ملتقى الخزف الأول.. طاقات فكرية وجماليات مبدعة للخزف السوري

ملتقى الخزف الأول.. طاقات فكرية وجماليات مبدعة للخزف السوري

ثقافة

الاثنين، ١٨ مارس ٢٠١٣

ريم الحمش
artreem@hotmail.com
يعدّ فن الخزف من الفنون القديمة التي تعلّمها الإنسان منذ العصور القديمة فرسم الإنسان كلمات الإله فوق الألواح الطينية ليحفظها من النسيان، وقد طورها من خلال مسيرة إعماره للأرض, ويعد الخزف نتاجاً لكل الفنون التشكيلية، فالرسم والنحت والخط والزخرفة كلها من عناصر الإبداع الرئيسة لهذا الفن الشامل بالإضافة إلى ارتباطه بعلوم الكيمياء من خلال التزجيج وتراكيب الألوان الزجاجية المعقدة وبهذا فهو حرفة وفن وعلم، والخزّاف المبدع هو الذي يمازج كل ذلك في إنتاج عمله الخزفي.
ولقد سعى الخزّاف في سورية وبشكل دؤوب إلى تحرير شكل وموضوع الخزف من الجانب النفعي الذي ساد لفترات زمنية طويلة وعمل على تأسيس مساحة للجانب الفني لهما.. وقد أصبحت الطينة بأنامل الخزاف في سورية تحاكي مفردات الطبيعة وما احتوته من عناصر ليولد بالتالي جيل جديد من الخزف يميل إلى التعبيرية الرمزية أو التجريد لاغياً ما كان سائداً من النفعية وإقحامها في هذا الفن الرمزي.
تحت عنوان حوار خزفي؛ افتتح في قلعة دمشق أعمال الملتقى الأول للخزف الذي تقيمه مديرية الفنون الجميلة والمعهد التقاني للفنون التطبيقية بمشاركة اثني عشر خزافاً وخزافة من مختلف الأعمار, منهم : إميلي فرح ,إبراهيم العواد ,وضاح سلامة, بشرى غوجل, رزان حسن, صريحة شاهين, محمد عزالدين كفوزي, بشار قويا, رأفت الساعاتي, وخالد فروج.
عن ملتقى الخزف يقول مدير معهد الفنون التطبيقية طارق السواح: إنه حوار وليس ملتقى.. الإنسان خلق من طين والخزف من الطين والحوار بين الطين والطين دفعنا لهذه التسمية, وهذا التناغم الروحي بين الإنسان والطين أزلي مستمر فمنه خلق وإليه يعود, ولا غرابة في ذلك لأن الله تعالى خلق الإنسان من طين, بالإضافة للحوار بين الخزافين مع بعضهم مما أتاح لرؤية مختلفة عن رؤية الفنان بمفرده, والخزف يمثل الحضارة السورية منذ نشأة الإنسان على الأرض وعنه عرفنا الأبجدية الأولى من خلال الرُّقم المسمارية التي وُجدت في البيئة السورية  وعنه عرفنا فن صناعة الطوب والذي يعتبر أساس العمارة القديمة والذي دفعنا لإقامة هذا الحوار وبهذا المكان في قلعة دمشق نظراً لوجود المعهد ضمن القلعة وهو الجهة الوحيدة في سورية الذي يدرّس الخزف بشكل أكاديمي، وغاية إدارة المعهد من دمج طلاب المعهد مع فنانين كبار لهم خبرة طويلة بحيث لا يكون فقط ملتقى إنما هو بحث وحوار، وكي لا يعتمد الطالب على المدرّس, ولا يكون الطالب مجرد تكرار لأستاذه, ويكون مقياس نجاحه وتطوره هو خبرته المكتسبة من خلال البحث والعمل.
الخزاف بشار قوبا من مواليد دمشق عام 1961، تخرّج في كلية الفنون الجميلة جامعة دمشق عام 1983، أجرى دراسات معمقة حول الرسم على البورسلان بمادة الذهب والكوبالت، في شركة ليموج في فرنسا، قام بدورات تدريبية في شركة سيرفس الإنكليزية بمدينة استوك في انكلترا، لتصنيع كل ما يتعلق بمادة البورسلان النقي، أجرى دورات خبرة في شركة سيتك الإيطالية، حول طرق الشَّي بكل مراحله تبعاً للأساليب الحديثة المتبعة عالمياً، شارك بمجموعة معارض محلية للخزف، وعمل كمصمم لقوالب وموديلات التشكيل والزخرفة في شركة الصناعات الزجاجية والخزفية السورية في دمشق، وحالياً يعمل مدرساً بقسم الخزف في معهد الفنون التطبيقية, وفي كلية الفنون الجميلة, ومدير مركز ناظم الجعفري للفنون التطبيقية بدمشق.
عن الملتقى يقول: الملتقى أو حوار الخزف ظاهرة حضارية وورشة عمل ترفع من مستوى التشكيل الخزفي بسورية، فعندما يعرض الفنان عمله الفني في المحافل الفنية يؤمن بعمله وطريقة طرحه للموضوع ويدافع عن الفكرة التي قدّمها من خلاله والأسلوب المتبع في الإنجاز لهذا العمل وفي اختيار الحجم واللون، أما أهميتها للآخرين فالأمر متروك للنقاد أو لمتذوقي هذا النوع من الفنون، وعملي الحالي هو شكل برجي غير متوازن وغير منتظم معلق عليه مجموعة وجوه إنسانية ذات تعابير مختلفة.
وائل الدهان رئيس قسم الخزف في المعهد يقول عن الخزف: الخزاف مثل باقي الفنانين يبحث دائماً عن الجديد في الموضوع والتقنية الفنية سواء في الطينة المستخدمة أم في اللون وتأثيراته في منحوتاته الفنية وأنا واحد من هؤلاء الذين يبحثون عن الجديد, فعيني ربما ترى الأشياء من حولي بمنظار لا يملكه كل إنسان, فعندما أشاهد الأشياء التي أريد توظيفها كفكرة لعمل فني جديد، فأنا أضع لها تخطيطاً أولياً وأجرّدها وأضيف عليها حتى تصبح الفكرة في أوج نضجها ثم أنفذها وأبنيها بإحساس الخزاف؛ حيث أحاول دائماً أن أجعل المتلقي يشعر أن هذا العمل الفني أساسه الطين.. وأؤمن بأن روحية الطين يجب أن تكون محسوسة لدى المتذوق لفن الخزف.
يشارك وائل بعمل بعنوان سفينة نوح وهو عبارة عن مجموعة مكعبات تمثل تحوير وتبسيط لمفردات وعناصر مختلفة وتحويلها إلى أشكال حيوانية وإنسانية ونباتية جميلة منتقلاً بالعمل الخزفي من إحساس جمالي إلى إحساس فني رصين مقترباً من اللوحة التشكيلية التجريدية في أغلب الأحيان.
أما زنارا أحمد فهي خريجة معهد الفنون التطبيقية لعام 2007 , وعملها بعنوان "مشروع غير منتهٍ" تعبير عن فكرة صراع الإنسان الأزلي فتبدو الأخاديد والبروزات المتوضّعة فوق بعضها بكتل هندسية أقرب إلي الصياغات المجردة المحسوبة بدقة الخبير من منحوتته الخزفية التي عالجتها بتداخلات كتلوية بنائية متماسكة حول مركزها ومستقرة في إيقاعاتها الراقصة على تجاويفها التي يؤثر فيها عن طريق جانبها التطبيقي، وصولاً إلى الخزف ليكون الإيقاع غنياً وواسعاً ومتنوعاً وهادفاً مع ذلك اللون الذي يحركها بوضوح وتضيئها بألوان الخيال.
رزان حسن خريجة معهد الفنون التطبيقية لعام 2004, تقول: عملي عبارة عن كتل طينية يحمل الزخارف الفنية القديمة للبيوت القديمة وفي آخر الشكل طير يعبر عن الحلم والسمو للوصول إلى القمة بشموخ معماري مميز ورشاقة واضحة وتراكيب تعطي الإحساس الكامل بالخصوصية الخزفية.

عالمي
دمشق القديمة بعيون الفنانة التشكيلية صوفيا والبوف
الفنانة التشكيلية صوفيا والبوف واحدة من فنانين كثر، شدوا الرحال إلى دمشق حاملين فراشيهم وألوانهم وكراريسهم وعشقهم، بغية التعبد في رحاب جمالياتها المعجونة بالتاريخ، ومن ثم، القيام بتسجيل محبتهم لها، بالخطوط والألوان. وهي هنا ترسم مشهداً من دمشق القديمة، تطل عليه من شرفة فندق المملوك، وفي هذا المشهد يتعانق القديم والحديث في دمشق، الجامع والكنيسة، المحبة والإعجاب، الضوء والظلال، الواقع والخيال، التاريخ والحاضر، العقل والإحساس والتلقائية، ومن هذا العناق تتشكل صورة دمشق الخالدة التي تختزل عظمة هذه البلاد وسحرها المتلون بالنكهة، متعدد الأوجه، ومختلف المكونات.