التشكيلي برهم العوض..ملامح الوجوه بين الواقع والخيال

التشكيلي برهم العوض..ملامح الوجوه بين الواقع والخيال

ثقافة

الأحد، ٨ مارس ٢٠١٥

ريم الحمش

 استضافت الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون معرضاً للفنان التشكيلي برهم العوض في قاعة المعارض بعنوان: أبعاد إنسانية.
يأتي المعرض بمنزلة رسالة بأن الحياة في سورية مستمرة وأن الجانب الثقافي والفني يتواكب باستمرار مع جميع أنشطة الحياة فيها.
ضم المعرض /18/ لوحة بأحجام مختلفة يتجلى فيها انتماء الفنان للوطن، للأرض، للتاريخ، وللهوية السورية، حيث غاص فيها مستمداً منها رموزه ومفرداته التشكيلية. فملامح وجوهه وشخوصه تصرخ بصمت رغم المعاناة التي تمر بها البلاد، تحمل في مضامينها قدرات إبداعية لافتة، فاللوحة لديه تعتبر المساحة اللامحدودة للإفاضات الجياشة، ولبث الكثير من الهموم والمشاركات الإنسانية.. حيث تحتمل لعدة محاور وتفاسير في تجسيد المرحلة والتأقلم لتواجد المؤدي بتفاعلها، سكونها، حرارتها، برودها، وتعطيها الاتزان في الأداء والمعنى لتكون أخيراً التواصل بما حولنا بجدية مفعمة بالحيوية.
تنوعت البروتريهات التي قدمها بين وجوه أنثوية وأخرى ذكورية، بما يجعلنا نتعرف على البعد الإنساني من خلال وجوهها البشرية التي لا تعرف الزمن وتنظر بدهشة وأمل إلى المستقبل، فمنح المرأة صوتاً خاصاً بها يصدح من بين تموجات الألوان ليعلن حضورها القوي والفعال في المجتمع إلى جانب الرجل، فهو بذلك لا يفصل المتلقي عن الواقع الإنساني، إنما يمسك بجوهر هذا الواقع ويبلوره.
يعطي العوض للبورتريه هالة روحية وعمقاً وجدانياً كبيراً في الشخصية المرسومة وكأنه يتعمد الذهاب بعيداً برؤية المتلقي.. إلى ذلك الحنين في صناعة الوجدان، ليختزل فيه حالات تعبيرية مكثفة، ملامح لا يتعمد تجميلها، ولا حتى مقاربة ألوانها, حاول من خلالها رصد أحاسيس النفس البشرية والانفعالات الحقيقية التي قد يحاول صاحب البورتريه إخفاءها، فهو كما يقول: يتعامل مع الوجه كمادة خام يقوم بالعبث بها بريشته كمبدع، وهو على دراية بما تؤثر هذه الصياغة في حساسية المتلقي من خلال التعبيرية العالية التي يفرضها التوازن اللوني ودرجاته وفق معيار أسلوبه الخاص لافتاً إلى أن هواية رسم البروتريهات لها ريشة خاصة وألوان تختلف من فنان لآخر، فلكل فنان له أسلوبه المميز.
 حملت اللوحات عناوين متنوعة ضمن إطار البعد الإنساني مثل لوحة وجه أبي كما وجهي جسد فيها الفنان لحظة وفاة والده، ولوحة أخرى لامرأة تتحدى الزمن تحت عنوان حتى الزمن أما اللوحة الأبرز فكانت التي حملت عنوان حكاية دمشقية تتمثل فيها تلك الفسيفساء الحياتية التي تتباهى بها بلادنا بكل مفرداتها وتفاصيلها لافتاً إلى أن الفن هو ترجمة مشاعر الفنان وهو يعكس ما يحدث بداخله وبالتالي فإنه من الطبيعي أن ينعكس في الفن فمطلوب من الفنان المشاركة والتقديم كل ما هو جميل لوطنه.
حرص الفنان على الجمع بين قوة اللون والحركة والتعبير في العمل، فغالباً ما يميل إلى استخدام الألوان القوية والحادة في العمل، مشحونة بعاطفته فيبث شعوره في جرات الفرشاة وفي سحبات الخطوط، تقطع وتوصل، وللألوان وحيها وإشاراتها، عبر الأغوار الضيقة، تخترق الأسهم العابثة عالماً مجهولاً وتتلذذ وتتحسس حافة الشطآن، لتحكي أسطورة الألوان بكل إجلال ليتفتت الضوء ويقترب الأحمر القاني من الأسود المتنكر ومن حافة الأزرق أو الأحمر الخالص، فجاء اللون ليجمع بين المرئي والفكرة في أحضان العاطفة، والخيال والتجريب ليسمو إلى مستوى الجمال، وكانت هديته المميزة لدار الأسد لوحة جدارية بقياس كبير تعبر عن الأحداث والآلام التي تمر بها سورية، حيث تم تنفيذها داخل الدار وبشكل مباشر أمام الجمهور بتقنية الإكريليك على القماش مع إضافة بعض المواد إليها.
الفنان برهم العوض من مواليد عام 1965 وخريج كلية الفنون الجميلة عام 1989 ولديه العديد من المعارض المشتركة والفردية داخل سورية وخارجها وأعماله من الأيقونات مقتناة في عدد من كنائس سورية ولبنان.
عالمي...
شفافيات: ورق وزجاج... للأميرة وجدان الهاشمي

 أقيم في المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة معرض تشكيلي للأميرة وجدان الهاشمي, وذلك ضمن سلسلة المعارض التشكيلية التي أقامتها سمو الأميرة وجدان في الأردن والبلدان العربية والأجنبية والتي اتسمت بذلك المستوى الجمالي الرفيع حيث استطاعت أن تضع بصمتها الخاصة المدعمة بجهدها الأكاديمي والمعرفي في تلك الإبداعات.
تنتمي أعمال وجدان إلى الفن المعاصر وهي تستخدم مفردات من الموروث العربي الأصيل في كثير من اشتغالاتها التشكيلية بداية من الحرف في اللغة العربية مروراً ببراعتها في رسم المناظر الطبيعية والصحراء ووصولاً إلى المنحى الصوفي ودلالاته البليغة وفي جميعها توظف تقنيات وأساليب فنية متنوعة عن علم وفهم ودراسة مستخدمة معاني الحب والوجد لدى ابن عربي وسواه من المتصوفين القدماء وأعادت تشكيله في رسومات ومنحوتات على الزجاج الملون والورق الشفاف.
وقالت الأميرة وجدان : إن اختيارها الحرف العربي تيمة للمعرض يأتي لكون الحرف العربي من المفردات والعناصر الرئيسية في التراث العربي والإسلامي إضافةً لتعدد استخداماته في الحياة اليومية, وأضافت: إنها استلهمت مادتي الزجاج والورق الشفاف كعنوان للمعرض يجيء من معايشتها لهاتين المادتين ومعاينتها لاستخداماتها المتنوعة في إيطاليا. حيث أضافت لهما ورق الحرير الياباني وأوراقاً مصنعة يدوياً من الصين وفيتنام وتايلاند والهند وشكلت منها مجتمعةً تنويعات تضيف للحرف العربي أبعاداً جمالية وتكوينية
وجدان الهاشمي واحدة من أبرز الأسماء اللامعة في المشهد التشكيلي الأردني والعربي والعالمي وعملت على تأسيس المتحف الأردني الوطني للفنون الجميلة عام 1979.