بين تاريخ طويس وزكريا أحمد

بين تاريخ طويس وزكريا أحمد

ثقافة

الأحد، ٩ نوفمبر ٢٠١٤

نبوغ أسعد
تمكنت مجلة الأزمنة من زيارة الباحث الموسيقي ناظم انطكلي بحضور ولده شبلي والدخول إلى عوالم مكتبته الموسيقية الزاخرة بكثير من المعلومات والبحوث الموسيقية المنهجية.. والتي تدل على مثابرته واجتهاده عبر سنين طويلة، وتضمنت مواضيع مختلفة تخص الموسيقا والفن، وكثيراً من الأسماء التاريخية التي كان له دور كبير في تنمية الموسيقا العربية وتاريخها العريق، وفي هذا السياق ستعمل الأزمنة على استقراء المكتبة بما تحتويه وعلى أجزاء متتالية.. علما أنّ الباحث المرحوم تحفظ كثيراً ولم يسلم ما لديه إلى كثير من الوسائل الإعلامية وتلبية لوعده لنا تمت البداية.. وسيكون لنا الآن وقفة مع شخصيات فنية تاريخية، ثم ستكون مفاجآت وغرائب حياة الفنانين ابتداء من طويس ومروراً بأم كلثوم وغيرهم.. وصولاً إلى عصرنا الراهن... وإن أول ما نبدأ به نبذة عن حياة طويس الذي يعتبر أول موسيقي ظهر بالتاريخ: هو أحمد بن عبد المنعم عيسى بن عبد الله الدائب وكان مولى لبني مخزوم.. وينسب إلى المدينة إذ نشأ في دار أروى أم الخليفة عثمان.. تأثر بألحان الرقيق الفرس الذين كانوا يعملون في المدينة، وتابع أسلوبهم فكان يمتلك صوتاً شجياً وجميلاً.. وهو أول من غنى في الإسلام بأسلوب متقن وفن مؤثر.. كما أنه أول من ابتكر الأهازيج ولم تسعفه الظروف آنذاك أن يضرب بالعود فكان يضرب بالدف المربع.. حيث اعتمد في ثقافته الموسيقية على الفرس والروم.
إلا أنّ حظ طويس كان سيئاً لدرجة أنه ضرب به المثل بالشؤم فقد ولد يوم وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وفطم يوم وفاة أبي بكر وختن يوم مقتل عمر بن الخطاب وتزوج يوم مقتل عثمان بن عفان وأنجب ولداً يوم مقتل علي وكان مفرطاً بالطول وأحول العينين.. عاش حياته مخلصاً للفن والغناء ومات عام 92 للهجرة.
أما بعد الوصول إلى العصر الحديث وبداية الفن بالتطور تجلت ظاهرة غريبة وهي أن المشتغلين بالفن ولاسيما في القاهرة من مطربين وملحنين من الرجال كانوا شيوخاً أي أتوا من الأزهر مثل الشيخ أبو العلا محمد والشيخ زكريا أحمد والشيخ محمد القصبجي.. فراح النقاد يذهبون في تحليلهم لهذه الظاهرة فوصلوا إلى أنٍّ القرآن الكريم لا يمثل فقط بلاغة العربية بل يحوي موسيقا تظهر خلال القراءة عبر جرسها ورنينها... وحين يرتل القرآن تبدو الموسيقا الشرقية واضحة.. حيث كان يعمل الشيخ زكريا أحمد على ترتيله بشكل خاص ونغم دافئ شفاف.. كان قد اكتسبه بعد أن قرأ القرآن وتعمق في معانيه وموسيقاه.. وبعد أن حفظ الكثير منه على يد والده.. الذي كان يعاقبه كلما انصرف عن القرآن إلى موسيقا أخرى.. ولهذا وصف الشاعر صالح جودت.. لا يقلد أحداً ولا يستطيع أن يقلده أحد.. كما أنه أغرق في اللون المصري ولمع أكثر من غيره في عصر الطقطوقة التي تعتبر لوناً من ألون الغناء المصري كونها بدأت ونمت في مصر.. في حين نشأت القصيدة المغناة عند العرب القدامى.. وطرب الدور تأثر بالغناء التركي ونشأ الموال في بغداد وابتكر الموشح في الأندلس أما المونولوج اقتبس من الغناء الحديث في الخارج ونشأت الأوبرا والأوبريت في أوروبا.. كان من أهم الأغاني التي لحنها لأم كلثوم وكتبها الشاعر بيرم التونسي غني لي شوي شوي على مقام راست في عام 1944 وأنا في انتظارك على مقام الحجاز عام1943 والآهات على مقام هزام عام 1943 أما هو صحيح الهوى غلاب على مقام صبا عام 1960 والأمل على مقام راست في عام1946 والأولى في الغرام على مقام نهاوند عام 1944 وحبيبي يسعد أوقاتو على مقام البيات عام 1943 وحلم على مقام سوزناك عام 1946 وغيرها الكثير.