بين متنافسين تبادليين (الأخضر والأصفر)

بين متنافسين تبادليين (الأخضر والأصفر)

الأزمنة

الأحد، ٨ يونيو ٢٠١٤

الأزمنة| دريد سلوم
منذ بداية الأزمة عانت الليرة السورية هبوطاً ملحوظاً نتيجة ارتفاع الدولار وتحكّمه بأسعار المواد المختلفة سواء أكانت مستوردة أم مصنعة محلياً نتيجة السياسات الاقتصادية والسياسية المعادية لبلدنا والهادفة إلى حصار المواطن السوري وسلب مدّخراته والتأثير على حياته المعيشية, إذ كان الرهان على إضعاف الليرة السورية إلى القدر الذي يساهم في الانهيار الاقتصادي وبالتالي الانهيار السياسي نتيجة تكالب الدولار وارتفاعه بشكل لافت من الـ 50 ليرة أو الـ 70 في أحسن حالاته إلى أن تجاوز الـ300 في العام 2013 هذا الارتفاع أضعف إلى حدٍ ما الثقة بالليرة السورية أمام تدفق سيول الحملات الإعلامية المغرضة التي روّجت لتهاوي احتياطي العملة السورية إلى حد أن البعض فقد الثقة بها وباقتصادنا وبدأ بادّخار الدولار كبديل مناسب لحفظ ثرواته.

تهاوٍ ملحوظ
 إن سياسات التدخل السريع من قبل المصرف المركزي والاقتصاديين من خلال ضخ كميات من القطع الأجنبي في السوق ومحاصرة وملاحقة المتلاعبين بسعر الصرف في السوق السوداء وحصر المستوردات بالقطع الأجنبي أدى إلى انخفاض الدولار بشكل لافت بعد أن كان محلقاً عالياً إلى درجة بات يشكل فيها هاجساً وكابوساً للمواطن السوري الذي عانى ما عاناه بسبب سياساته الصاعدة، كذلك الأمر حين بدأت سياسات التدخل الإيجابي التي كسرت من جبروته وأنزلته إلى الحدود الدنيا المقبولة رغم كل الظروف, الأمر الذي جعل الكثيرين في حيرة من أمرهم وكيف يعوّضون ما خسروه جراء تحويل مدخراتهم إلى دولار.

تجربة وعبرة
يرى الدكتور قيس خضر من جامعة دمشق كلية الاقتصاد أن السوق السورية ولاسيما سوق النقد عانى من خلل واضح أرخى بظلاله على كافة الأسواق الأخرى في الاقتصاد السوري حيث برز بعدان رئيسان لسوق النقد الأول يتعلق بالتداول ومقدار الضغط الذي تعرضت له الليرة السورية والنظام النقدي بشكل عام وبمدى قابلية واستمرارية النظام النقدي، والبعد الثاني وهو بعد خزان القيمة والذي تأثر مؤخراً بأسباب متعددة منها ما هو سياسي ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو عسكري ميداني الأمر الذي أضعف الثقة إلى حد ما بالخزانات الأجنبية إلا أن الثقة لم تزدد بالمقابل بالليرة السورية إلى الحد الذي يجعلها تستعيد وضعها التوازني وكان البديل الوسيط هو تزايد نزعة المدخر السوري نحو الذهب على إنه خزان آخر لعملة راحت تفقد من قيمتها مضيفاً أن وضع المدخرات في الأصل الذهبي يحافظ بلا شك على قيمة المدخرات كون الذهب أقل هشاشة وأكثر صلابة في مواجهة الأزمات لأنه يرتبط بمستندات متحركة للاقتصاد السوري إذ وجد المدخر السوري نفسه بين كتلتين الأولى محلية هشة وهي الليرة السورية والثانية هي الدولار الأميركي الذي تعرض أيضاً لأزمات نفسية مؤخراً أحالت الطرف عنه فكان الاتجاه نحو الذهب بديلاً مقبولاً.

تدخّل لافت
يتابع د.خضر أن العامل النفسي أثّر بشكل إيجابي باستبدال وترجيح المنتج المحلي وليس بمنتج أجنبي منافس كون التدخل سورياً ولم يعد أميركياً من خلال طرح العملات الذهبية كالليرة ونصف الليرة الذهبية مما خفّض الضغط عن الليرة السورية، إلا إنه لا يحمي صفقة أن الليرة نفسها لا تزال معروضة للتبادل ولا تزال تفقد شيئاً من قيمتها الرمزية والاقتصادية فهذا يخفف عنها بعض الضغط النفسي إلا إنه لا يخفي ضعفها الاقتصادي النسبي.

أسعار السوق
إنّ فهمنا للعلاقة التبادلية التنافسية وتأثير كل من الأخضر والأصفر ببعضهما يفسر مقدار الارتفاع الذي حل بسوق الذهب مؤخراً نتيجة ارتفاع الدولار بالمقابل، حيث تأثر سوق الذهب بانخفاض قيمة الليرة أمام الدولار ليرتفع غرام الذهب عيار /21/ خلال أسبوع بمقدار 375 ليرة من 6 آلاف ليرة إلى 6375 ليرة، وارتفع عيار /18/ إلى 5464 ليرة وعيار /14/ 4250 ليرة وعيار /12/ 3643 ليرة، وبلغ سعر الليرة الذهبية السورية عيار /21/ 51500 ليرة وليرة ذهب عيار/22/ 54000 ليرة، والليرة الرشادية 45500 ليرة.