فاضل زكريا...عوالم تعيد الإنسان إلى الصفاء

فاضل زكريا...عوالم تعيد الإنسان إلى الصفاء

ثقافة

الثلاثاء، ١٩ أغسطس ٢٠١٤

ريم الحمش
artreem@hotmail.com
من وسط الحياة السورية ومن مدينة القنيطرة المحررة ولدت أعماله، وبريشة سورية أصيلة رسم قسمات وجه المواطن البسيط في لوحات تكشف عن سورية الجميلة..في معرض فني ضم 45 عملاً فنياً غلب عليها اللون الزيتي للفنان التشكيلي فاضل زكريا أقامته محافظة القنيطرة في صالة الشعب للفنون الجميلة يظهر فيها حبه لبلده بتعبير إنساني عاطفي مميز.
يخبر هذا المعرض قصة تهيئ روحنا لفرح دائم، ملون ومختلف هذا الفرح الذي لا يزال يشعر به السوريون مع كل معرض يُفتتح، مع كل لوحة تُرسم, فحبّ الحياة والثقافة يطغى على حقد كل من يريد تدمير سورية.
 يعتبر زكريا من الفنانين الذين يعبّرون عن روح وهوية الشعب السوري من خلال لوحاتهم المرتبطة بالبيئة السورية وجمالياتها, حيث عرف عنه في وسطه الفني بقدرته على التوفيق بين اللون والريشة والخيال، يرسم ما يحسه دون أن تقيّده المفاهيم الأكاديمية, فيخرج بلوحات من ذاكرته البصرية ناقلاً صوراً ومجسمات عن عين زيوان والخشنية وغيرها من القرى التي غيّر الاحتلال وجهها, فلم يبقَ لأهلها الذين خرجوا منها وأبنائهم إلا هذه الذاكرة الحيّة عنها.
تنوعت الأساليب التي عالج بها الفنان لوحاته بين الواقعية التعبيرية والدراسات التاريخيّة والاستغراق في الرمز الوطني والسياسي كمواطن عانى النزوح عن أرضه التي أحبها وبقيت تلوح في آفاق معظم أعماله.
يتأنى التشكيلي فاضل زكريا في ضربات فرشاته، إلا أنّه يتجه دائماً نحو مداعبة الخيال دون الخروج عن عقلانية تبرز من خلالها الخطوط العريضة، والرفيعة، والمنحنية لتخلق توافقات انطباعية حارة أو باردة لونياً، تنسجم مع البصر وتتكامل مع الشطحات الفراغية المكللة بشفافية تتنافر مع الكثافة اللونية، والمدلولات الفنية المتناسقة بنائياً، ما يساعد على تشكيل منظور لوني يظهر قيمة القريب والبعيد، وقيمة التآخي البصري بين اللون والشكل والحجم، ساعياً لخلق رؤية ذاتية في بناء لوحته التشكيلي ببساطة بانورامية تشكيلية نابعة من فكر لوني لم يخرج عن المضمون الطفولي المثير للإحساس الإبداعي الذي يقودنا إلى ابتكارات تحويرية متداخلة اندمجت مع مفهوم العين المرافقة لأعماله, تاركاً للنظر نقطة لا يمكن مفارقتها وللتوازنات البصرية جمالية نابعة من وحدة تكونية جديرة بالتأمل لأنها تصل العوالم الإنسانية مع بعضها كعالم الطفولة وعالم الكبار من خلال الصياغة الأسلوبية الزاخرة بالخطوط، واللمسات الواعية, لتضعنا أمام المتلقي بواقعية رسوماته الحالمة بالألوان والفضاءات الشعرية الهارمونية ذات طابع قصصي ناتج عن التفاصيل الفنية والاستراحات اللونية اللاشعورية بحيث تشعر وكأن مفردات وعناصر اللوحة تترنح بصرياً ليجسد من خلال نغماته مقطوعات فنية ثنائية مرتبطة ببعضها البعض من خلال اعتماده على أكثر من لونين في تحديد الشكل، والتكرار المبني على المفهوم الانعكاسي للضوء، والألوان الفاتحة والغامقة والأساسية بكل تدرجاتها، والمركبة بكل اختلافاتها الواضحة في تنقلات الريشة من حركة إلى حركة وسط مساحات محدودة بصرياً ومفتوحة تخيلياً, رافضاً بذلك أي قيود واقعية معاصرة يمكن لها أن تشوه أحلامه الفنية, فتوليفاته توحي بسرد موزون عاطفياً بتكنيك طفولي يحاكي به الواقع والخيال كبوح حالم بعوالم تعيد الإنسان إلى الصفاء بحس فني يتسم بالبساطة، حيث الفضاءات التي نسترجع من خلالها تفاصيل أحلامنا الصغيرة، المنسية خلف خطوط منحت المتلقي الوعي الروحي ليستدرك هوية كل مكان مازالت تفاصيله في ذاكرته، وخاصية الألوان المشرقة التي يستخدمها في لوحاتها المشحونة ذهنياً بحركة الخط المتحرر من قيود المساحات المفروضة على نسيج اللوحة الأبيض.
 فاضل زكريا من مواليد عام 1938 قرية عين زيوان المحتلّة التابعة لمحافظة القنيطرة، وعضو في نقابة الفنون الجميلة, كما يعدّ من الروّاد الأوائل الذين أسهموا بتأسيس فرع القنيطرة لنقابة الفنون الجميلة.
عالمي...
قصص وتواريخ في معرض روسيا بالألوان
مشاهد من الماضي متباينة في موضوعاتها، لكنها تشترك في عكس ملامح الحياة في المجتمع الروسي خلال الفترة من القرن الثامن عشر ولغاية عام 1970, لمعرض اللوحات الملونة الأولى الذي يشرع أبوابه أمام الزوار في غاليري الرسامين في العاصمة البريطانية لندن.
140 عملاً فنياً تحمل تواريخ بروز اللون كعنصر فاعل يضفي التشويق على اللوحة الفنية، وأيضاً كيف أفلح رجالات السياسة في استخدامه وتوظيفه عبر أجندات دقيقة, أما الجزء الثاني في المعرض، والمعنون ثورة اللون فنجد فيه أعمالاً جاذبة، مكسوة باللون, وتتصف بالتنوع والجاذبية وتبرز آليات تحكم من السلطة السياسية، بطبيعة الأعمال الفنية وتوجيهها, ومن بين أبرزها صورة مؤرخة بالعام 1930، يظهر فيها جنود من الجيش الأحمر بزيهم العسكري وبعتادهم، وطبعاً اللون الرئيس فيها هو الأحمر, كذلك يشتمل على مجموعة لوحات وصور باسم ستيفانوفا، ومن بينها لوحات تمجد النهج الشيوعي العام وتشيد بلينين ومنجزه ويشرح القسم نفسه أيضاً، كيف غلبت سمة الجدية على مسافات الفن في البلاد أثناء عهد ستالين, بالإضافة إلى رصد ملامح نساء جميلات وتوظيف ذلك بمنحى إيديولوجي، كما هي لوحة لفنان يدعى روتشينكو، ترصد وجه فتاة بشعرها الأشقر المتماوج على صفحة وجهها, ومن بين اللوحات، عمل يعود إلى العام 1949 للفنان إيفان شاغين، يرصد سلال فاكهة تفاح وعنب، ويبقى البارز في هذه اللوحات ما تشرحه بجلاء عن مضامين الحياة المجتمعية، وأزياء الناس وتقاليدهم.