حين يثقب شكسبير أذنه وتكبّر ماري أنطوانيت ثدييها!

حين يثقب شكسبير أذنه وتكبّر ماري أنطوانيت ثدييها!

ثقافة

الأحد، ٥ مايو ٢٠١٣

كيف يمكن أن يبدو عظماء التاريخ القديم إن عاشوا اليوم؟، ليس هذا سؤالًا بقدر ما هو تساؤل يجد إجابات عنه في تقنيات معالجة الصور الحديثة، القادرة على نسج الخيال أولًا، ثم تحويله إلى حقيقة منظورة ثانيًا.
وبهذه التقنية، عولجت وجوه شهيرة من التاريخ، كوجه الشاعر وليام شكسبير، ووجه الملك هنري الثامن، ووجه الأدميرال البحري اللورد الشهير هوراشيو نلسون، وغيرهم. وكان ذلك في مشروع فريد من نوعه، أخذته قناة التاريخ التلفزيونية البريطانية على عاتقها، من خلال سلسلة تحت عنوان "الحياة السرية لـ...". والمشروع يتم تحت إشراف فنانين وفنيين في الرسم الرقمي، يعملون بشكل وثيق مع خبراء في أحداث التاريخ، لتصوير وجوه القدماء، كما كانت ستبدو لو كانوا اليوم على قيد الحياة، بما يضمن الحرص على تبيان تفاصيل مهمة، تنبض بالحياة والمعنى.

إشراف متخصص
أشرفت على إعادة بناء وجوه الشخصيات المنتقاة الدكتورة سوزانا بيسكومب، وهي المؤرخة الأكاديمية الحائزة جوائز عديدة، ومهمتها تتركز على حسن تصوير الوجوه بكل دقة وإتقان، لتبدو فعلًا وكأنها تعيش في العام 2013. وهذا ما استغرقها وفريق العمل نحو ثلاثة أشهر.
وفي عملها هذا، اعتمدت بيسكومب على بصيرة متوقدة، اكتسبتها من كتابتها لسلسلة "الحياة السرية لـ..."، إذ تعمقت في شخصيات العظماء وتفاصيل حياتهم اليومية، وأماطت اللثام عن الكثير من أسرارهم التاريخية الدفينة.
قد يبدو ذلك للبعض ضربًا من ترفيه العصر الحديث، إلا أنه يوفر للباحث نظرة ثاقبة إلى الشكل الذي كان سيتخذه بعض العظماء لو كانوا أحياء يرزقون في أيامنا، ويطرح شبه إجابات عن تساؤلات عصرية حول طريقة حياتهم في مجتمع لا يتوب عن عمليات التجميل، ولا يرضى بغير أسنان اللؤلؤ البراقة، ولا يرتدي إلا أحدث الأزياء.

حلق في أذن شكسبير
من هؤلاء العظماء الأدميرال البحري اللورد هوراشيو نيلسون، وهو يرتدي اليوم حلة البحار الحديثة. ففي البحرية اليوم، كان نيلسون سيقضي معظم أوقاته وراء مكتبه، فيكتسب وزنًا زائدًا، ما تعكسه الصورة بجلاء. وهو فقد ذراعه اليمنى في إحدى المعارك البحرية، وكان سيعتمد اليوم على عضو اصطناعي لو بقي حيًا إلى يومنا هذا، وكان ليتقلد الصليب الفيكتوري الذي لم يكن موجودًا في أيامه الغابرة.
ومنهم أيضًا الشاعر الفيكتوري وليم شكسبير، الذي استعاد زيًا يناسب جرأته وتقدمية تفكيره، فاكتسب في صورته العصرية هيئة كاتب مسرحي من العصر الحديث، بقميص المربعات والصدرية الكلاسيكية الرمادية. أما الحلق في أذنه فأتى تعبيرًا عن تساؤلات ثارت حول حقيقة ميله الجنسي، لم تجد لها جوابًا. ولم ينس فريق بريسكومب أن شكسبير كان ممثلًا في مسرحياته، ولشكله أهمية كبرى، فلو عاش ليومنا كان استفاد من إحدى تقنيات زرع الشعر الرائجة.
أما الملك هنري الثامن، الذي اشتهر بشخصيته اللعوب، فقد ألبس بدلة سوداء من تصميم راق، وقميصًا أبيض مفتوحًا على الصدر، وكأنه دوان جوان عصره. وأخفي صلعه بربط شعره إلى الوراء. كما كان معروفًا بولعه بإظهار ثروته، فوضع في أحد أصابعه خاتما من الماس، ولف معصمه بساعة ثمينة.
أما الجسم فقد روعي في تصويره ما عرف عن هنري الثامن من شغف بالرياضة، فانتفخت عضلاته قليلًا وقويت شكيمته. كما أكسبه المصورون لونًا جديدًا وكأن الشمس لفحته قليلًا.

قوية في كل العصور
التغيير الذي لحق بماري أنطوانيت ليس طفيفًا، فأسدل شعرها الطويل، وتغطى جبينها قليلًا، واستبدلت أسنانها المكسرة بأخرى زادت ابتسامتها جمالًا.
والمعروف أن ماري أنطوانيت كانت عرضة للسخرية في صباها، بسبب ضآلة ثدييها، فتدخل مبضع الجراح الرقمي، ووهبها ثديين ناهدين.
وكانت مشهورة بتغيير ثيابها ثلاث مرات يوميًا، لكنها اليوم ترتدي ثوبًا صممه مصمم مشهور، وأضيف إلى رأسها أكسسوار يشبه القبعة الصغيرة، مستلهم مما كانت تضعه في شعرها آنذاك. ولا ننسى التبرج، فيبدو أنه يليق بها تمامًا.
أما الملكة إليزابيث الأولى، فتبدو دائمًا تلك القائدة القوية، وتبقى على قوتها ولو قصت شعرها وقومته على الطريقة الحديثة. وعرف عنها حبها للأزياء، لذا كان مناسبًا أن ترتدي اليوم بزّة أنيقة جدًا، مفصلة لتضفي عليها ألقًا ملكيًا، وأنثوية فريدة من نوعها، بألوانها الغنية والمزركشة. نادرًا ما ابتسمت الملكة إليزابيث في أي من صورها، ورسمها الحديث ينضح هو أيضًا بالسلطة المطلقة.