مملكة الفساد بين أنطوني توماس ونجدت أنزور نجدت أنزور و"ملك الرمال" (2 من 2)

مملكة الفساد بين أنطوني توماس ونجدت أنزور نجدت أنزور و"ملك الرمال" (2 من 2)

ثقافة

الجمعة، ٤ أكتوبر ٢٠١٣

شمس الدين العجلاني
غاص في صفحات التاريخ، ونفض الغبار عن الصفحات المطوية وتبيّن له بعض الحقائق القابعة خلف أسوار عالية مُنع من الاقتراب منها.. نجدت أنزور مخرج مشاكس يثير الجدل في كل أعماله طالما هو مؤمن بأفكاره وأعماله المبنيّة على الوقائع وصفحات التاريخ..
قرأ وأمعن القراءة في الكثير من المصادر عن معارك ابن سعود في حائل، ونجد والأحساء وجبل شمر وعسير وتهامة والحجاز والقضاء على العديد من العائلات الشريفة قتلاً وتشريداً وعلى رأسها آل الرشيد منذ حوالي ثلاثة وثمانين عاماً، وقرأ أيضاً أنزور الكثير عن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود مؤسس المملكة السعودية واعتبره شخصية درامية مثيرة للجدل.
عزم المخرج السوري العالمي نجدت أنزور على إنتاج فيلم يميط اللثام به عن خفايا معارك ابن سعود وما رافقها من قتل وتشريد ودمار ونساء ودسائس.. عمل أنزور بصمت مطبق، بل بسرية تامة، وانتهى من فيلم "ملك الرمال" فقامت دنيا آل سعود عليه ولم تهدأ بعد "ولا أعتقد أنها ستهدأ"!!؟؟

البداية:
في البدء لا بد من الاعتراف أن أنزور يهوى ركوب الحصان الجامح، وله باع في الترويض!؟ وأنه يستهوي ركوب الرياح العاصفة، ويقف يتأمل نتائج الحرائق التي أوقدها ويحصي عدد ضحاياها.
فهل كان "ملك الرمال" هو النار التي أضرمها أنزور في عش الدبابير وهل سيطاله لهيب هذه النار؟ وأن "ملك الرمال" قنبلة الموسم؟ هل "ملك الرمال" الحدث الأهم على الساحة الفنية العالمية الآن؟ هل ستنشب حرب "داحس والغبراء" على المبدع السوري نجدت أنزور؟ هل فتح أنزور باباً يصعب إغلاقه!؟ هل كان "ملك الرمال" وحده في مواجهة البترودولار السعودي! وشكّل تحدياً لسيطرة المال والنفوذ السعودي على الإنتاج الدرامي والتلفزيوني؟؟؟ فهل سيكون "ملك الرمال" لنجدت أنزور من أكثر الأفلام مشاهدة في التاريخ العربي، ولن يمر مرور الكرام من آل سعود؟؟؟
ملك الرمال:
"ملك الرمال" يعيد التاريخ إلى الشاشة الكبيرة، ويربط الماضي بالحاضر، ويغطي الفترة الزمنية من خروج ابن سعود من منفاه في الكويت إلى إعلان المملكة أي قرابة الخمسين عاماًَ، وهو فيلم لا يوجد شبيه له، يعكس اتفاقية سايكس – بيكو على أيامنا هذه، شارك في الفيلم ممثلون من لبنان وسورية وتركيا وبريطانيا وإيطاليا، تم الإعداد لـ "ملك الرمال" والتصوير وكل العمليات الفنية بسرية تامة خوفاً من عرقلته وزرع الألغام في طريقه.. وفي أحد الأيام من العام الماضي خرجت مجلتا "فراييتي" الأمريكية و"تايم أوت" البريطانية وعلى صفحاتهما إعلاناً غامضاً أثار الفضول والتساؤلات والحيطة، والحذر، الإعلان عبارة عن ملصق فني متقن التصميم وجميل لصورة نصفية لملك عربي بعقاله النجدي، وكُتب عليه باللغة الإنكليزية "ملك الرمال" مع الإشارة إنه فيلم سيعرض قريباً، ولم يشر الإعلان من قريب أو بعيد من هو هذا الملك العربي؟ ولم تعلن أيّ شركة إنتاج سينمائي أنها صاحبة هذا الفيلم، ولم يحمل الإعلان اسم مخرج الفيلم أو الممثلين؟
وحار المهتمون بهذا الإعلان ومَن وراءه، وأخذوا يقارنون بين الصورة المعروفة للملك السعودي المؤسس وعقاله النجدي الشهير وملصق إعلان الفيلم المرتقب! ولم تعرف حقيقة الفيلم إلا بعد حوالي الشهر.. وابتدأت متاعب أنزور من تلك اللحظات، تهديداً وإغراءً ووعيداً... وأنزور مصمم على المضي لنهاية الطريق، ولم يطل التهديد والوعيد؛ أنزور وحده، فهذا الممثل العالمي الإيطالي بيل فيلوز والذي أخذ دور الملك في كهولته يقول في أحد المؤتمرات الصحفية إنه تم تهديده واستلم العديد من الرسائل الإلكترونية التي كانت تضغط عليه ويعتقد فيلوز أن مرسليها محامون.. وعن هذا التهديد يقول فيلوز: "هراء".
"ملك الرمال" فيلم عالمي ناطق باللغة الإنكليزية وهو دراما وثائقية اعتمد القيّمون عليه على ما أتيح لهم من وثائق عربية وأجنبية، الفكرة الرئيسية التي يقوم عليها سيناريو الفيلم هو، كيف أقام آل سعود دولتهم، والمجازر البشرية التي ارتُكبت إبان ذلك، ويقرأ الفيلم وقائع ذلك الزمان ويقرأ المشاهد وقائع هذا الزمن وما يعصف اليوم بوطننا العربي، ومن إعادة تقسيم للمنطقة الشرق أوسطية على أسس طائفية وأثنية، وإعادة رسم الخارطة العربية وكأننا نعيش مرة أخرى أيام اتفاقية سايكس - بيكو، ولكن بأسلوب جديد وتنفيذ حديث.
يركز "ملك الرمال" على الدور الذي تمارسه دول الخليج العربي في إعادة رسم هذه الخارطة العربية ولاسيما السعودية وبشكل يؤثّر على وجودنا ومستقبلنا كعرب.
يتطرق "ملك الرمال" لتفاصيل تأسيس السعودية ويعرِّفنا على الجانب المظلم من تاريخ آل سعود، ويجسد 50 عاماً من سيرة الملك عبد العزيز آل سعود وعلاقته مع قائدَي حملاته العسكرية فيصل الدويش وبن بجاد، وما رافقهما من قتال ودسائس ومجازر بحق الأشراف وآل الرشيد، وما فعله عبد العزيز آل سعود بالقبائل العربية وخاصة قبيلتي شمّر ومطير، ويتعرض الفيلم للدور القذر الذي قام به آنذاك السير بيرسي كوكس الذي عمل بمنصب المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي وكان له علاقة مع شيوخ دول الخليج، وجون فيلبي عميل المخابرات بمكتب المستعمرات البريطاني ومهندس العرش السعودي والذي أصبح فيما بعد (الحاج عبد الله) وخطب الجمعة في الحرم المكي في فضائل آل سعود!
الفيلم حسبما أكد أنزور مُوّل ذاتياً، والممثلون العرب في الفيلم يظهرون لأول مرة على الشاشة السينمائية، وقد تكون الأخيرة، لأنهم طرقوا أبواباً منعت السعودية من الاقتراب منها.!؟ وابتعد عن غمار الفيلم كلّ الممثلين العرب المعروفين!؟ ويتهامسون أن كاتب سيناريو الفيلم شاب سعودي اسمه كريم الشمري وهو أول تجربة له في هذا المجال، يستغرق عرض الفيلم ساعتين إلا ربعاً، ومشاهده صُوّرت ما بين العراق وسورية ولبنان وتركيا بسرية تامة، بل كانت جميع أعمال الفيلم ومراحل إنتاجه والإعلان عنه يكتنفها التكتم الكبير خوفاً من الغول المتربص به لأن الفيلم حسب قول أنزور: " جريء ويخيف بعض الناس لأنهم يخفون تاريخهم، بينما العالم يتناول التاريخ في السينما بحرية كما حدث ويحدث في العهد النازي".


نجدت أنزور:
أنزور أدلى بالعديد من التصريحات الإعلامية للفضائيات العربية والأجنبية والصحافة المكتوبة والإلكترونية حول "ملك الرمال" والدافع له، فهو وجد في سيرة الملك المؤسس للسعودية كل عناصر الدراما المشوّقة التي يمكن البناء عليها وإظهارها بشكل فني يمكن أن تلاقي صدى كبيراً لدى عرضها على الشاشة في كل أنحاء العالم، وأن الغموض اكتنف هذه الشخصية (عبد العزيز) ولم يظهر منها سوى الجوانب الإيجابية كعادة العرب في إخفاء الحقائق وتجميلها، ويضيف أنزور: "أنا مخرج أشبّه نفسي بالساعة أي أنا لا أصنع الوقت بل أقيسه، فنحن ارتأينا أن تكون القصة الآن محور نقاش لتداخلاتها مع ما يجري على أرض الواقع الآن، كل ما نريده من هذا الفيلم هو وضع النقاط على الحروف وأن ينظر إلى الحقيقة في وقت نحن في أمسّ الحاجة أن نعيد كتابة تاريخنا بشكل بصري على الشاشة".
إذاً، نجدت أنزور يبحث عن الحقائق التاريخية من مبدأ: "أمّة لا تعرف تاريخها لا يمكن لها بناء مستقبلها".. ويغزو أنزور مملكة الفساد ويضرم النار بعش الدبابير