بعد مخاض الأسواق..البالة قِبلة الشراء للعائلات والأسر الفقيرة في درعا

بعد مخاض الأسواق..البالة قِبلة الشراء للعائلات والأسر الفقيرة في درعا

الأزمنة

الثلاثاء، ١٥ أبريل ٢٠١٤

محمد العمر
يبدو أن اقتناء الملابس والأحذية من أسواق البالة اليوم بات للعديد من الأسر والعائلات في درعا ومنها الأرياف؛ حلاً لا بأس به، خاصة بعد صعوبة التوجه لأسواق أخرى مجاورة كانت تلبي حاجة الناس هناك كأسواق دمشق مثلاً، ولكن بعد ظروف أزمة ثلاثة سنوات صار من العبء الكبير على الشخص الشراء من العاصمة، ولسبب آخر مهم هو المتعلق بالوضع المعيشي المتدهور للكثير من الأسر والعائلات بعد أن فقدت عملها، والتكلفة الكبيرة لسعر أي لباس أو حذاء جديد، مما جعل أسواق البالة بديلة عن الأسواق الجديدة.
 
ظروف قاهرة ..!
إذاً، رغم ارتفاع أسعار البالة عمّا كانت عليه قبل الأزمة، تبقى برأي رؤى  جاويش "موظفة " «أرحم من الأسعار الكاوية المحددة للألبسة الجديدة»، والتي أجبرتها الظروف الاقتصادية على شراء الألبسة من البالة، وهو ما كانت ترفضه قبل أن تحلّق أسعار الألبسة الجاهزة منذ عامين  بنسبة تجاوزت 300%. وتوضح  علياء "موظفة" أنها بدأت والعديد من زميلاتها وأهل بيتها وصديقاتها شراء الملابس من البالة علناً بعدما كنّ يقمن بذلك في الخفاء، «فالمهم الآن أي شيء، بنطال قميص وتأمين الألبسة بالسعر الأنسب»، مبيّنة أنّ سعر أيّ بنطال «جينز» في الأسواق العادية يبدأ من ثلاثة آلاف ليرة وما فوق، بينما يمكن الحصول عليه من البالة بسعر ألف ليرة وبنوعية جيدة.

أرحم بكثير..!
يمكن القول إن الأسعار في أسواق البالة، حسب وصف الكثير من الباعة وهم على الأغلب عاطلون عن العمل ، قالوا إن الأسعار تضاعفت عما كانت عليه قبل عامين، لكنها تبقى أرحم قليلاً من المحلات، ففي جولة على أسواق البالة وجدنا أن عدد البسطات أكثر من المحال المخصصة لهذا الغرض وتبقى أسعارها أقل من التي تباع في المحال بنسبة تتراوح مابين 20-50%، فمثلاً تباع الكنزة الولادية على البسطة بـ 200 ليرة علماً أنها كانت تباع بـ 50 ليرة، وفي المحل تباع بـ 3500 ليرة.‏ وبالنسبة لأسعار الألبسة المستعملة الرجالية  القميص بـ 1000 ليرة  والبنطال الجينز بـ 1500 ليرة ، أما النسائية المستعملة، فتباع الكنزة الصيفية بـ 500 ليرة وبنطال الجينز بـ 1300- 1500-  ليرة، ولكنها ألبسة ثقيلة وجيدة " قماش ثقيل" حسب تعبير العامة.‏ وتظهر الأسعار المرتفعة  قليلاً عند بيع الأحذية الجلدية فمثلاً الحذاء الرجالي المستعمل بـ 1200 ليرة والحذاء النسائي بـ 1000 ليرة وهناك أنواع تباع بـ 1500 ليرة، حسب نظافتها وجودتها، بالمقابل يباع الحذاء الولادي مابين 800-1800 ليرة.‏ وحسب قول أحد الباعة تبقى أسعار البسطات وهي على الأغلب بالة أرحم من غيرها بكثير وخاصة المحلات التي ألبستها جاهزة وأقمشة تايلاندي وصيني وتركي وغيره على حد تعبير الكثيرين.

مقبولة نوعاً ما..!
وحسب عزيز، صاحب محل تجاري، تعود سبب ارتفاع أسعار الألبسة الجاهزة وانخفاض البالة على نحو رئيسي إلى تغيّر السوق وفرق العملة، ومنها سعر صرف الدولار وإغلاق العديد من منشآت ومعامل صناعة الألبسة الوطنية بسبب الأزمة، إذ إنّ معظم الأقمشة أو الألبسة باتت تُستورد من الخارج ويتعلق سعرها بالدولار، أما البالة فحسب جودتها وهي مطلب للكثير من الأسر والعائلات الفقيرة بعد تدني مستوى المعيشة، مشيراً عزيز إلى أن أسعار البالة ما زالت مقبولة نوعاً ما خاصة بالنسبة للغلاء الفاحش الذي يفرضه تجار الألبسة الجاهزة، حيث يمكن شراء قميص شتوي بسعر ألف ليرة من البالة بينما ستدفع ضعف المبلغ للحصول على نظيره الجديد وبجودة أقل من محال الألبسة الجاهزة.

تبرير منطقي.!
ياسر زند الحديد خبير ومراقب اقتصادي قال إن الأسواق اليوم ليست كما هي قبل الأزمة، إذ إنها  تمر بأسوأ مرحلة عرفتها منذ عقود، تعيش الأسواق حالة من عدم الاستقرار والتوازن  من حيث الأسعار إلا في بعض أنواع المواد والسلع، في حين إن هناك سلعاً تشهد استقراراً، ولكن بحكم السوق والوضع الحالي بعد استفحال الأزمة بات المواطن يبحث عن البديل في كل مشترياته، الأمر الذي خلق له ثقافة استهلاك جديدة، تناسباً مع الوضع المعيشي، وأسواق البالة والمستعملة والخردة باتت للأسف البديل بعد تعذّرِ شراءِ سلعٍ جديدةٍ كون أسعارها باتت مع مهب الريح، ولا شيء يعيدها إلّا انتهاء الأزمة بخير.
تزايد حجم إقبال المواطنين هذا العام على شراء الألبسة والأحذية المستعملة (البالة) ظناً منهم أنها بمنأى عن طمع التجار وتجاذبات السوق، وباعتبار أنها سلعة الفقراء وذوي الدخل المحدود، إلا أنها كغيرها من المواد الاستهلاكية أجهضت توقعاتهم، فأسعارها ارتفعت بحدود 100% عما كانت عليه قبل الأزمة، ورغم ذلك تبقى أرحم وأفضل من أسعار غيرها حسب قول الكثير ممن التقيناهم، كالألبسة الجاهزة التي ارتفعت أسعارها بمقدار 200- 300- % . وهناك أمر لابد من ذكره بهذا الصدد؛ وهو: إن تفاوت السعر والعزوف عن شراء الألبسة الجديدة والاتجاه نحو الألبسة المستعملة، قد دفع العديد من أصحاب المحال إلى تحويل محالهم لعرض البالة، لتنتشر هذه المحال في العديد من المناطق الشعبية وبين الأسواق الرئيسة، وهذه حالة عامة انتشرت مؤخراً في المحافظة..