ريف السويداء لا يقل أهمية عن المدينة.. ومع هذا يعاني ما يعانيه من مشاكل لا تعد ولا تحصى.. فإلى متى كل هذا الإهمال والتقصير بحق ريفنا؟!!.

ريف السويداء لا يقل أهمية عن المدينة.. ومع هذا يعاني ما يعانيه من مشاكل لا تعد ولا تحصى.. فإلى متى كل هذا الإهمال والتقصير بحق ريفنا؟!!.

الأزمنة

الأحد، ٢٦ أبريل ٢٠١٥

السويداء- فريال أبو فخر firyaaf14@gmail.com
لا يختلف ريف السويداء عن المدينة من حيث التقصير والإهمال بالخدمات المقدمة للمواطنين والتي يعاني منها الأكثرية منهم من حيث قلة الإيرادات المالية على صعيد جميع الوحدات الإدارية، والتي تسعى دائماً وحسب تصريحات مسؤوليها بتقديم كل ما يحتاجه المواطن ضمن الإمكانيات المتوافرة، لندرك فيما بعد أن هذه الإمكانيات غير متوافرة لأسباب كثيرة وأهمها ضعف الإيرادات المحلية الذاتية بسبب إحجام الناس عن إقامة المشاريع، وظرفهم الاقتصادي الصعب، والذين بالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم بسبب الغلاء المستشري كالوباء، وهذا ما يؤدي بالنهاية إلى قلة دفع المستحقات من قبل هؤلاء المواطنين. اتصالات كثيرة وردت للأزمنة من مواطني مختلف مناطق ريف السويداء وقد تحدثوا لنا عن مشاكل لا تعد ولا تحصى تؤرق حياتهم وتجعلهم يحملون مطالبهم من دائرة إلى أخرى ولكن لا استجابة!!..
رسوم باهظة..
لنبدأ من قرية سليم والتي أعدت الكثير من الدراسات لمعالجة واقع الصرف الصحي بالقرية ولكن لغاية هذا التاريخ لم تلق هذه الدراسات ترجمة فعلية على أرض الواقع، وبحسب الأهالي فإن عدم وجود صرف صحي في القرية يعد مشكلة حقيقية لهم بالرغم من إعداد الكثير من الدراسات لتنفيذ مشروع الخطوط الرئيسية للصرف الصحي في قرية سليم، وخصوصاً أن هذه الدراسات موجودة بوزارة الإسكان والتعمير وبحاجة لتنفيذ محطة معالجة خاصة للبلدة كون المشروع مدروس، بالإضافة لمشروع السكن الشبابي بعد أن أضيف هذا المشروع على صعيد أراضي البلدة وأصبح من الضروري التسريع بتنفيذ مشروع الصرف الصحي ومحطة المعالجة، بعد إقرار بدء العمل به والذي يقع في بلدة سليم وإنجاز المعاملات وبدلات الاستملاك العالقة بهذا المشروع ونقل الأراضي الذي سيقام عليه المشروع لمصلحة المؤسسة العامة للإسكان، مؤكدين أن التسريع بإنجاز مشروع الصرف الصحي لا يخدم فقط أبناء القرية ومشروع السكن الشبابي الذي سيبدأ العمل به قريباً حسب التصريحات الأخيرة، ولكنه سيعالج مشكلة البركة الأثرية الموجودة في البلدة والتي أصبحت تجمعاً للأوساخ ومرتعاً للحشرات والأوبئة، فوجود البركة بشكل منخفض بجانب البلدة القديمة والتي ترتفع نسبياً عن البركة كان السبب الرئيسي لتسرب مياه الجور الفنية التي يستخدمها الأهالي عوضاً عن الصرف الصحي مما يؤثر بشكل سلبي على معلم أثري من معالمنا التي يجب الحفاظ عليها من أي عارض، وخصوصاً إذا علمنا أن هذا العارض من السهل علينا منعه، بعد أن تم قطع مصدر المياه عن البركة ولكن سبب التسريب الذي يتم واضح من خلال الجور الفنية، وعند حل مشكلة الصرف الصحي تنحل هذه المشكلة. أما المشكلة الأهم والتي يعاني منها الجميع فهي مشكلة الرسوم المفروضة عليهم والتي أثقلت كاهلهم، وعلى هذا الأساس طالب الأهالي بإعادة النظر برسم التعبيد والتزفيت- بحيث يبقى هذا الرسم- وأن يوزع بشكل أكثر عدالة، فالرسم المفروض على المواطنين باهظ جداً، فالمواطن الذي يمر بعقاره طريق يمكن أن يتنازل عن الأرض مقابل تكلفة رسم هذا الطريق، ومن جهة أخرى فهذا الطريق ملك عام ويستفيد منه جميع المواطنين، ولكن الذي يحصل أن صاحب العقار هو وحده من يتحمل رسم التعبيد والتزفيت، وبالتالي هذا نوع من أنواع الظلم الذي يلحق بالمواطن لكون الطريق ملكاً عاماً، وعلى هذا الأساس كان المطلب أن يكون هناك طريقة لجباية هذا الرسم بطريقة أكثر عدالة بحيث يوزع على مجموعة من المواطنين بشكل متوازن، بحيث يشمل كافة المستفيدين من هذا الطريق الذي تم تعبيده وتزفيته.
فورة عقارية..
أدت النهضة العمرانية التي يعيشها ريف السويداء وغلاء العقارات فيها مؤخراً إلى المطالبات المستمرة ومنذ بدء الأزمة إلى الإسراع بتعديل ضابطة البناء من قبل أهالي هذه المناطق بالإضافة إلى مدينتي شهبا وصلخد، وذلك بالسماح للمواطنين بتشييد الأبنية الطابقية أسوة بالمباني المقامة في قلب المدينة، وذلك لتخفيف الضغط عن كاهلهم بإيجاد مسكن لائق بعد أن حلقت أسعار الشقق السكنية والعقارات والأراضي عاليا، والتي أصبحت هي الأخرى تضاهي سعر متر الأرض في المدينة. كل هذه العوامل جعلت مواطني منطقة صلخد يتساءلون عن السبب الذي يكمن وراءه عدم السماح لهم باستخدام البناء الشاقولي لما فيه من توفير بكافة مواد البناء بالإضافة إلى حماية الأراضي الزراعية من التعديات التي تحصل عليها لحاجة المواطنين للمسكن وبالتالي الابتعاد عن الوظيفة التي وجدت من أجلها، فالتوسع الشاقولي يحفظ الأراضي الزراعية حالياً، فبعد الفورة العقارية التي شهدتها أرض المحافظة مدينة وريفاً أصبح من الضروري الآن السماح بالبناء الطابقي ضمن هذه المناطق لأن التوسع الشاقولي- حسب ما ذكره لنا أحد المهتمين بالشأن العقاري بهذه المنطقة- يحافظ على الأراضي الزراعية ولا يحمل المواطن أعباء مالية إضافية، والأهم من ذلك يعد ذلك التوسع الحل الأمثل لأزمة السكن, فمثلاً المسموح ضمن ريف المحافظة بناء طابقين فقط وهذا طبعاً غير كاف وسيخلق مستقبلاً انعكاسات سلبية لأن التوسع الأفقي سيفرض على مجالس المدن والبلدات توسيع المخططات التنظيمية والذي سيكون على حساب الأراضي الزراعية، وسيرغم المواطنين على شراء عقارات بديلة بقصد البناء وكلنا يعرف الارتفاع الذي طرأ على أسعار العقارات، إضافة إلى ذلك إنه ما زالت مناطق الحماية الأثرية خاضعة لقوانين جائرة وإن نظام الضابطة المعمول به حالياً بات تطبيقه مقتصراً على مناطق من دون أخرى فمثلاً الحد المسموح به للبناء بالقرب من قلعة صلخد الأثرية طابق واحد، الأمر الذي يجبر المواطن على البحث عن أراضٍ بديلة وهذا مرهق له ولاسيما في ظل التحليق الجنوني لأسعار العقارات الآن.
سموم قاتلة..
ونأتي لمعاناة وشكاوى مواطني بلدة "كناكر" والتي تبعد واحد كيلو متر عن مكب نفايات السويداء والذي شاء لهم القدر أن يتواجدوا بالقرب من مكبات النفايات والقمامة، فهم لا يوفرون فرصة للشكوى إلا ويستغلونها للحديث عن هذه المأساة التي يعيشونها، والذين يتحدثون دائماً عن يأسهم ومللهم من كثرة الوعود وبالمقابل تدني الخدمات التي تقدم من قبل الجهات المعنية، فالتقصير والإهمال هما العنوان الأبرز لهذه القرية والتي يرزح سكانها تحت وطأة الأمراض والسموم والتلوث الناتجة عن حرق هذه المكبات وعدم إحداث محطات المعالجة الصحية. أما سكان قريتي"صلاخد" و "الجديا" فهم ليسوا بأفضل حال من قرية كناكر واللتين تقعان أيضاً بالقرب من مكبات النفايات وقد أكدوا لنا أن الجهات المعنية بالمحافظة لا تقوم بواجبها على أكمل وجه بالنسبة لمعالجة النفايات الصلبة، وعلى ما يبدو لا نيّة جادة بالعمل لتخليصهم من هذه المشكلة، والدليل أن العمل في محطة معالجة ناحية عريقة بدأ عام 2006 ولم ينته العمل بها حتى الآن، وكل ما يتم هو دراسة المشروع ودراسة العروض الفنية لمضمون العقود في حال قبول العرض. بالإضافة إلى أنه لم يكن الأهالي وحدهم من يتعرضون لشبح التلوث والأضرار الناتجة عن حرق مكبات النفايات، بل طال هذا الضرر أيضاً عقارات مشجرة بأشجار الكرمة والتفاح والزيتون عندما قامت بلدية قرية "حبران" منذ عدة سنوات بحرق مكب القمامة الموجود بالقرب من عدد من العقارات، ولعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة أدى هذا الحريق إلى اندلاع النيران في هذه العقارات وسبب لها أضراراً بالغة وكبيرة وحرق الأشجار الموجودة فيها، إذاّ وحسب الشكوى إنه بالأساس هناك خطأ يُرتكب وهو وضع مكبات النفايات بجانب الأراضي الزراعية، وكل يوم يتكرر عمل حرق هذه النفايات، بسبب عدم إحداث مطمر للنفايات وقد حذرت الأهالي أصحاب العقارات الموجودة بالقرب من المكبات مراراً وتكراراً من هذا العمل وقامت بتقديم شكاوى بهذا الخصوص، وبأن هذا الحريق يمكن أن يمتد إلى الأراضي الزراعية، وبأنه يجب على الجهات المعنية بالمحافظة التعاطي مع هذا الموضوع بجدية أكبر ولكن دون جدوى، وبناء على ذلك فقد تقدمت مجموعة من المزارعين المتضررين بدعوى قضائية بإجراء كشف مستعجل على العقارات لبيان وصف الحالة وتقدير الأضرار ومن ثم إجراء خبرة فنية لتقدير الضرر الخاص وقيمته والحكم لها وفق ذلك بقيمة الأضرار والتعويض المناسب، بأن حريق مكب النفايات هو سبب الضرر اللاحق بالأشجار والأراضي المجاورة وأن الحريق كان لمكب القمامة، وبالرغم من كل ذلك ومن صدور الحكم القضائي المبرم بتعويض المتضررين عن الأضرار الحاصلة للأشجار والغراس القائمة نتيجة الحريق الذي التهمها بسبب النار المنبعثة من حريق النفايات للمكب العائد إلى بلدية قرية "حبران"، إلا أن هذا الإجراء القانوني لم يشفع للمتضررين بالحصول إلا على جزء بسيط من تعويضاتهم وحقوقهم.
خرق وتراخٍ..
وقد كان لتراخي الجهات المسؤولة عن تطبيق قرار تحريم الرعي، آثاره السلبية على ممتلكات أهالي قرية "عتيل"، هذا القرار الذي صدر للمرة الأولى عام 2000 متضمناً تحريم الرعي ضمن مناطق الاستقرار الأولى والثانية وبما أن قرية عتيل من مناطق الاستقرار الأولى فقد شملت ضمن هذا القرار، إلا أن التطبيق وعلى أرض الواقع لم يؤت ثماره، ولاسيما بعد أن أصبحت أراضي القرية مستباحة أمام قطعان الأغنام والماعز وليبقى هذا القرار وضمن استباحة وخرق هذه الأراضي قراراً مع وقف التنفيذ، مع العلم بأن الأهالي لم يتركوا وسيلة إلا واتبعوها لحل هذه المشكلة ولم يتركوا مسؤولاً في هذه المحافظة إلا وراجعوه للحديث عن معاناتهم ومشكلتهم من هذا الواقع المزري ولاسيما أن استمرار الرعي بهذه الطريقة العشوائية قد ينعكس سلباً على واقع عملهم الزراعي ويضر بممتلكاتهم ومصالحهم وأعمالهم، ولكن لا مجيب!! علماً بأن قرية عتيل تعد من القرى الزراعية المنتجة للتفاح والكرمة وكثير من المزروعات الأخرى التي تساهم برفد أسواق المحافظة بالكثير من هذه المنتجات، وعلى الرغم من ذلك لم يخرجوا بأي نتيجة إيجابية علها تخفف من معاناتهم التي مضى عليها سنوات عديدة لكن من دون إيجاد الحلول مناسبة.
غير آمن صحياً..
ونأتي لقريتي تل اللوز وأبو زريق والذي يؤكد أهالي هاتين القريتين أنه ومنذ أكثر من عشرين عاماً يتم التعدي على الينابيع القريبة منهم، والشيء المؤسف أن هذه التعديات تأتي من أصحاب النفوذ في هذه المنطقة لنؤكد مقولة حاميها حراميها، باستثناء نبع واحد يخدم تلك المنطقة، ولكن هذا النبع غير آمن صحياً بسبب تواجد هذا النبع ضمن الأراضي الخاصة للمزارعين والتي تعد مصدر تلوث مياهه نتيجة قيامهم بأعمال الرش بالمبيدات الحشرية لأشجارهم وأراضيهم، ما قد يؤدي إلى الإصابة بالكثير من الأمراض نتيجة تلوث هذا النبع بهذه المبيدات الحشرية الضارة، ومن هنا طالب أحدهم برفع يد المعتدين عن هذه الينابيع وصيانتها وتأهيلها واستخدامها لخدمة السكان بمياه الشرب والتي كانت فيما مضى تؤمن حاجة القرى القريبة من هذه الينابيع.
 وبعد
فإن هذه المطالبات التي تقدم بها أهالي بعض من قرى ريف المحافظة هي غيض من فيض، وبعض من جملة احتياجاتهم اليومية الأساسية، ومتواضعة جداً أمام ما يعانونه، ولا تكلف الجهات المعنية الكثير بالمقارنة مع الفائدة والخير الذي يعم على الجميع، فالمواطنون في هذه القرى أناس بسطاء يطلبون القليل وكل همهم هو العيش ببساطة ومن دون أي مغريات أخرى، ومع هذا لا يتم الاستجابة لمطالبهم بالرغم من تكرارها مراراً ولعدة سنوات، فإلى متى هذا الإهمال والتقصير بحق ريفنا؟!!..