عندما تعجز جماية المستهلك ..خيارات الشراء للمواطن "بالحبة" ..بندورة "الأنفاق" تكسر حاجز الـ 125 ل.س.. و"المكشوفة" قادمة..

عندما تعجز جماية المستهلك ..خيارات الشراء للمواطن "بالحبة" ..بندورة "الأنفاق" تكسر حاجز الـ 125 ل.س.. و"المكشوفة" قادمة..

الأزمنة

الأحد، ٥ أبريل ٢٠١٥

الأزمنة| بسام المصطفى b.almustafaa3@gmail.com
كسرت أسعار البندورة حاجز الـ 120 ل.س للكغ ولأسابيع عدة في أسواقنا المحلية وسط حالة تذمر من قبل المستهلكين، فمادة البندورة أساسية في قائمة الشراء غير أن أسعارها المرتفعة جعلت المواطنين يقللون من الكميات المشتراة، حيث تشاهد من بات يشتري البندورة "بالحبة" خاصة للأسر ذات العدد الكبير!!. مبررات ارتفاع أسعار البندورة كثيرة، وكل أصبح يدلي بدلوه من قبل المعنيين، وبحسب هؤلاء فإن أسعار هذه المادة ستشهد انخفاضاً قريباً خلال الأيام القادمة عقب نزول البندورة "المكشوفة" إلى الأسواق.
  جولة ميدانية
ومن خلال جولة ميدانية إلى أسواق الهال الشعبية، وأسواق الشعلان وأبو رمانة نجد أن أسعار البندورة يتراوح بين 110 ـ 125 وذلك بحسب قساوتها أما الطرية منها فتباع بسعر يتراوح بين 75 ـ 85 ل. س للكغ، كما لوحظ تراجع في الإقبال على الشراء، وبحسب العديد من الباعة فإن قلة الكميات المعروضة وارتفاع أجور النقل وصعوبات القطاف وارتفاع أسعار المحروقات كان لها الأثر الكبير في ارتفاع أسعار البندورة، وكان وسطي ارتفاع سعر البندورة بنسبة تتجاوز 60% تتوزع مسبباته بين تراجع قيمة الليرة وأثره على مستلزمات الإنتاج وسعر الكلفة (حيث تشير معلومات من مديرية زراعة طرطوس إلى ارتفاع أسعار المستلزمات المستوردة بنسبة 50% عن عام 2011) وبحسب الباعة أنفسهم فقد انحصرت كميات البندورة التي ترد إلى دمشق بالساحل السوري فقط، مقابل توقف التدفق المعتاد من درعا، وريف دمشق إذ يدخل سوق دمشق حوالي 20 سيارة بسعة 4 – 5 أطنان يومياً بسعر 40 – 50 ليرة سورية/كغ (بذار متوسط الجودة) وهو سعر المسوق الأولي. ولا يبتعد كثيراً عن سعر الكلفة ليبقى ربح الفلاح هامشياً، كما تصل تكلفة النقل الوسطية إلى 25000 ليرة سورية للسيارة الواحدة.
السيدة أم معاذ قالت: أصبح سعر الكغ الواحد من البندورة 125 ليرة، بعدما كنا نشتري البندورة بسعر 60 ل. س منذ عدة أشهر واليوم بعد هذه الزيادة الكبيرة صرنا نشتريها بالحبة، وعندما حاولنا تذكير الحاجة أم محمد بأننا الآن لسنا في فترة موسم البندورة، قالت: حتى في فصول الشتاء السابقة لم تكن ترتفع أسعار البندورة إلى هذا السعر بل كانت بحدود 70 ليرة.
ولعل قصة هذه السيدة تختصر آراء الكثير من المستهلكين وأرباب الأسر واستغرابهم من وصول أسعار البندورة إلى هذا الحد المرتفع، الأمر الذي دفع بنا للقاء العديد من المعنيين والتجار لمعرفة الأسباب الكامنة وراء غلاء البندورة.
 بندورة نهاية موسم
وأوضح لؤي محمد نائب رئيس اتحاد فلاحي طرطوس لمجلة "الأزمنة" أن موسم البندورة حالياً يمر بمرحلة انتقالية بين موسمين (نهاية الزراعة المحمية وبدء المكشوفة) وبالتالي الكميات المعروضة قليلة، ويتجه الفلاحون حالياً نحو الزراعة الجبلية " الجردية " مشيراًً إلى وجود 130 ألف بيت بلاستيكي في طرطوس وتحديدا بانياس تزرع في معظمها بالبندورة. وأشار لؤي محمد إلى أن تكاليف زراعة البندورة مرتفعة جداً خاصة البذار حيث يتراوح سعر "الظرف الذي يحتوي على ألف بذرة "بين 18ـ 25 ألف ل. س وهذا السعر قابل للارتفاع بحسب سعر الدولار. وطالب لؤي محمد باعتماد جهة حكومية تستورد البذور وليكن المصرف الزراعي التعاوني لضمان أسعار معقولة للفلاحين لافتاً إلى أن الحيازات الزراعية في الساحل السوري ضيقة جداً ولا تصلح سوى لهذا النوع من الزراعات بالإضافة لأشجار الحمضيات طبعاً.
  بندورة درعا قادمة
بدوره أوضح مثقال القاسم "رئيس اتحاد فلاحي درعا" في حديثه لمجلة "الأزمنة" أن أسعار البندورة في درعا تفوق أسعار العاصمة حيث يتراوح سعر الكغ من البندورة بين 140 ـ 150 والموجود في الأسواق يأتي من الأردن ومن الساحل لافتاً إلى أن البندورة "الحورانية" المشهورة تنضج خلال الشهرين القادمين ومن المؤكد أنها سوف تسهم في كسر حدة الأسعار في الأسواق المحلية. وبين القاسم أن المساحة المخططة لزراعة البندورة في درعا 3587 هكتاراً على مساحة مقدّرة تصل إلى 250 هكتاراً، وتبلغ تكلفة الدونم الواحد 128 ألف ل.س.
  غياب الرقابة
بدوره أوضح محمود حبيب حسن "رئيس مكتب التسويق والتصنيع" بالاتحاد العام للفلاحين في تصريح لمجلة "الأزمنة" أن السبب الرئيس في ارتفاع أسعار البندورة في الأسواق المحلية هو "غياب الرقابة" فكل بائع جملة ومفرّق يبيع على هواه، مشيراً إلى أن أسعار البندورة في أماكن إنتاجها "الساحل" أرخص من أسعارها في العاصمة دمشق، حيث بيع كغ البندورة بسعر 160 ل.س بينما تباع بسعر يتراوح بين 110 ـ 125 ل. س في أسواق دمشق !! في حين يبيعها الفلاح للتجار في أسواق الهال بسعر 70 ل.س وهذا دليل على أن ثمة فارقاً سعرياً كبيراً يذهب للحلقات الوسيطة ولتجار وسماسرة السوق. وتابع حسن: الأيام القادمة سوف تشهد انخفاضاً بأسعار البندورة وذلك مع ارتفاع درجة الحرارة وبدء نضج البندورة المكشوفة التي ستغزو الأسواق.
  الزراعة تبرر
مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة عبد المعين القضماني في تصريح صحفي برر غلاء البندورة المحمية لهذا العام بالارتفاع النسبي لأسعار مستلزمات الإنتاج مثل البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية والعبوات الفارغة المعدة لتعبئة الإنتاج، إضافة إلى ارتفاع أجور النقل والعمالة، وإلى الأضرار التي لحقت بالبيوت الزجاجية بسبب الظروف المناخية والبيئية مثل العواصف الهوائية والصقيع. وأشار القضماني إلى أن مجمل العوامل السابقة بالإضافة إلى قلة الكميات المستوردة ربما تكون لأسباب وقائية وحجرية لعبت دوراً مهماً في ارتفاع أسعار البندورة على النحو الحالي، مبيناً أن حجم الإنتاج المتوقع منها نحو (553) ألف طن.
  وجهة نظر تجار سوق الهال
عدد من تجار الخضر في سوق الهال (جملة) أكدوا عدم احتكار البندورة وأن ارتفاع أسعار المادة يتعلق بانخفاض كميات الإنتاج من البندورة المحمية بشكل عام في المنطقة الساحلية والارتفاع الكبير في تكاليف النقل، وعدم وجود كميات مستوردة من الخارج تغطي النقص الحاصل في الطلب، مع تأكيدهم على أن الأسعار في سوق الهال يحددها العرض والطلب ولا مجال للاحتكار بسبب شدة المنافسة بين التجار وتتراوح أسعار المبيع بين 110 ـ 125 ل. س للكغ.
  حماية المستهلك عاجزة !!
 وقال جمال السطل جمعية حماية المستهلك بدمشق قال في تصريح صحفي سابق له: إن جمعية حماية المستهلك غير قادرة على تقديم شيء في مجال تحديد أسعار الخضر بسبب كثرة تذبذبها وسرعة تلفها لكونها حاجة غذائية يومية، مبيناً أن الجهة القادرة على التدخل في مثل هذه الحالات المؤسسة العامة للخزن والتسويق الزراعي عبر الشراء المباشر للإنتاج من المزارع أو الاستيراد من الدول المنتجة وطرحه إلى منافذ البيع دون المرور بحلقات الوساطة التي غالباً ما تضاعف أسعار المنتجات.
  نقص بالاستيراد
فيما صرّح خالد الضاهر أحد مستوردي البندورة: إن المحصول شارف على الانتهاء في منطقة الأغوار في الأردن التي تعتبر من أهم مناطق الإنتاج المبكر للبندورة كما يوجد عدم رغبة في الاستيراد من مصر التي تعتبر مصدراً رئيسياً لتوريد المادة لمثل هذه الفترة من العام وهذا ما أدى لنقص العرض وزيادة الطلب وأدى بالتالي إلى ارتفاع أسعار البندورة.
كشفت بيانات إحصائية أن إنتاج سورية من محصول البندورة تراجع خلال العام 2013 بنسبة تصل إلى 57% مقارنة بإنتاج العام 2010.
البندورة أرقام ودلالات
ووفق دراسة صادرة عن المركز الوطني للسياسات الزراعية فإن سنة 2013 كانت استثنائية بكل المقاييس ولا تجوز المقارنة فيها مع باقي السنوات بسبب الظروف الاستثنائية، فهي سنة بالغة السلبية لهذه الزراعة بكل أنواعها حتى لو تم مقارنتها بالسنة التي سبقتها، فالإنتاج الإجمالي انخفض بنحو 36 % عن سنة 2012 والزراعة المحمية تدهورت بنسبة 44% عن سنة 2012، فيما كانت الزراعة المكشوفة تسجل انخفاضاً جديداً بنسبة 27 % عن السنة التي قبلها. وتشير الدراسة إلى أن تدهور الزراعة المحمية يرجع إلى انخفاض أعداد البيوت البلاستيكية التي تم استثمارها مقارنة بالسنوات السابقة، فقد كان هناك 95133 بيتاً بلاستيكياَ بمساحة 4281 هكتاراً، إلا أنها بدأت بالانخفاض لتصل عدد البيوت المستثمرة عام 2010 لنحو 37789 بيتاً بلاستيكياً بمساحة 1512 هكتاراً، بنسبة تدهور 60 % في استثمار البيوت و64 % المساحات المزروعة المحمية. أما توزع الزراعة المحمية لعام 2013 فكان على أربع محافظات إنتاجاً ومساحةً: طرطوس بنسبة 68 % أولاً واللاذقية 29 % ثانيةً، وذلك بسبب ملاءمة الظروف المناخية خلال الشتاء لإنتاج البندورة المغطاة في منطقة الساحل، فقد انتشرت هذه الزراعة بصورة رئيسية هناك، تليها حمص بنسبة 2% ومن ثم حماة 1% من إجمالي الزراعة المحمية للبندورة. وكانت الزراعة المكشوفة للبندورة تنتشر في كل المحافظات، لكنها تتركز في محافظات درعا، حلب، الحسكة والقنيطرة وتزرع في المناطق التي تتوافر فيها المياه. وتضيف الدراسة: إن البندورة تعتبر من أكثر الخضار استهلاكاً لدى السوريين لتوافرها وانخفاض ثمنها وفوائدها وهي ثقافة تقليدية في الاستهلاك، ونتيجة الأزمة التي تعاني منها البلاد والتي أثرت على الإنتاج والاستهلاك على حد سواء أدى ذلك لانخفاض حصة الفرد السنوية فقد انخفضت من 42 كغ عام 2007 إلى حوالي 32 كغ عام 2012 أي بنسبة تصل إلى 24%، وهذا الانخفاض يعود لتراجع الإنتاج وصعوبة التسويق. وفيما يتعلق بالاستيراد فإن زيادة الاستيراد جاءت على دفعات، فازدادت الواردات بنسبة 190% في الفترة 2006-2008 مقارنة مع مثيلاتها في الفترة 2003-2005 وهي نتيجة تغير السياسة المتبعة في سورية وتسهيل الاستيراد لهذه السلعة، وكذلك نتيجة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى بشكل كامل في العام 2006 ما شجع أكثر على المزيد من الاستيراد من الدول العربية، فيما نلاحظ أن الزيادة كانت طفيفة بمقارنة سنة عام 2012 بمتوسط سنوات 2009-2011 وهي زيادة بمقدار 17 % حيث بلغت قيمة المستوردات عام 2012 حوالي ملياري ليرة سورية.
 ذروة التصدير كانت سنة 2009 كما تقول بيانات الدراسة فقد بلغت 665.7 ألف طن وأخفضها كانت في العام 2012، حيث تم تصدير 207.5 آلاف طن، وكان الاستيراد بزيادة مطردة بدأت في العام 2003، ومع تطور الاتفاقيات والسوق المشتركة بين سورية ودول الجوار ارتفعت الكميات المستوردة من 115.3 ألف طن عام 2011 إلى 122.8 ألف طن في عام 2012 لتغطي النقص الحاصل في الإنتاج والطلب المتزايد على السلعة.