"تعادل سلبي" مجموعة نثرية لـ عائدة المحمد..مدّ وجزر.. وانعطافات!!

"تعادل سلبي" مجموعة نثرية لـ عائدة المحمد..مدّ وجزر.. وانعطافات!!

ثقافة

الاثنين، ١٦ فبراير ٢٠١٥

محمد خالد الخضر
"تعادل سلبي" مجموعة نصوص نثرية متباينة من إصدار الهيئة العامة السورية للكتاب تختلف في المعاني والمضامين والمستوى الفني، يغلب عليها النزعة الأنثوية الخاصة التي تنطبق على أغلب النساء في حالات معينة. تحاول الكاتبة أن تحافظ على مستوى المجموعة إلا أن الحالة العاطفية كان لها الدور في إلحاق تفاوت بنيوي بالنصوص.
في نصها "كي أستعيد جموحي" حاولت الأديبة التوازن بين طغيان الصورة وبنيان الألفاظ فتمكنت من تحقيق ما اشتغلت عليه إلى حد يمكن اعتباره منطقياً رغم انفلات العبارات في بعض المفاصل، نقرأ:
اهجرني ولو قليلاً
كي أكتب شعراً
يعوزني الفقد
ووحي الفراق
مكبلة بسلاسل الأمان
ينقصني الضياع
أعيش مع دفء احتوائك
فتنقر طيور الشوق
ألهث خلفها... وتغريها مواسم الرحيل
برغم تدافع الصور وانسياب المشاعر إلا أن عبارة /مكبلة بسلاسل الأمان/ أحدثت شيئاً من الخلل في عالم القصيدة الشفاف الذي رصد اندفاعات عائدة الداخلية أمام حالتها الشعورية.
في حين لم يبق المستوى الفني عينه في نص "حتى الهداية" عند الشاعرة المحمد  ولاسيما بعد انطلاق الحالة التي تراجع مداها التعبيري وإن كان قد حافظ على عاطفته وانسيابها وبدأت التراكيب تنعطف إلى حد المقالة العاطفية كقولها:
قالت : شمعة وزجاجة تكفي
للوصل خمرته
ولنا ضياء تعيا النجوم بحمله
سنعلم الشمس السطوع ..
ونعلم القمر
كما لوحظ تنافر الخلجات النفسية الشعورية التي تنتاب الكاتبة، مسبّبةً اختلاف الحالات النفسية ما دعا إلى اختلاف المواضيع، ما يدل على عدم نضوج الموهبة في خيال الكاتبة وعدم تبني قارئ المجموعة التي أجازها لموقف سليم لأن تشجيع حالات النثر الحديث لا يعني الموافقة على أغلب النصوص،  فالكاتبة تدعو إلى الهجران كما في نص "كي أستعيد جموحي"، ولاحقاً تدعوه للتمسك بها كقولها في نص "تمسّك بي":
لا تفتقد أحداً
إذا ما نسيم عابث مر وأهاج ذكرى
وابقَ على باب الحنين مرابطاً
وتفكر
لا تفتقد أحداً
لقد تنافرت الألفاظ المكونة للتراكيب في المطلع عندما جاءت عبارة /وابقَ على باب الحنين مرابطاً... وتفكر/.
بهذا تكون العبارة الثانية بريئة من سابقتها ويكون حرف العطف عبئاً ثقيلاً على ربط العبارتين المتنافرتين كما أقحمت كلمة /تفكر/ لتنفلت العاطفة عن اتجاهها البنيوي.
أما الصورة فتمّ تشكيلها بنضج مرتبطةً بما بعدها، لتأتي الصور بشكل مترادف مختلف البينة والمعنى وقد لا تؤذي هذا الشكل الفني في أغلب الأحيان فيبقى محافظاً على أغلب جمالياته كما في نص إلا أنت كقولها:
عندما يسير قاربي وحيداً.. إلا من العزلة.. وريح عمياء تحاصره
حيتنان جوعى تنتظر السقوط.. كل الشطآن قد تكون ملاذي إلا أنت
وفي أحيان كثيرة تتباعد الصور وتختلف ألوانها ومكوناتها التشكيلية كقولها في نص "حوار الأصابع":
عندما يبتسم وعدك... تهطل الأحلام
أشعل قناديل الوقت... وأعد قطرات الزمن المشلول
أحثه... ويمنع.
وتسير النصوص على نفس الوتيرة كأن قارئ المجموعة لا يرغب أن يضع ملاحظات لخدمة منظومة الحداثة؛ وبالفعل أنا معه، لكن أحيطه علماً ونفسي الأمارة بحب الوطن، أن الحداثة لا تمر على الذائقة السورية ما لم تكن مكتملة الجوانب فمن جاءته فرصة لفعل شيء عليه أن يحذر لأن التاريخ لا يرحم وبنفس الوقت يمكن للمؤلفة أن تراجع بعض النصوص فتصبح المجموعة في حالة الدهشة لأنها تمتلك موهبة الكتابة ومعرفة استخدام الألوان والتشكيل الجميل.