه الكمية و طبعاً المعروف أنه لا يصدّر من الحمضيات إلا هذه الأصناف الثلاثة إضافة إلى الكرمنتينا.‏
ما تقدم يعني أن زراعتنا عشوائية لا تصل إلى مرتبة الدول الأخرى لأن المزرعة الواحدة بمصر وتركيا وقبرص وغيرها الكثير تحتوي على ما لا يقل عن 20 ألفاً إلى 40 ألف طن من النوع الواحد وأكثر الزراعة عندهم هي هذه المواد المذكورة لأن كثرة الأصناف في المزرعة الواحدة يسيء لجودة الصنف بسبب تلقيح النحل لهذه الزهور ولذلك نرى كثرة البذور في كثير من هذه الأصناف، مثال مادة الكرمنتينا أصلها ليس فيها بذور، وفي دولة المغرب يمنع زراعة الأصناف الأخرى بالقرب من نوع الكرمنتينا بأقل من 20 -30 كم بينها وبين الأصناف الأخرى لبقائها خالية من البذور وهذه لها أسعار مرتفعة جداً في الأسواق الخارجية لهذا أقول أين نحن من التصدير؟!.‏
وأضاف حمود: الأمر الثاني الذي أود الإشارة إليه هو الغياب التام للوحدات الإرشادية لزيارة حقول الانتاج خاصة الحمضيات.. ففي هذا العام مثلاً يتعرض موسم الحمضيات لآفة /العناكب/ وهي من أخطر أنواع الأمراض التي تصيب الحمضيات ومع ذلك لم نجد تحركاً من الوحدات الإرشادية إلا في حال لجوء بعض المزارعين إلى بعض المهندسين لاستشارتهم في الأمراض التي يتعرض لها موسم الحمضيات والأصناف الأخرى عندها نرى تجاوباً منهم ولكن بعد أن يكون (وقع الفأس بالرأس). ويضيف: من أهم الأمور التي يجب السعي إليها من قبل الجهات المسؤولة لتحقيق النجاح الفعلي في تصدير إنتاجنا الزراعي ولا سيّما موسم الحمضيات الذي بدأ بعض مزارعيه بقطع هذه الشجرة لاستبدالها بالخضار الباكورية وغيرها لتأمين لقمة العيش ما يلي:‏
- دعم الإنتاج من الحمضيات من خلال تأمين المواد الأولية بسعر التكلفة مثل السماد - المبيدات - وأيضاً الكهرباء والمازوت بسعر مدعوم لأنه لا يمكن للفلاح ري موسمه إلا من خلال الأراضي التي تقع في منطقة الري التي ترويها مديرية الموارد المائية أما إذا اضطر لسقاية موسمه من الآبار الموجودة في الحقل والتي تعمل على الكهرباء أو المازوت بالأسعار الموجودة فلا يمكن أن يحصل على معيشته أبداً.‏
- دعم دائرة الخزن والتسويق لاستجرار أكبر كمية ممكنة من الحمضيات والتفاح والعمل على تصديرها للخارج وليس طرحها في الأسواق المحلية لأن هذه التجربة لم تأت بالنتائج المرجوة بل كانت أحد الأسباب المؤدية إلى طرح كمية أكبر في الأسواق المحلية وبالتالي تدني الأسعار.‏
- العمل من خلال الملحقين التجاريين في سفاراتنا بالدول الصديقة لتأمين عقود لتصدير أكبر كمية ممكنة من الإنتاج الزراعي.‏
- لا بد من إيجاد صيغة لنشر ثقافة فوائد عصير البرتقال للصغار والكبار وفي المدارس أسوة ببعض الدول كالصين حيث يجب هناك على كل موظف وطالب أن يشرب كأساً من البرتقال - الكريفون قبل دخوله للدراسة أو العمل.‏
مربط الفرس‏
- وهنا مربط الفرس كما يقول حمود.. لأننا من خلال عملنا في تجارة الخضار والفواكه وعندما يكون مسموحاً إدخال الخضار والفواكه إلى العراق فإن أسعار الخضار جميها تكون بألف خير لأن الأسواق العراقية هي البعد الاقتصادي لسورية ويجب أن يكون هناك علاقة تجارية مميزة مع العراق وبذلك نكفل عائدات مجدية في الزراعة وهذا الموضوع طرح مع أكثر من مسؤول، وفي هذا المجال أيضاً لبنان والقرار الجائر من وزير الزراعة هناك بمنع دخول منتجاتنا إلى لبنان من شهر 6 / 2016 و لغاية 01/02/2017 ما أدى إلى تردي أسعار الكثير من المحاصيل الزراعية.‏
وبالنسبة لاتحاد المصدرين فإنه لم يوفق في تشجيع الصادرات الزراعية.. كما أن اتحاد الفلاحين دوره ثانوي إلا في بعض الاجتماعات والطروحات التي لم تستطع أن ترقى إلى مستوى المهمة. وعلى كل منتج أن يسعى لتحسين مواصفات إنتاجه وتوضيب كل صنف بعبوة مختلفة للحصول على أفضل الأسعار ونحن على اطلاع ومتابعة لهذا الأمر مع الكثير من المزارعين الذين يعملون لتحسين مستوى مواصفات الأصناف المزروعة لديهم. أما غرف التجارة - فكل تاجر يسعى للربح المشروع وأن تجارة وتصدير الخضار والفاكهة هي من أصعب الأعمال حيث يتعرض التاجر للكثير من النصب لأن أكثر التجار المصدرين يرسلون المواد إلى الدول الأخرى بدون عقود مسبقة /يعني بالأمانة/ لذلك يتعرض التاجر في كثير من الأحيان إلى خسائر كبيرة من تلف وتأخير في وصول السيارات إلى الأماكن المرسلة إليها وخاصة في هذه الظروف العصيبة التي يمر على بلدنا الحبيب.‏
مستلزمات أساسية‏
المهندس سهيل الشيخ من مكتب الحمضيات قال: لتسويق الحمضيات بشكل جيد يجب أن تأخذ كل جهة دورها فعلى وزارة الزراعه تأمين مستلزمات الإنتاج والحصول على منتج ذي نوعية خالية من الأمراض والحشرات ويجب على اتحاد الفلاحين وغرف الزراعة تشغيل أموالهم في تفعيل الشركات التسويقية وإنشاء مشاغل فرز وتوضيب حديثة لإيصال المنتج إلى السوق المحلية بمواصفات جيدة وبأسعار مقبولة للمستهلك والمزارع.‏
والبحث عن أسواق خارجية لتصدير الفائض من خلال الفرز والتوضيب الجيد ودعم مالي للمصدرين للمنافسة في الخارج، ونتمنى تسويقاً أفضل هذا العام قبل أن يقلع كثير من المزارعين عن زراعة الحمضيات واستبدالها بزراعات أخرى.‏
مجرد وجهة نظر‏
من جانبه قال المصدّر عدنان ريا: حتى ننجح في التصدير لا بد من تقديم تسهيلات مالية للمصدرين (قروض موسميه) بفائدة مقبولة وتأمين طرق نقل بحرية بمواعيد ثابتة وصادقة - وبأجواء نقل مدروسة - بحيث نصل إلى أكبر عدد من الأسواق، وتأمين وسيلة آمنة وسريعة لتحويل قيمة البضاعة من البلدان التي يتم التصدير إليها، وعقد اتفاقيات تجارية مع تلك الدول بحيث يتم تخفيض قيمة الرسوم والضرائب للحمضيات السورية الداخلة إلى أسواقها..‏
وفي مجال اتحاد المصدرين لا بد من المشاركة في المعارض الخارجية التي تخص هذا المنتج وتأمين أسواق تصريف من خلال لقاءات مع تجار أو شركات تعمل في هذا المجال. ومساعدة المصدرين في تخطي أي عقبة ومراقبة مواصفات البضاعة المعدة للتصدير ووضع شروط مدروسة لهذا الموضوع ومتابعتها بجدية تامة.‏
أما بالنسبة لاتحاد الفلاحين فعليه تقديم الدعم للمنتج بالطرق المناسبة حتى يستمر بالعنايه بشجرة الحمضيات من أجل المواسم اللاحقة. والقيام بالزيارات الدورية والمتابعة الفعلية لمزارع الحمضيات وتقديم الإرشادات اللازمة وتدريب الفلاح المنتج على كيفية التعامل مع الثمار المراد تصديرها من خلال جولات توضيحية أو منشورات توزع على المنتجين. وعلى الفلاح المنتج المشاركة في إنجاح عملية التصدير والمنافسة في الأسواق الخارجية (من خلال تقديم الثمار الممتازة الخالية من أي أثر لمواد كيماوية أو مبيدات) والعمل بآلية صحيحة مع الثمار المراد تصديرها من خلال القطاف والنقل إلى مراكز الفرز والتوضيب. أما المطلوب من غرف التجاره فهو تقديم التسهيلات اللازمة في إجراءات التصدير والتواصل مع غرف التجارة في البلدان التي يتم التصدير اليها لحل أي مشكلة يتعرض لها المصدر وأيضاً التواصل المستمر مع المصدّر لمحاولة تخطي أي عقبة في طريق التصدير.‏
المطلوب من الحكومه‏
مضر أسعد رئيس اتحاد فلاحي طرطوس ذكر أن متطلبات النجاح في التصدير عديدة أبرزها:‏
1- وضع كافة الآليات التي يمكنها نقل المحصول من الساحل إلى المناطق الآمنة وذلك لتخفيف أجور وأعباء ومشكلات النقل والطريق.‏
2- إلزام الوزارات المستهلكة باستجرار عقودها من مادة الحمضيات من الفلاحين مباشرة لكسر دور الوسيط والتجار وخاصة وزارت الصحة والدفاع والداخلية‏
3- العمل على استجرار عقود خارجية من الدول الصديقة لتصدير قسم من الإنتاج.‏
4- الطلب من السفارات في الخارج دراسة الأسواق لتسهيل إمكانية تصدير المنتج المحلي إلى أسواقها.‏
5- وقف استيراد المكثفات العصائرية والمشروبات التي تغزو الأسواق وتؤثر على سوق الحمضيات.‏
6- تفعيل دور المؤسسات العامة ذات الصلة ومتابعتها وتقييمها من خلال الحالة التسويقية.‏
7- إيجاد صيغه تلزم التجار والمستثمرين والمستوردين واتحاد المصدرين بالعمل ووضع كامل الإمكانيات لتسويق الحمضيات.‏
8- تفعيل ودعم مراكز التوضيب ومنحها القروض اللازمة.‏
9- ايلاء دور مهم للدعاية والإعلان وتوضيح أهمية الحمضيات وتدريس مواد في الجامعات والمعاهد الزراعية تعنى بعملية التوضيب والفرز وإبراز المنتج بأحسن حالاته.‏
أخيراً‏
نأمل من كافة الجهات المعنية بالإنتاج الزراعي والتصدير الاستفادة من الآراء المطروحة ووضع الآليات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ حتى تحقق النجاح المطلوب في تسويق الحمضيات وتصديرها.‏