فلورا شاهين تحاور الإسمنت بلمسات ناعمة

فلورا شاهين تحاور الإسمنت بلمسات ناعمة

ثقافة

الجمعة، ١ نوفمبر ٢٠١٣

ريم الحمش
 artreem@hotmail.com
يختلف فن النحت عن باقي الفنون التشكيلية، فهو من الفنون التي يمكن إدراكها عن طريق اللمس والحركة المجــسمة، ولا يتعامل النحات مع الأشكال المسطحة مثل فن التصوير وإنما يقدم أشكالاً مجــسمة ذات أبــعاد ثــلاثية، وفــيه يشــكل الفنان عمله بيديه التي هي أقدر الوســائل لنقل الحس الفني العالي فتتصل المتعة الفنية بجميع حواسنا ومداركنا.
عندما نتأمل ما أنتجته النحاتة فلورا شاهين من مجسمات عبر رحلتها الفنية القصيرة  نرى أننا أمام أعمال ترتكز بشكل أساس على الأرض والمرأة والخصوبة والعشق الجميل فظهرت هذه الشخوص برؤية جديدة تتميز بانسيابها وليونة حركتها و بثراء ما تحمله في داخلها من عواطف نبيلة, كما تتميز بعلاقة متبادلة ما بين الكتلة والفراغ حيث نستشعر فيها استمرار الشكل في أعماقها فهي تتعامل مع مادة الإسمنت وخامة البوليستر كأنها عجينة تقوم بتطويعها كما تريد حواسها لتؤسس في النهاية شكلاً إبداعياً يبحر في أغوار النفس البشرية.
تقول الفنانة فلورا شاهين خريجة كلية الفنون الجميلة لعام 2008 قسم النحت: أحببت فكرة التشكيل بالإسمنت كخامة جديدة في بناء العمل النحتي.. هي محاولة للعب على الخامة وإعطائها بُعداً فنياً بما يخدم الفكرة الفنية، وكسر الطريقة المحددة التي تربطنا بهذه المادة من خلال لعبة الفن، بالنسبة لعملي فقد قمت بالمزاوجة مابين السطوح القاسية التي تتميز بها مادة الإسمنت وجسد الأنثى بكل تعبيراتها الجمالية.
لذلك نجد فلورا بفائض من قيمة كونها امرأة ذات هم جمالي من طراز خاص، باعتقادي  أنها أمام مواجهة مستمرة في ترسيخ معتقداتها وتطلعاتها المتمردة ، ولكن بهدوء.. اتزان.. سعة تأمل.. وتوحد ذهني تام مع الذات والمحيط الذي تحيا فيه، بغية الظفر بقيم توريد نوازع الحداثة التي تسكن أعمالها، وبما يوازي ثقة مفاهيم وعيها في استنطاق مفردات الصمت، وبما ورائيات ذلك النوع من الصمت المأهول بالأصوات وفق مقاسات التعبير البصري النفسي الحسي والحدسي معاً، هذا بالإضافة إلى الظل والضوء الذي تؤلفهما الفنانة باعتبارهما عنصرين مهمين من أجل كشف الشكل والكتلة من خلالهما؛ حيث اعتمدت على أحاسيسها وخبرتها النحتية في أنواع الحجر الذي يعتمد عليه في الأساس فن النحت؛ إلا أن ذلك لم يكن الحقيقة الداخلية التي تبحث عنها فلورا، فالحقيقة الداخلية قد كشفت عنها في الخط وفي حاسة اللمس وهكذا يكون للمس الأولوية في الإثارة، وهي إحساسات لمسية أما بالنسبة للخطوط في تماثيلها فهي تحدد المساحات المفرغة، فتتوارى الكتلة فلا تحسّ لها وجوداً، ورغم ذلك لا نشعر بسقوط الشكل، وبذلك تكون الفنانة قد أبدعت تماثيلها على شكل تصميمات جمالية بلغة تعبيرية تحمل مضامين ورؤى جديدة تحاكي القلب والروح.
 
مشغل شغل وفن
تنفذ النحاتة فلورا بعض أعمالها في" مشغل شغل وفن" والتي تصف تجربتها فيه بأنها ناجحة، فالمشغل يقدم المكان المناسب لتبادل الخبرات والتعارف والاستفادة من تجارب الآخرين في مجال النحت، مع عدد من الفنانين مما يشكل لدي حافزاً ومساحة جديدة لخلق أعمال فنية جديدة, ويمكن لهذه الأعمال  فيما بعد أن تعرض وتزيِّن الأماكن العامة في بلدنا.