د. علي القيم.. قامة ثقافية

د. علي القيم.. قامة ثقافية

ثقافة

الأحد، ٤ يناير ٢٠١٥

نبوغ أسعد
إنّ عظمة الإنسان السوري تتمثل بثقافته الشاملة وحضارة بلاده الفاعلة والمنفعلة والصانعة للثورة الزراعية الأولى، وبوعيه أنّ سورية هي ملتقى للحضارات والشعوب وقد أثبتت للعالم برمته أنّها أولى الدول العربية والعالمية في التطور والبناء الشامل للإنسانية والثقافة والطبيعة وبكل ما تحتويه كلمة بناء من معنى.
وكانت قيمة سورية محط أنظار الشعوب الأخرى ومطمعاً للمستعمرين، لأنّ ما قدمته عبر سنين خلت كانت مدعاة للفخر لكل السوريين الذين بنوا يداً بيد هذه الحضارة العريقة فكانت جميع ما تحتويه كلمة فن.. من موسيقا وأدب وثقافة وتاريخ هي إنجازات إبداعية وجهود إنسانية ذات قيمة عالية قدّمها الإنسان السوري لرفع مستوى الفكر الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي في هذا البلد المعطاء.
هذه النظرة العميقة والاعتراف الصريح هي دليل على ما يمتلكه الباحث الدكتور علي القيم من حب خالص لبلده سورية التي نشأ على أرضها وجاور بحرها النقي وسماءها الصافية فغذت في نفسه وإنسانيته روح المحبة والعلم والتمحيص والبحث.. ورغم تخصصه بعلم الآثار فقد كان يرفض بشدة أن يكون هذا التخصص قيداً يمنعه من الخوض في شتى مجالات المعرفة والبحث في سيرة أعلام العلماء العرب.
تسلم مهام كثيرة بعضها - المكتب الصحفي في مديرية الآثار والمتاحف.. وأشرف على المعهد المتوسط للآثار لمدة أربعة أعوام والمعهد المتوسط للفنون الجميلة وكان مدرساً ناجحاً في مجاله وفي عام 1991 عيّن معاوناً لوزير الثقافة ونائباً وعضو اللجنة العليا لإصلاح الجامع الأموي الكبير أما في عام 1998 فقد كان نائباً لرئيس اللجنة الدائمة للثقافة العربية.. وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب وله الأثر الكبير والمساهمة الفعّالة في البحث والتنقيب على الكثير من الآثار السورية فضلاً عن كونه عضو اللجان العليا لمهرجانات دمشق للفنون المسرحية، ومهرجان بصرى الدولي للفنون.
منح درع وزارة الثقافة عام 2011 وحصل على العديد من شهادات التقدير والمشاركة في الدول العربية والمؤسسات الثقافية والهيئات العالمية.. وكتب العديد من الأفلام الوثائقية، التي أنتجتها المؤسسة العامة للسينما السورية والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون نذكر منها أوغاريت ملتقى الحضارة.. سورية والبدايات المسيحية.. من حلب تبدأ الحكاية.. على دروب المدن المنسية وغيرها الكثير.
يكتب المادة التاريخية والآثارية لبرنامج تاريخ وآثار للإذاعة والتلفزيون والبرنامج العام منذ 35 عاماً دون انقطاع.. حاضر في العديد من الجامعات والمراكز العربية والعالمية له من المؤلفات نحو 40 مؤلفاً وآلاف المقالات والدراسات المنشورة في المجلات والصحف السورية والعربية.
يؤكد الدكتور علي القيم أنّ العمل الأثري يبقى الرائد والمنطلق والدافع للكتابة ويجب تسليط الضوء على منجزات الحضارة السورية والفنون القديمة وإبداعات الإنسان السوري لتكون هذه الحضارة مشعلاً لمنطلق حياتنا.
وثبت علمياً أنّ التوزيع الموسيقي كان موجوداً في بلادنا منذ الألف الثاني قبل الميلاد ومما بحث فيه الدكتور علي القيم أنّ الملكة /شبتو/ زوجة زمر لين في ماري على الفرات الأوسط قرب بلدة البوكمال كانت تشرف على مدرسة الموسيقا الموجودة ضمن القصر الملكي في مالي والذي يتألف من 300 غرفة ويعتبر أعجوبة الثاني والثالث قبل الميلاد.. وهناك مدونة موسيقية تثبت أنّ الملك شباط أنليل ملك تل ليلان أرسل إلى ملك أوركيش (تل موران) ليتوسط له لدى الملكة شبتو لتقبل بناته في مدرسة الموسيقا في مالي.
ومن أبحاثه أنّ نينوى المعزوفة الموسيقية وجدت على الرقم المسمارية مع مجموعة من الكتابات التي تتعلق بالموسيقا وطريقة عزفها في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام ووادي النيل وقد جرت عليها دراسات كثيرة من قبل علماء أجانب وتبين أنّ النوتة الموسيقية والسلم السباعي الدياتوني وجد في بلاد ما بين النهرين وفي أوغاريت على الساحل السوري قبل ظهوره لدى الإغريق الذي ينسب إلى فيثاغورث في القرن الخامس قبل الميلاد.. بينما أنشودة عبادة الأوغارتية تعود إلى 1400 قبل الميلاد.
وثبت أنّ الموسيقا في سورية وبلاد ما بين النهرين كانت في المعابد وكانت ذات قدسية يشرف عليها كبار المسؤولين وثبت علمياً أنّ التوزيع الموسيقي كان موجوداً في بلادنا منذ الألف الثاني قبل الميلاد.