أهالي المخطوفين والمفقودين.. معاناة وتصريحات ووعود!!

أهالي المخطوفين والمفقودين.. معاناة وتصريحات ووعود!!

الأزمنة

الاثنين، ١١ أغسطس ٢٠١٤

السويداء- فريال أبو فخر firyal-af@hotmail.com
"عليكم التحلي بالصبر وأعلى درجات الوعي والمسؤولية، المحافظة ماضية في جهودها الرامية إلى إعادة المخطوفين والمفقودين، مشروع المصالحة الوطنية مستمر على قدم وساق وعلى الجميع أخذ دوره الكامل والمساهمة بشكل فاعل في المصالحة الوطنية، جميع السوريين في خندق واحد ويجب أن ينتصر البعض للبعض الآخر وإعادة بناء النفوس والعقول قبل الحجر، نضع نصب أعيننا ضرورة السعي بجميع السبل والوسائل لمعرفة وتحديد مصير المفقودين وإعادة المخطوفين إلى أسرهم من مدنيين وعسكريين والمضي قدماً في مشروع المصالحة الوطنية الذي يشكل أحد السبل المهمة للخروج من الأزمة التي يعاني منها الوطن".
عبارات وتصريحات وعلى الرغم من أهميتها إلا أن أهالي المفقودين والمخطوفين قد ملّوا سماعها، كيف لا وأعصابهم مشدودة بانتظار سماع أي خبر يبرد نار قلوبهم، متمسكين بالإيمان على أمل أن تكون العناية الإلهية قد تدخلت لإنقاذ ابنهم أو ولدهم أو أبيهم، أو أن تكون قلوب خاطفيهم مازالت تحمل في خلاياها بعضاً من مشاعر الرأفة والرحمة والشفقة على أناس ساقهم قدرهم لكي يكونوا ضحية للخطف.
ما هو حجم التعذيب والعنف الذي يتعرضون له؟..
تسعى الجهات المعنية منذ بدء الأزمة وعن طريق مكتب المتابعة في المحافظة والذي يُعنى بشؤون أسر الشهداء والجرحى والمخطوفين والمفقودين بالإعلان الدائم لدعوة أهالي المفقودين والمخطوفين والبالغ عددهم 126 اسماً موثقاً إلى التواصل الدائم مع المكتب للإعلام عن أي حالات جديدة أو معلومات جديدة بخصوص هؤلاء المفقودين والمخطوفين، وإقامة وإلقاء المحاضرات من قبل الوزارة المعنية عن أهمية المصالحة الوطنية ودورها في توطيد أواصر التعاون بين السوريين كخيار وحيد، ما جعل الأهالي يعيشون حالة من الاستهجان والتساؤل، فهم يريدون أفعالاً لا أقوالاً، ويريدون ترجمة هذه التصريحات والمحاضرات بشكل عملي، وذلك برؤية مخطوفيهم ومفقوديهم أحياء يرزقون أمام أعينهم بعد أن ذاقوا الأمرّين, فمن جهة هم لا يعرفون مصيرهم ولا كيف يعيشون وما هي نوعية المعاملة التي يتلقونها وما هو حجم التعذيب والعنف الذي يتعرضون له، ومن جهة أخرى وحسب تعبير والد أحد المخطوفين الذي تحدث للأزمنة أن الجهات المعنية لا تقوم بواجبها على أكمل وجه، مضيفاً: ما يحيرنا أنهم دائماً يقولون لنا راجعوا المكتب الخاص بذلك وعندما نقوم بالمراجعة على أمل سماع أي معلومة فإننا نلمس غياب الشفافية من قبل الجهات المعنية، حيث نجد صعوبة بالغة بالتواصل معهم، ما جعلنا نبدأ بالبحث عن بدائل أخرى بعيداً عن الجهات المختصة بهذا العمل حيث وقع الكثيرون بفخ النصب والاحتيال من قبل أشخاص يتلاعبون بمشاعر وعواطف أهالي المخطوفين، ما عرّضهم لعمليات الابتزاز التي يستخدمها البعض كنوع من أنواع التجارة والعمل للحصول على الأموال عن طريق ادعائهم وساطتهم وحلّهم للموضوع، ومن ثم يجدون المبررات والحجج الجاهزة للتنصل من الوفاء بوعودهم التي قطعوها لأهالي المخطوفين والمفقودين.
شقيق أحد المخطوفين ذكر للأزمنة أنهم يقدرون ويثمّنون عالياً المجهود والتعب الذي تقوم به الدولة من تحذيرها أبناء الوطن الواحد من محاولات التجييش واللعب على وتر الطائفية من قبل البعض والذي يرفضونه جملة وتفصيلاً، كما أنهم يدركون جيداً أن هناك مناطق تستطيع الدولة الوصول إليها بينما هناك مناطق لا يمكن الوصول إليها بسبب العصابات الإرهابية التي تسيطر على هذه المناطق وأهاليها، ولكنه تمنى أن يناقش ملف المخطوفين والمفقودين بجدية أكثر وأن يولي الاهتمام بشكل أسرع فهناك أناس بشر يتعرضون كل يوم للإهانة والتعنيف والتعذيب وشتى أنواع الإذلال للكرامة، ومن هنا فنحن نطالب دائماً ببذل الجهود الحثيثة وإطلاق شتى أنواع المبادرات التي تهدف إلى إطلاق سراحهم، والعودة إلى أهاليهم الذين يعيشون بحالة يرثى لها جراء عدم معرفة مصيرهم.
وأضاف: بصراحة الأسرة التي يستشهد ابنها أو أخوها أو أبوها فإن الأمر أسهل عليها من الأسرة التي تفقد أحد أفرادها، فهي على الأقل تعرف مصيره أما نحن فوحده الله يعرف كيف نعيش، نحن محرومون النوم، أما والدتي فهي لا تعرف طعم الحياة منذ أن سمعت بخبر اختطاف أخي، وعندما تخلد للنوم قليلاً نستيقظ مذعورين على صراخها بعد أن تتخيله وهو يتعرض للتعذيب، وبعد سنة ونصف باتت حياتنا جحيماً نتمنى الخلاص بأي طريقة، ومن هنا نتمنى ونطالب دائماً برفع حالة التأهب القصوى لملف المخطوفين والمفقودين لعل وعسى أن نجد من يحس بنا وبمعاناتنا التي لا يشعر بها إلا من جربها.
لجان متابعة!!
إحدى الأمهات ذكرت للأزمنة أن ابنها تعرض للإصابة ثلاث مرات أثناء تأديته لواجبه العملي حيث يعمل شرطياً، ومن حبه لوطنه الذي تحاك له المؤامرات كانت هذه القناعة تدفعه للعودة مجدداً لمتابعة عمله والقيام بواجبه بعد أن يتعافى وتلتئم جراحه، إلى أن تعرض للخطف على يد العصابات المسلحة مع اثنين من زملائه في الشرطة وهم نائمون وقت الاستراحة، ولكن الشيء الذي يثير الألم والحسرة أنه وصف من قبل وزارة الداخلية بأنه تخاذل بالدفاع عن واجبه وهو الذي تعرض للإصابة ثلاث مرات وفي كل مرة يأبى إلا أن يعود لخدمته، وتساءلت الأم باكية كيف يتخاذل من كان يحب وطنه لدرجة العبادة وعندما كنا نقول له إن عملك خطر ويمكن أن تتعرض للخطف والقتل كان يقول أنا رجل مؤمن" واللي كاتبو ربك بدو يصير"، وأضافت: نحن نعيش ظروفاً صعبة وقاسية، وتساءلت لماذا لا تقوم الجهات المعنية بإحداث اللجان الخاصة لمتابعة كل حالة على حدة؟. فمثلاً لجنة لمتابعة قضايا المخطوفين العسكريين، وأخرى لمتابعة المدنيين، وثالثة تعنى بالموظفين المخطوفين والمفقودين، وبهذا يتابع العمل من قبل كل لجنة على حدة، وبهذا نستطيع أن نراجع اللجنة المختصة ومتابعة أوضاع ابننا المفقود بواسطة هذه اللجنة، عوضاً عن تشابك العمل في جهة واحدة مسؤولة عن شؤون المفقودين والمخطوفين كافة.
لماذا يُقطَع راتبه طالما خطف تحت تهديد السلاح؟..
إحدى السيدات وهي زوجة لأحد الموظفين المخطوفين قالت: نعيش في وضع مأساوي بعد أن قاموا بخطف زوجي الموظف والذي كان يحب وطنه وقائده وأرضه لدرجة التأييد المطلق، ولقد تم قطع راتبه عن الأسرة المكونة من أربعة أطفال وللأسف لا يوجد معيل لنا سوى راتب زوجي الذي كان يلبي بعضاً من حاجاتنا مثلنا مثل باقي الأسر التي تعرض معيلها للخطف، وتساءلت لماذا تقطع الدولة عنا راتبه طالما أنه خطف تحت تهديد السلاح؟ وما هو ذنبه إذا كان خطفه بالإكراه ألا يكفيه ما يتعرض له من ذل وتعذيب وفوق ذلك تتشرد عائلته وأبناؤه جراء عدم وصول رواتبه إلينا، وضعنا أصبح من سيئ إلى أسوأ في ظل هذا القلق والتفكير بمصيره وكيف يعيش حالات التعذيب الذي ساقه قدره إليها، والمضحك في الأمر أنهم يريدون منا إثبات عملية الخطف حتى ينظر بإعادة الراتب إلى أسرة المفقود أو المخطوف، وتساءلت كيف لي أن أقوم بإثبات عملية الخطف؟ وهل يمكن لزوجي المخطوف أن يتفاهم مع الذي خطفه بقصد الأذى والتعذيب والفدية أن يطلب منهم ورقة مثلاً تثبت أنهم خطفوه، هذا أمر معيب بحقنا وبحق المخطوفين والمفقودين جميعاً، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه هذا الملف، وأن يقدموا لنا المساعدة والدعم وتذليل العقبات والصعاب وتخفيف الألم والحسرة التي نتجرعها، بدل وضع العصي في العجلات، وزجنا في معاملات روتينية لن تزيدنا إلا الكثير من الحرقة والألم وتكالب الهموم على كاهلنا، عن طريق تأسيس لجنة تقصي الحقائق مهمّتها معرفة مصير هؤلاء المفقودين والمخطوفين، والبحث في سبل استعادتهم أو تأمين تعويض يساعد عائلاتهم على متابعة الحياة، بدل تركهم لقدرهم المتمثّل بإذلال العائلة وجرّها وراء الإجراءات الروتينية، التي غالباً لا تعود عليها بفائدة مادية ملحوظة.
حالات من التفاوض فشلت بسبب عدم إيفاء الخاطفين بتعهدهم!!.
والد أحد المخطوفين روى للأزمنة عن معاناته وأسرته منذ الشهر التاسع من عام 2013 حيث تمت عملية الخطف لولده، وما يزيد الطين بلة أن ولده الثاني مصاب جراء تعرضه لكمين أثناء تأديته لواجبه الوطني في الخدمة الإلزامية ما جعله طريح الفراش يتلقى العلاج لأكثر من حالة مرضية وتكاد تكون أشبه بالشلل، وبعد هذه المصيبة حسب تعبيره فهو منشغل بملاحقة قضية اختطاف ولده منذ عشرة أشهر وجميع أفراد العائلة بحالة يرثى لها، فهو لم يترك باباً إلا وطرقه ولم يترك أي شخص يمكن أن يساعده إلا وطلب المساعدة منه، ولكن دون جدوى وأنه قابل كل من له علاقة بالمصالحة سواء داخل الوزارة أم خارجها كذلك دون التوصل إلى علاج مفيد لمشكلتهم.
وأضاف: لقد كثرت الأقاويل والاجتهادات في هذا الملف وتنطح من أعلن قدرته على حل مشكلات الخطف عن طريق صلاته بأناس قد يكونون مقربين من الخاطفين ولكنهم ليسوا راضين عن سلوكهم وبالفعل فقد نجحت بعض التجارب عن طريق دفع فدية مالية وصلت في بعض الحالات إلى أرقام خيالية وفي الأغلب كان يتم جمعها من الأقارب والمعارف وفاعلي الخير لعجز أصحاب العلاقة تأمين المبلغ نظراً لفقر حالهم، وحالات أخرى نجحت بالتفاوض بين الجهات المختصة والخاطفين، وهناك بعض حالات التفاوض فشلت بسبب عدم إيفاء الخاطفين بتعهدهم بعد أن قُدّم لهم كل ما طلبوه من ضمانات وأموال.
أحد الأعضاء بالمصالحة الوطنية أكد للأزمنة أن سورية قررت بشعبها وجيشها وقيادتها التصدي لكل المؤامرات والمشاريع المعادية واستطاعت المواجهة والصمود أمام هذه الهجمة الإرهابية لأن الصمود هو طريق للانتصار، بالإضافة إلى أن الدولة السورية حافظت على مهمتها الأساسية كأب حام وراع وأم لكل السوريين ولم تتخلَ عن التزاماتها ومسؤولياتها رغم حجم المؤامرة، ولم يستطع أعداء الوطن أن ينالوا من مؤسسات الدولة أو يفككوها, وبقيت مؤسسات الدولة متماسكة وعلى رأسها مؤسسة الجيش العربي السوري رمز السيادة والاستقلال، فنحن قادرون كسوريين على صنع مستقبل بلدنا بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية ولن تثنينا كل التهديدات عن القيام بأداء واجباتنا تجاه وطننا، وكل من توهم بأنه يمثل الشعب السوري خارج سورية أثبت الدليل العملي إنه بالكاد يمثل نفسه، وبالعودة إلى ملف المفقودين والمخطوفين والذي يعتبر من أهم الملفات المفتوحة أمام الحكومة السورية وهو ملف حساس للغاية، فإننا نؤكد أن الدولة السورية لن تدخر جهداً في معالجة هذا الملف ومعرفة مصير المفقودين وإعادة المخطوفين إلى ذويهم، ولكن حذّرنا ونحذر من الأشخاص الذين تحولوا إلى سماسرة باسم المصالحة الوطنية.
وبعد..
من المؤسف القول إن أهالي المفقودين والمخطوفين- ومن خلال الانطباع الذي كوناه نتيجة لقائنا مع بعضهم- أصبحوا لا يعوّلون على أي من الوعود الصادرة من قبل المسؤولين أو اللجان الخاصة بهذا الموضوع، وما نأمله ونتيجة حساسية هذا الملف التعامل معهم بكل صدق وشفافية واطلاعهم على أدق التفاصيل والتطورات لعلهم يجدون بعض الراحة من كابوس جاثم على صدورهم ولا ينفك يؤرقهم نتيجة التعمق بتفكيرهم عما آلت إليه حالة مخطوفيهم ومفقوديهم، وكما قالت لنا إحدى الأمهات: " الله لا يذوقّها لحدا"..