بين وبين ..استيراد الألبان وجدوى القرار

بين وبين ..استيراد الألبان وجدوى القرار

الأزمنة

السبت، ٢٤ مايو ٢٠١٤

وسيم وليد إبراهيم
سمحت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بقرار أصدرته مؤخراً، باستيراد الألبان والقشدة غير المركزة واللبن الرائب، استثناءً من أحكام المنع، شريطة التقيد بقرار وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي رقم 301/ت لعام 2006 وتعديلاته، على أن تسدد القيمة وفق الأحكام الصادرة عن مصرف سورية المركزي بهذا الخصوص في خطوة لتأمين هذه المواد للسوق المحلية.
إذن، تم السماح باستيراد الألبان والقشدة واللبن الرائب، ومن المعروف أن هذه المواد تعتبر مواد غذائية أساسية للمواطن، ولكن تعتبر في نفس الوقت مواد سريعة التلف، وهنا لابد من طرح سؤال عن مدى جدوى هكذا قرار، وهل حقاً لا تتوفر الألبان بمشتقاتها في أسواقنا حتى يُسمح باستيرادها؟..
بالطبع الحصول على تصريح من مسؤولي وزارة الاقتصاد يعتبر أمراً صعباًً كما ذكرنا سابقاً، ولكن سنذكر ما قالته وزارة الاقتصاد حيال هذا القرار ونرى آراء المختصين حياله.

جمعية مشتقات الحليب: لا جدوى من القرار ولا يمكن تنفيذه
رئيس جمعية مشتقات الحليب بدمشق وريفها عبد الرحمن الصعيدي، أوضح في تصريحه لـ"الأزمنة"، أن قرار السماح باستيراد الألبان وغيرها من القرارات لم يتم أخذ رأي الجمعية فيها، لافتاً إلى أن جميع مشتقات الحليب في الأسواق تعتبر متوفرة ويوجد اكتفاء في السوق سواء من حيث الألبان أو الأجبان وبأسعار تعتبر أقل من أسعار أسواق الدول المجاورة بالرغم من ارتفاعها.
وسأل الصعيدي: "كيف سيتم استيراد الألبان والأجبان وغيرها من مشتقات الحليب؟.. فلبنان تأخذ حاجتها من هذه المواد من سورية والأردن كذلك وتركيا لا يمكن الاستيراد منها كما أن أسعار هذه المواد تعتبر ضعف أسعارها في أسواقنا، فلو استوردنا الألبان فإن سعر الكيلو الواحد منه سيبلغ نحو 1400 ليرة، بينما يصل سعره في أسواقنا نحو 400 ليرة".
وأشار إلى أن الحليب والألبان والأجبان متوفرة في الأسواق رغم كل الصعوبات، "وهي ليست مزاودة، صحيح، هناك ارتفاع في أسعار هذه المواد ولكنّ ارتفاع أسعارها جاء نتيجة ارتفاع أسعار العديد من المواد والخدمات سواء البنزين أو المازوت والنقل، فالأزمة التي تمر على سورية أدت لارتفاع كافة الأسعار بما فيها الحليب والأجبان".
وأضاف الصعيدي "ناشدنا بدعم الثروة الحيوانية لكي لا نصبح مستوردين ولكي لا نصل إلى هذه المرحلة".
وأكد على أن قرار استيراد الألبان والأجبان لا يمكن تنفيذه، حيث وصلت عيّنات من اللبنة المستوردة من هنغاريا وكانت أسعارها ضعف أسعار اللبنة في أسواقنا، وفي حال تم استيراد الألبان واللبن الرائب، فإنها لن تخفّض الأسعار في الأسواق ولا ننسى أنها مادة سريعة التلف وفي حال وضعوها في برادات ستكلف الضعف لحين وصولها إلى الأسواق السورية، مشيراً إلى إنه لا يوجد جدوى من هكذا قرار كون أسعار المواد المستوردة ستكون مضاعفة.
ولفت إلى أن القشدة نستوردها منذ زمن حيث لا يوجد لدينا معامل تنتج مثل هذه النوعية من مشتقات الحليب، "إلا أن ما نراه حالياً أن الألبان والأجبان تباع في كل مكان في أسواق دمشق وريفها حتى أنها تباع على الأرصفة، مما يؤكد توافرها وعدم وجود أي حاجة لاستيرادها"، مشيراً إلى أن الألبان التي تباع على الأرصفة هي ليست ضارة حيث تحتوي على حليب بودرة وهي صحية ولكن مخالفة للمواصفة القياسية، مع الإشارة إلى إنه مسموح بها في مواصفات الدول الأخرى، مؤكداً على أن الجمعية ضد منع هكذا منتجات من البيع، حيث أن ليس لدى جميع المستهلكين قدرة على شراء كيلو الألبان الذي يبلغ سعره 450 و500 ليرة.
ونوه إلى أن استهلاك دمشق وحدها من مادة اللبنة يتراوح يومياً ما بين 30 إلى 40 طناً، وأن المستهلكين يستهلكون هكذا نوعية من الألبان التي تباع على الأرصفة منذ نحو ثلاث سنوات ولم يحدث أي ضرر لهم.
وعن تهريب الألبان والأجبان إلى أسواق الدول المجاورة مثل لبنان، أكد رئيس جمعية مشتقات الحليب وجود تهريب بشكل يومي لهذه المواد، حيث أن سعر كيلو جبنة الغنم في أسواقنا يتراوح ما بين 450 إلى 500 ليرة، في حين إن سعره في لبنان يصل إلى 1200 ليرة، وكيلو اللبنة في لبنان أيضاً يصل إلى 800 ليرة أي ضعف الأسعار لدينا.
وطالب الصعيدي بضرورة دعم الثروة الحيوانية من أعلاف وإيجاد مناطق آمنة لها، مشيراً إلى أن الجمعية ترفض تصدير الأغنام والأجبان والألبان لحين إشباع الأسواق المحلية، لافتاً إلى أن الاستيراد والتصدير يحتاج إلى اختصاصيين ودراسة للأسواق المحلية، ونأمل أن يؤخذ رأينا في مثل هذه المواضيع قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بهذه المواد.

وزارة الاقتصاد: القرار سيوفر السلعة ويجعل أسعارها مقبولة
بالمقابل فإن رأي وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية كان مخالفاً، حيث أوضحت في تصريح لها أنها تعمل على استثناء بعض السلع التي كان استيرادها مقيداً بموجب أحكام التجارة الخارجية، ضمن سعيها لتأمين انسياب السلع الأساسية والضرورية في الأسواق، وذلك بعد دراسة متكاملة لجدوى السماح باستيرادها.
 ولفتت إلى أن السلع الواردة بموجب قرار السماح باستيراد الألبان، تعتبر من السلع التي يحتاجها المواطنون في حياتهم المعيشية اليومية، لافتةً إلى أن استيرادها سيدعم المنتجات المحلية منها وسيساهم في توفيرها بكميات وافرة في الأسواق، الأمر الذي يشجع على طرحها بأسعار مقبولة.
وبيّنت أن توسع الوزارة في استثناء العديد من السلع من أحكام المنع في التجارة الخارجية، يأتي ضمن توجه مدروس لتوفير جميع أنواع السلع للمواطنين.
وأشارت إلى أن الوزارة مستمرة في دراسة أوضاع السوق، ومتابعة السلع التي تشهد نقصاً في كمياتها ولا تغطي حاجة الاستهلاك المحلي منها، والتدخل بشكل فوري وسريع لتأمينها.

ضرورة التشاركية الحقيقية في اتخاذ القرار
بعد عرض السابق يبقى القول بأننا نلاحظ صدور قرارات كثيرة لا تحمل جدوى حقيقية من إصدارها مثل هذا القرار وحتى قرار السماح باستيراد الحليب.
ما نود الإشارة إليه هو إنه من الضروري جداً دراسة واقع الأسواق وأخذ آراء أصحاب المهنة، بمعنى التشاركية "الحقيقية والفاعلة" في اتخاذ أي قرار يتعلق بالمنتجات المحلية والتي تمسّ سواء المصنع أو التاجر أو المستهلك.