المدير العام لدار الأسد للثقافة والفنون جوان قره جولي:لدينا مواهب كثيرة.. أتمنى لو كانت دار الأوبرا مؤلّفة من عشرة مسارح وأكثر...

المدير العام لدار الأسد للثقافة والفنون جوان قره جولي:لدينا مواهب كثيرة.. أتمنى لو كانت دار الأوبرا مؤلّفة من عشرة مسارح وأكثر...

ثقافة

الخميس، ٢٢ يناير ٢٠١٥


الأزمنة| خاص
"أتمنى في يوم من الأيام أن أكون موسيقياً وأتمنى أن أكون عازف عود أيضاً" بهذه الكلمات يكتفي جوان قره جولي المدير العام لدار الأسد للثقافة والفنون بالتعريف عن نفسه. رغم حصوله على أعلى الشهادات والجوائز إلا أنّه يؤكد أنّ المناصب لا تعنيه ولا الشهادات أيضاً. درس في المعهدين العربي والعالي للموسيقا في دمشق وتخرج بمرتبة امتياز، وشهادة في الفلسفة الموسيقية من كاليفورنيا. شهادة دورة تخطيط إستراتيجي. عدد كبير من الحفلات وجوائز كثيرة. له دور بارز في تأسيس المعاهد الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة في المحافظات عندما كان مديراً للمعاهد الموسيقية السورية، ومعهد صلحي الوادي للموسيقا. تدرب على يد أشهر عازفي العود العرب والأتراك والأذربيجانيين في العالم وقام بورشات عمل كثيرة منها: ورشتا عمل مع عازف السيتار الهندي ديبوجي تشاودري «الأب الروحي للموسيقيين في الهند»، وورشة عمل مع فرقة الطبول اليابانية، وورشة عمل مع الفرقة اليونانية الشعبية «في مهرجان دول البحر الأبيض المتوسط". وقره جولي.. عازف منفرد في الفرقة السيمفونية الوطنية السورية وأوركسترا البحر الأسود لموسيقا الحجرة في استنبول. عزف في عدة دول أجنبية وعربية. ومعه كان لـ "الأزمنة" الحديث التالي:


نتحدث عن المشكلات التي تعترض دار الأسد للثقافة والفنون؟.
في الحقيقة هي مشكلات متراكمة منذ سنوات وتقسم إلى مشكلات تقنية وإدارية وفنية. بعض المشكلات التقنية تتعلّق بالمسارح، فخلال أربع سنوات لم تخضع لأية صيانة، في الوقت الذي من المفترض فيه أن تكون الصيانة سنوية. وهناك أيضاً مشكلات تتعلّق ببعض الأجهزة التي تشغّل الدار مثل أجهزة الإنذار وإطفاء الحريق ومقاسم الهاتف والمولدات ومشكلاتها قليلة مقارنة مع غيرها. وما سبق هي مشكلات تقنية بحتة ولا علاقة لها بظروف الأزمة كما يدّعي البعض. أما المشكلات الإدارية فبكل بساطة يمكن القول إنّ هناك فوضى إدارية متراكمة منذ سنوات تتمثّل بالدرجة الأولى بوجود أشخاص موظفين في الدار في مواقع غير اختصاصهم، فليس من المعقول مثلاً أن يُسلّم فئة ثانية مكان فئة أولى والأخير يجلس جانباً. تمكّنا من حلّ ثمانين بالمئة من تلك المشكلات، إذ أعدنا ترتيب المواقع بحيث يستلم كل شخص في الدار موقعه بناء على شهادته وإمكانياته واختصاصه. أما بخصوص المشكلات الفنية فهي مرتبطة بالإدارة المالية لموازنة دار الأوبرا بحجة التقنين وضبط النفقات لدرجة أنّ فناني الصف الأول باتوا يعتذرون عن قبول الدعوات لتقتصر على فناني الصف الثاني والثالث. إذ تمّ في السنوات الأخيرة منع بعض الفنانين ومن بينهم أنا قبل استلامي إدارة الدار، من دخول الدار بحجة أننا غير مقنعين فنيّاً بالنسبة لبعض الإدارات؛ علماً أنّ المدير السابق للدار هو الذي أعادني إلى الدار وبذل جهداً كبيراً لذلك. فدار الأسد للثقافة والفنون هو مكان ثقافي ولا يجوز وتحت أي ظرف أن يُمنع فنان من دخوله بسبب موقفه حتى لو كان هذا الموقف سياسياً؛ فأنا مع الخلاف في الاتجاه الفني والفكري والسياسي وكل شيء؛ وتحديداً في الفن، الأسود بنفس جمالية الأسود والعكس. مثلاً أنا كعازف عود قبل استلام الإدارة وبصراحة كنت أتحزّب لعازفي العود وهذا منطقي جداً، لكن حالياً من الطبيعي أن أتبنى جميع أنواع المدارس وأنواع الموسيقا والعازفين، هذا واجبي كمسؤول وليس لي منّة على أحد.
على الأرض ما هو دور دار الأسد للثقافة والفنون في موضوع الوحدة الوطنية؟.
يمكن الإجابة عن هذا الطرح من جانبين اثنين، الثقافة من جهة وأوبرا دمشق من جهة ثانية، الثقافة هي السلاح الوحيد للدفاع عن تاريخ وحضارة هذا البلد. وإذا أردنا أن نعرف قوة حضارة نرجع إلى تاريخنا، الثقافة هي من تدافع عن التاريخ. نسأل ما هو المكان الذي يمثل الثقافة السورية؟ بشكل كبير وأمام الداخل والخارج يمكن القول بأنه دار الأسد للثقافة والفنون. هي أيقونة تضم كل التاريخ اللي تحدثنا عنه؛ بمعنى ما أنّه عندما يزور سائح سورية ويريد أن يعرف عن تاريخ سورية عليه أن يزور دار الأوبرا، وإذا أراد أن يتعرف على المتاحف يذهب إلى وزارة الثقافة وهكذا.. وللعلم قدّمت في سورية في الستينيات باليه من تأليف سوري وستعرض في الدار نهاية العام الحالي، وقد تمّت استعادة هذه الباليه "ديك الجنّ الشاعر العاشق القاتل" التي تخصّ المؤلف الموسيقي المرحوم مطيع المصري؛ بعد أن فقدت أعماله إثر وفاته ولم تُسترجع إلا لاحقاً بمساعدة الموسيقي أحمد بوبس الذي تمكّن من جمع كثير من مؤلفات المصري ومن بينها كانت هذه الباليه.
برأيك لماذا هناك موسيقيون سوريون لم يأخذوا حقهم داخل البلد ولم يظهروا إلى دائرة الضوء؟
أحياناً تكون الإدارات هي السبب وأحياناً يكون الشخص ذاته لديه مشكلة في التواصل فالتسويق الإعلامي أمر مهم للغاية وأحياناً الحظ وأحياناً أخرى الظروف التي نعيش فيها. بإمكاننا أن نذكر حوالي أربعين اسماً لموسيقيين ومغنين سوريين ومصريين على الأقل بذات أهمية إن لم أقل أهم من أم كثوم وكانوا معها بنفس الفترة. حتى يتمكن الفنان من تقديم شيء مهم من الضروري أن تكتب عنه الصحافة ويتحدث عنه الإعلام، وحتى تكتب عنه الصحافة يجب أن يدعوها، مثلاً تتم دعوة مئة يحضر عشرة ويكتب خمسة. لكن جزءاً من الفنانين يغفل هذا الجانب.
هل يوجد لدينا نقد موسيقي فعلاً؟
أتمنى ذلك!!. وأتمنى أن تُخصص في مجلتكم وكل المطبوعات صفحة تهتمّ بالنقد الموسيقي البناء وليس المهين.
كيف يمكن أن نحافظ على سوية المنتج الفني المقدم وفي نفس الوقت تقديم مشروعات الجيل الشاب سواء الموسيقية أم الشعرية؟
لاشك أنّ هناك بعض الأمور قدمت في المهرجانات كانت نتيجتها غير مرضية وهذا شيء طبيعي. لكن بالنهاية عندما يأتي شاب عنده مشروع موسيقي ومن خلال الخبرة الموسيقية يمكن التماس بذرة فنية أطلع على المشروع وبالمقابل أطلب رأي زملاء موسيقيين موثوقين ممن هم فعلاً ينقدون حتى أنفسهم وعملهم.
وهل يمكن القول إنّه يوجد لدينا في سورية الآن جيل موسيقي شاب أو شعراء شباب؟
طبعاً يوجد. ففي مهرجان الشعر كان لدينا ثلاثة وعشرون مشاركاً من الشباب وكثر ممن أتوا من بقية المحافظات ليقدم قصيدة واحدة. فالاختبار الشعري يقول إذا كنت شاعراً فعليك أن تقنع الجمهور بقصيدة واحدة. الاختبار الموسيقي يقول أقنع الجمهور بدقيقة، فإذا كنت غير قادر على السيطرة على الجمهور خلال دقيقة واحدة أو دقيقتين فأنت لن تكون قادراً على ساعة كاملة.
نتحدّث عن برنامج أوبرا دمشق في الأشهر القادمة؟
ستكون هناك معارض تشكيل يرافق كل معرض ورشة عمل كاملة، إضافة إلى عروض سينمائية ومسرح راقص وباليه في نهاية 2015. وسيكون هناك عرض كامل لأبي خليل القباني رائد المسرح الغنائي، والذي طوال كل هذه السنوات لم يقدم عمل كامل عنه؛ فما قُدم مجرد مقتطفات أو شيء عن أبي خليل القباني. وسيكون أيضاً ضمن الخطة البرمجية لعام 2015 مسرح غنائي راقص وهو عمل عن تاريخ سورية سيقدم في عيد الجلاء ضمن احتفالية ضخمة جداً بإشراف الفنان ممدوح الأطرش. إضافة إلى حفلات الفرقة الوطنية السيمفونية وحفلات لأوركسترا ماري لتقدم رسالة تقول إنّه في سورية نساء مبدعات.
لدينا مشروع فني شعري أدبي وفيما يخص الشعر تحديداً فهناك مهرجان للشعر بالتعاون بين دار الشرق للطباعة والنشر –مجلتي الأزمنة والباحثون، مع الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون... في كل دولة في العالم يوجد جائزة للشعر باسم شاعر كبير. وسيكون لدينا هذه الجائزة قريباً وسنترك الكشف عن التفاصيل لاحقاً. وأيضاً لدينا مشروع "معاً إلى سورية" مشروع فني ثقافي يسجّل لوزارة الثقافة وهي فكرة السيد الوزير عصام خليل، وإدارة الدار مكلّفة بالإشراف الفني عليه؛ يحكي ويتماشى مع الوحدة الوطنية وأكثر من المصالحة، ففي وزارة الثقافة نتبنى ثقافة المصالحة. سيكون في خمس محافظات اللاذقية حماة حمص السويداء طرطوس. لكن الفكرة أنّه كان في السابق عند الإعلان عن مهرجان شعري في حماة مثلاً يكون نصف المشاركات من حماة والنصف الآخر من دمشق. لكن الآن ألا يحق لابن طرطوس أن يقدم في حماة وابن حماة أن يقدم في السويداء وهكذا. سيكون 45 حفلاً يبدأ في الخامس والعشرين من الشهر الحالي وينتهي في العاشر من الشهر السادس. بين كل حفل وحفل سيكون من أسبوعين أو ثلاثة حتى يعطى الوقت للتسويق للحفل الآخر والإعلان عنه.
وهل فعلاً لديكم كوادر فاعلة كافية؟
سورية بتخوّف. لدينا مواهب كثيرة. كنت أتمنى لو كانت دار الأوبرا عشرة مسارح وأكثر، لدينا ضغط هائل بخصوص المشاركات.
وماذا بخصوص النقص في كوادر الموظفين؟
في الدار ثمانية وتسعون شاغراً من الكادر الإداري، الشواغر متوفرة. أرفع صوتي عالياً وأتمنى من رئاسة مجلس الوزراء أن يتكرموا علينا في توفير العدد حرصاً على هذه الأيقونة الثقافية في سورية..
ماذا عن الخدمات الموجودة في الدار؟
إحدى أساسيات عمل الدار هي دعم الاقتصاد. الريع المالي من الحفلات غير مجدٍ طبعاً. فمن غير الممكن أن نطلب من شخص ألفي ليرة سعر بطاقة مثلاً. عملياً ريع الحفل 150-200 ألف لكن فعلياً تكلف الحفلة ما يقارب مليونين، وهذا شيء معروف من تاريخ تأسيس الدار وهو متوقع. كل شيء يعطي مردوداً مالياً إلا الثقافة تحتاج إلى تمويل. لكن هناك أموراً أخرى تدعم الاقتصاد وتدعم الهيئة العامة للدار واقتصاد البلد أيضاً مثل المطاعم الموجودة في الهيئة والمنشأة منذ بناء الدار ومجهزة بالكامل، ودفتر الشروط أصبح جاهزاً تقريباً وخلال أيام سيتم الإعلان عنه. ويوجد في الدار أكثر من خمسة عشر مكاناً مهيأ أن يكون استثمارياً ويحضر ريعاً مالياً كبيراً ويذهب هذا الريع إلى الخزينة العامة للدولة وليس إلى دار الأوبرا.
خلال أسبوعين ستكون التجربة الأولى لحجز بطاقات الدار من خلال خدمة الموبايل، إذ يتم فتح حساب في الدار بالمدة التي يختارها الزائر. بكل بساطة عن طريق الموقع الالكتروني يتمّ الدخول إلى المسرح واختيار المقعد وحجزه وقبل الحفل بربع ساعة يتم الحصول على البطاقة مطبوعة.
ماذا عن مجلس أمناء الدار؟.
المجلس مرتبط بالمناصب وهو أعلى سلطة في دار الأوبرا وصاحب القرار الأول والأخير. رئيس مجلس الأمناء هو السيد وزير الثقافة. الأعضاء هم المدير العام للهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون، عميد المعهد العالي للفنون المسرحية، عميد المعهد العالي للموسيقا، مدير عام المؤسسة العامة للسينما أي المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة؛ هذا الجانب الإداري أو القيادي. أيضاً يضمّ مجلس الأمناء بعض الشخصيات الاعتبارية الفنية أو الاقتصادية وهذا شيء مهم جداً. فنحن هيئة لها جانب اقتصادي استثماري، فمن المهم أن يضمّ المجلس أعضاء من الأسماء الاقتصادية الموجودة في البلد. هم أعضاء يقدمون الرأي الاستشاري، مثلاً عندما أريد أن أبدأ بمشروع ما مثل مشروع مطعم تتم استشارة رجل أعمال يفهم في الأمور الإدارية والاستثمارية تحديداً؛ وقد طلبنا من عدة أشخاص ونرغب بالحصول على موافقتهم ليكونوا معنا في مجلس الأمناء ومن بينهم الدكتور نبيل طعمة. أحلم بيوم من الأيام أن يدخل الجمهور إلى دار الأوبرا ويرى كل الموظفين باللباس الموحد بالكامل، لكن في القانون الداخلي للدار لا يوجد مادة تقول إنّه من المفروض أن أشتري لكل الموظفين بدلات مثلاً.. وهذا من الممكن أن يقدمه أحد رجال الأعمال مثلاً وهو عضو في مجلس الأمناء. ونحن قلنا في كل حفلاتنا يومها أنّ لباس دار الأوبرا تقدمة فلان. الهدف دعم الثقافة ودعم الاقتصاد والتسويق لأعماله أيضاً. ونتمنى في الأيام القليلة القادمة أن يبصر النور المجلس، فهو يتبدّل كل سنة ويصدر بقرار وزاري.