أول مؤتمر للمرأة الشرقية عُقد بدمشق 1930 م ..نور حمادة رئيسة المؤتمر ( 2من 3)

أول مؤتمر للمرأة الشرقية عُقد بدمشق 1930 م ..نور حمادة رئيسة المؤتمر ( 2من 3)

ثقافة

الجمعة، ١٦ أغسطس ٢٠١٣

شمس الدين العجلاني
افتتح مؤتمر المرأة الشرقية جلسته الأولى في بهو الجامعة السورية بدمشق يوم 3 تموز "1930م"، وعن المؤتمر قالت رئيسة المؤتمر السورية نور حمادة: (إنني جد مغتبطة بما أشاهده في هذه المدينة العظيمة ذات المفاخر القومية التاريخية من إمارات النهوض والنضوج الفكري، ولاسيما شبابها الوطني المتقدم غيرة وإخلاصاً ولا جرم فإنهم من أولئك الغطاريف الأفذاذ، أبناء أمية الكبرى).
وقد التقت جريدة " الشعب الدمشقية العدد /868/ الصادر في يوم الجمعة 4 تموز سنة 1930." مع رئيسة المؤتمر فقالت: (إن المؤتمر يجتمع هنا في دمشق للنظر في شؤون الحياة التي تربطنا بعضاً ببعض ونحن نسعى السعي الحثيث لإيجاد الطرق المؤدية إلى رفع مستوى المرأة مستندات بذلك على المفكرات الأديبات من بنات الشرق، ولسوف نطالب عندما يحين الوقت المناسب بحق المساواة الشرعية التي تماشي التطور الحاضر ونحن نستعمل الرؤية في كل أعمالنا التي ترتكز عليها نهضتنا.
وقد اشترك في المؤتمر الذي نعقده اليوم كثيرات من الجمعيات النسوية في العالم ومنهن من بعثن البرقيات يؤيدن وهن بحسب الأمم والشعوب التي ينتسبن إليها: الهند وتركيا والعجم والحجاز والعراق وفلسطين وشرقي الأردن ومصر ولبنان وبالطبع الشام أيضاً وكذلك جمعية الاتحاد الدولي النسائية التي تنوب عن نسوة العالمين في الغرب والشرق.
وهذه الجمعيات لا تتلقى من الحكومات غير المساندة الإدارية ومن الأمة غير الاشتراك في حفلاتها الخيرية واجتماعاتها العمومية وهي لا تطلب من الرجال إلا معرفة صدق عزائهما ونياتها للنهوض بهذا المجتمع وإعداده للحياة السعيدة المرفهة.
وهنا وجهنا إلى حضرة الرئيسة سؤالاً قلنا فيه:
ما رأي السيدة الجليلة في نهضة المرأة الدمشقية؟
فابتسمت وأجابت، الحق الذي لا ريب فيه أن النهضة النسوية في العاصمة السورية مازالت في طفولتها والأمل قوي بالمستقبل!
مداخلات الوفود المشاركة:
عُقد في بيروت عام 1929 مؤتمر للمرأة السورية واللبنانية، ومن ثم تبعه مؤتمر دمشق عام 1930 وحول المؤتمرين تحدثت نور حمادة رئيسة المؤتمر النسائي الشرقي الأول (في الرابع من تموز 1930 لجريدة الشعب) فقالت: (مؤتمر بيروت داخلي خاص يتعلّق بشؤون المرأة السورية واللبنانية، أما مؤتمرنا فخارجي يبحث أمر المرأة الشرقية من الوجهة العامة". تمّ الافتتاح الرسمي في مدرج الجامعة السورية، بحضور أكثر من ثلاثمئة امرأة. وتناوبت على الكلام نور حمادة، ثم مندوبة الاتحاد الدولي السيدة افرا تيودور بولس، فمندوبة إيران الآنسة قدسية أشرف، وبعدها مندوبة الحجاز، حرم وزير الصحة في الحجاز، وتكلمت من بعدها مندوبة العراق الآنسة يسر طبيان. في مقدمة حديثها، قالت مندوبة إيران إن المرأة الإيرانية "أخذت تسير بخطوات واسعة في سبيل التقدم بعد أن أعجبت بإقدام شقيقتها العربية"، ثم تحدّثت عن إنشاء "جمعية اتحاد النساء الإيرانيات"، وعن المبادئ التي تسعى لتحقيقها، ومنها "محاربة الجهل، نشر العلم بين نساء البلاد، العمل على المطالبة بالحقوق الاجتماعية والمدنية إلى أن نصل بالتدريج إلى الحقوق السياسية، القضاء على زواج الصغار وتحديد سن الزواج، القضاء على تعدد الزوجات، تعديل قوانين الطلاق كما ينطبق على روح القرن العشرين، تشجيع المصنوعات الوطنية، نزع الحجاب تدريجياً مع مراعاة المستوى التهذيبي".
تطرقت مندوبة إيران في كلمتها أمام المؤتمر، إلى وضع المرأة في بلادها بين الأمس والحاضر، ورأت "أن عهد المرأة قبل الإسلام في إيران كان عهد مساواة تامة اجتماعياً وسياسياً، فقد حكمت البلاد ثلاث إمبراطورات خلدت كل واحدة منها اسمها في تاريخ البلاد بأحرف ذهبية. غير إنه ويا للأسف لم تدم هذه الحالة كثيراً بالنظر إلى تفسير قواعد الشريعة الإسلامية السمحاء تفسيراً لا يتفق وروح الدين الحقيقية. ويمكن القول إن موقف العلماء المتعصبين، وهو الموقف السلبي من المرأة المسلمة في كل البلدان الإسلامية، أدّى إلى انحطاط المرأة المسلمة هذا الانحطاط المؤلم"، "فالمرأة جُرِّدت من الحقوق الإنسانية وسُجٍنت ضمن جدران لا تنفذ إليها أشعة الشمس واستُعملت كآلة فقط. فأصبح والحالة هذه طبيعياً أن تفقد رابطة الحب الحقيقي بين الزوج والزوجة، وبخاصة الزوجة التي ترى أكثر من ثلاث نساء يشاركنها في عواطف زوجها ويقطنّ معها في منزل واحد". بدأت الأمور تتغيّر مع تحوّل النظام من "الملكية المطلقة إلى حكومة دستورية" حيث شرعت الدولة في تأسيس بضع مدارس للإناث في طهران، ومع انتشار الحركة النسائية في العالم، بدأت المرأة الإيرانية تسعى "للتخلص من استعباد الرجل الظالم"، واستطاعت أن "تعقد الاجتماعات العامة لبحث الحالة الحاضرة وطرق تحسينها"، ولم يعد هناك ما يمنعها "من الظهور باللباس الأوروبي في الأسواق".
وتحدثت الآنسة مينا طراد، عضو المجمع النسائي البيروتي، في المؤتمر، ووصفت إحدى الجرائد الصادرة آنذاك هذه المرأة البيروتية وخطابها بالقول: (وحين اعتلته "منبر الخطابة"، حانت منها نظرة خجول إلى الجمهور، لكنها أطلقت العنان لخطابها، ولدهشة الحضور جاء كلامها مفعماً بالروح الثورية مشفوعاً بحركات عصبية، فكانت تُنقِّل قدميها بسرعة كلما قالت كلمة ثائرة، وتنحني مستنكرة الإجحاف اللاحق بالمرأة، ولا ترحم الطاولة من ضربة مدوية بيدها، وهي تتساءل: «لماذا لا تكون المرأة وزيرة أو نائبة أو مؤلفة شأن الرجال؟». أحد الحضور علق: «إذا كان في بيروت كثيرات مثل هذه الثائرة، فإنه ليدهشني أن يظل الرجل في عز حتى اليوم).
من هي نور حمادة:
تحدثت رئيسة الوفد السوري رئيسة المؤتمر النسائي لمندوب جريدة "الشعب" الدمشقية عن المؤتمر وأهدافه، وفي الوقت ذاته، تحدث من خلال اللقاء "مندوب الجريدة" عن نور حمادة: (كانت الساعة التاسعة مساءً عندما كنت ورفيقي سامي نقصد درج فندق فيكتوريا لمقابلة رئيسة المؤتمر، وما إن وطأت الأقدام داخل البهو الخارجي حتى شعرنا بحركة غير عادية، هذه الحركة الدائمة التي تبعث روحاً في البيئة النسائية، فالردهة التي طالما تعودت الجلوس فيها هي غيرها سطعت في داخلها أنوار بعض الكواكب فغدت بهجة الناظرين، تحدق بها الأعين عن غير سابق قصد ومن دون سبب ما بل قل هي الجاذبية الدافعة التي تحول تيار النظر إلى هذه الوجهة من دون أن يكون للعقل رأي معروف.
وقفنا موقف المتردد فما نحن بالمقدمين على اقتحام هذا البحر المجهول ولا نحن بالمتقاعسين خوف الجبانة والفضيحة.
وأخيراً قرّ الرأي على الهجوم فدخلنا نحتل كرسيين في الردهة الخارجية لنعد الأسئلة. وما هي إلا دقائق حتى كانت المدافع الصحافية معدة للإطلاق فغمزت رفيقي إشارة البدء بالهجوم وإذا بالجرس يقرع. وبالخادم ينحني باحترام…
هذه بطاقة للسيدة رئيسة المؤتمر، تحمل الأسماء، وما هو أن غاب حتى عاد قائلاً بأن السيدة تتناول العشاء. حسناً.
ووقع رائد الطرف المتجول أثناء فترة الانتظار على بعض الشباب يحومون في الفندق حائرين. فقادني الفضول للاستفسار من رفيقي عن غرض هذه الفئة. فما كان منه إلا أن أجاب مبتسماً “أنصار يا عزيزي”.
أنصار من؟.. آه. المرأة. فهم في طليعة الآخذين بيدها والعاملين على رفع مستواها الأدبي.
أخذ الله بيدهم. ولكن من هو بحاجة منا إلى “الأنصار” الرجال أم النساء؟
خيم السكون برهة وإذا بسيدة ربعة القامة ممتلئتها تقترب برفق منا وقد أسدلت نصف نقاب على أسفل وجهها فبانت عيناها البراقتان ترسلان لمعاناً غريباً وتشفان عن ما وراءهما من نفسية هي الرئيسة على ما يظهر. فوقفنا احتراماً فتقدمت مصافحة.
ثم جلسنا حول مائدة صغيرة نتحدث: أنت هنا للعمل في حقل النهضة النسائية وبمناسبة انعقاد المؤتمر رأينا أن نطرح عليك بعض الأسئلة فهل من حرج؟
صوت ناعم ونبرات عالية رنانة ترفقهما نظرات حادة براقة تجعل للكلام وقعاً وتأثيراً في نفسية السامع.
لا. ليس من حرج. سل ما تريد.
حسن.. ممن يتألف المؤتمر يا سيدتي؟
يتألف المؤتمر من الوفود التي اشتركت به فعلياً، وهي تمثل البلدان الشرقية الآتية العراق، الحجاز، فلسطين، شرق الأردن، أفغانستان، العجم، بعض الجمعيات المصرية غير الاتحاد النسائي المصري والجمعيات النسائية السورية واللبنانية عدا الاتحاد اللبناني.
يتبع