مع عدم قدرة شركات المعارض على تنظيم معارضها داخلياً في ظلال الأزمة
هل تكون المعارض الخارجية رئة الصناعة السورية؟!..

مع عدم قدرة شركات المعارض على تنظيم معارضها داخلياً في ظلال الأزمة هل تكون المعارض الخارجية رئة الصناعة السورية؟!..

الأزمنة

الخميس، ١٣ فبراير ٢٠١٤

*أحمد سليمان
من سيريامودا 2 الذي افتتح أبوابه بفندق فينسيا في بيروت بمشاركة نحو 100 شركة صناعية، إلى معرض موتكس الذي سيفتتح خلال نيسان القادم في مركز البيال في بيروت والذي لم يحسم بعد عدد المشاركين فيه، يبدو الصناعيون السوريون ما زالوا متمسكين بحبل نجاة ما تبقى من منشآت صناعية تعمل بظروف استثنائية وتخصص جزءاً من منتجاتها إلى الأسواق الخارجية.
 فالأزمة التي أرخت بظلالها السوداء على الصناعة السورية وخلّفت ما خلفت من دمار وسرقة ونهب وإغلاق للمنشآت الصناعية في مختلف المحافظات وتراجع إنتاجها ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وفي سد احتياجات السوق المحلية، أو حتى المساهمة في تعظيم القيمة المضافة في إجمالي الصادرات السورية، مازال هناك صناعيون مستمرون بالعمل والإنتاج وإن كان ليس بالطاقة الإنتاجية المعهودة لمنشآتهم، وخاصة بعد أن نقل بعضهم هذه المنشآت أو جزءاً منها إلى مناطق آمنة، أو بقيت في المناطق الساخنة وتعمل في ظروف صعبة للغاية، وهم إما مرتبطون بعقود توريد خارجية أو لديهم قدرة إنتاجية أو كميات إنتاج لا يستطيعون تسويقها داخلياً، ما يعني البحث عن أسواق لهم وخاصة تلك المنتجات التي اكتسبت ثقة المستهلكين في الأسواق الخارجية.
 
وين راحوا؟
 وإن كانت عشرات شركات تنظيم المعارض التي كانت تتبارى فيما بينها لسحب الزبائن إليها للاشتراك في معارضها والتي تجاوز عددها في سنوات ما قبل الأزمة أكثر من خمسين معرضاً، غابت اليوم عن ساحات تنظيم معارض للمنتجات السورية، ولم يعد لها أي وجود، إلا ما خلا بعضاً من الشركات التي تظهر بشكل خجول وتعمل من خلف الستار، لتنبري جهات كانت تنظم المعارض بشكل تقليدي لتقوم بهذه المهمة في إقامة معارض خارجية متمثلة بغرفتي صناعة وتجارة دمشق واتحاد المصدرين ورابطة المصدرين السوريين وبتعاون وتنسيق ودعم من قبل هيئة تنمية وترويج الصادرات.

غابت مع من غاب
ورغم دخول صناعات غير تقليدية على خط المعارض قبل الأزمة وانتشار المعارض المتخصصة لها، إلا أن هذه الصناعات غابت مع من غاب عن نشاط المعارض إما بسبب إغلاقها أو نهبها وسرقتها أو لعدم قدرتها على الاشتراك بالمعارض واكتفائها بزبائنها المحليين ودون الحاجة إلى عمليات الترويج وخاصة في ظل عدم وجود منافسة لها في السوق المحلية، وبالتالي وصول منتجاتها إلى زبائنها المستهدفين مضمون.
 
حظ التقليدي
وهذه حال أغلب الصناعات التي نشطت في السنوات الأخيرة وليس لديها منافسون كثُر في السوق المحلية من جانب وليس لديها قدرة تنافسية في الأسواق الخارجية، منها أسباب ذاتية أو موضوعية ما جعل الصناعات التقليدية، وبخاصة الصناعات النسيجية والألبسة ومكوناتها ومتمماتها وبسبب زيادة عددها ووجود منافسة كبيرة فيما بينها في السوق المحلية حتى في سنوات ما قبل الأزمة دفعها إلى الاشتراك في هذه المعارض لتأمين أسواق لمنتجاتها وخاصة بسبب خصوصية هذه الصناعة وطبيعة الإنتاج فيها الذي لا يحتاج في المراحل النهائية فيها إلا لقبو في إحدى البنايات بمساحة لا تتجاوز مئتي متر حيث يمكن أن تكون ورش الخياطة والتغليف فيها ما يجعل المراحل السابقة يمكن أن تنفذ في أماكن أخرى وبالتالي فإن طبيعة إنتاجها الذي يتجاوب بشكل فصلي مع تبدلات أذواق المستهلكين وكميات الإنتاج الكبيرة التي تنتجها يجعلها تفيض عن حاجة السوق المحلية ما يجعلها الأكثر احتياجاً للترويج والتسويق وإيجاد منافذ خارجية عبر هذه المعارض التي يمكن أن تسهم في ذلك.
 
رئة الصناعة
 وإذا كانت المعارض الخارجية بمثابة الرئة التي يتنفس من خلالها الصناعيون، فإن هذه المعارض والتي كانت حاضرة وبقوة داخلياً وخارجياً وتتنافس الشركات على إقامتها في سنوات ما قبل الأزمة، سجلت خلال سنوات الأزمة غياباًً شبه كلي خلال بعض المعارض التي استمرت ولو كان ذلك ليس بهذا المردود الكبير على منظميها كموتكس الذي تنظمه غرفة تجارة دمشق وغرفة صناعة دمشق وريفها، إذ سبق وأوضح باسل حموي أن الأعوام الثلاثة الماضية استمر معرض موتكس فيها، 2011 ثلاث دورات، ودورتان لموتكس عمان بالعام 2012، أضف إلى ذلك عملت على دعم ما يقارب خمسة معارض خارجية في2013، واليوم مع الانفراج الاقتصادي والسياسي سيكون عام 2014 عودة للصناعة السورية من بوابة معرض موتكس؛ مبيناً أن المعرض له تاريخه وله دوره الاقتصادي منذ أكثر من عشرين عاماً من خلال 31 دورة وهو معرض عالمي.

تليق بالمنتج
وفيما يبدي حموي عزم لجنة معرض موتكس على بذل قصارى جهدها لإنجاح معرض موتكس في بيروت خلال شهر نيسان القادم وإظهاره بالشكل الذي يليق بسمعة وجودة المنتج النسيجي السوري التي اكتسبها خلال عقود ومئات السنين الماضية، لافتاً إلى أن وجود صناعيين مستمرين بالإنتاج يتطلب توفير منافذ ترويج لهم خارجية لمنتجاتهم إضافة إلى ما يزوِّدون به السوق المحلية بمنتجاتهم من مختلف المنتجات الصناعية وخاصة المنتجات النسيجية التي حافظت على زبائنها المحليين وحتى الزبائن الخارجيين.
 
تكتيك بمكانه
واعتبر اختيار بيروت لإقامة المعرض هذا العام عائداً للظروف الراهنة من جانب وقرْب بيروت من سورية وسهولة نقل منتجات المعرض إليها إضافة إلى ما تتمتع به العاصمة اللبنانية من وجود لرجال الأعمال من مختلف والدول ما يعد فرصة جيدة حالياً؛ على أن يعود المعرض ليقام في دمشق عند عودة الاستقرار إلى المدن السورية، مبيناً أن هناك عشرات الصناعيين تقدموا بطلبات للحجز في المعرض وأنه تم رصد مبلغ كبير للحملة الإعلانية والترويجية للمعرض مترافقاً مع دعوة كل الزبائن التقليديين للمعرض إضافة إلى دعوة زبائن جدد.

تكميلي
وحول تقارب موعدي معرضي سيريامودا وموتكس؛ بيّن حموي أن المعارض الكبيرة لا تتعارض مع المعارض الصغيرة والمتخصصة وإنما تكون تلك المعارض مكملة للمعارض الكبيرة وهنالك قاسم مشترك بينها هو الترويج للصناعات والمنتجات السورية؛ وأن موتكس الذي سيتم تنظيمه سيكون على مساحة 9000 متر مربع بمدينة المعارض اللبنانية، مرحباً بالتعاون من أي جهة سواء رابطة المصدرين ومنظمة رابطة المصدرين السوريين للألبسة والنسيج بالتعاون مع هيئة تنمية وترويج الصادرات واتحاد المصدرين السوري حيث كشفت المنظمة للمعرض عن توقيع عقود بيع تتجاوز الـ 70 مليون دولار مع اختتام فعاليات المعرض الذي كان متخصصاً بألبسة الأطفال واللانجري لتوريدها إلى مختلف أسواق المنطقة العربية وإيران.
 وفيما تبدي هيئة تنمية وترويج الصادرات حرصها ومن باب ولوج المنتجات والبضائع السورية بمختلف أصنافها إلى الأسواق الخارجية، ولاسيما الجديدة منها، لا يحتاج فقط إلى الترويج والتسويق لها بأعلى المستويات، بل لا بد أن يترافق ذلك مع إعادة الوحدات الإنتاجية إلى العمل بطاقتها المقبولة حالياً ولاحقاً، بالطاقة القصوى.
 
تسهيلات
مدير الهيئة إيهاب اسمندر أبدى حرص الهيئة على تقديم جميع التسهيلات والدعم اللازم لإقامة المعارض المتخصصة سواء داخل سورية أو خارجها بهدف فتح نوافذ بيع في الأسواق العالمية معتبراً أن المعارض تأتي كمكمل ومشجع للعارضين والمشاركين من خلال تقديم 55 بالمئة من إجمالي المشاركة وتقديم الدعم اللازم لهم، مبيناً إنه مهما كان عدد وقيمة العقود الموقعة مع الجهات المستوردة للمنتجات السورية، لن تحقق الجدوى المطلوبة إذا لم تتوافر لدينا طاقات إنتاجية تمكّننا من تنفيذها فعلياً على أرض الواقع، مشيراً إلى ضرورة تضافر جهود كافة الجهات المعنية لتحقيق ذلك.. وعلى الاستمرار في التسويق للمنتجات الوطنية وتحسين تنافسيتها، وتخفيض التكاليف والاستفادة من تراكم الخبرة لدينا، والتركيز على العمل الجماعي مع كافة الجهات والاتحادات المعنية بتنمية وترويج الصادرات السورية، موجهاً انتقاده إلى اتحاد المصدرين السوري لتقصيره في هذه المجال.
 
من يسمع؟
يبدو أن هناك الكثير من الجهات التي ما زالت بعيدة عن القيام بدورها في دعم وإقامة المعارض الخارجية إضافة إلى إمكانية قيام العديد من شركات المعارض بدورها الآن وليس انتظار بعض الجهات لتتبنى الأمر سواء كانت غرفتا تجارة وصناعة دمشق أو رابطة المصدرين أو الهيئة؛ بل لابد من مساهمة الجميع في دعم المعارض التي تعدّ سفيراً للصناعة السورية التي بدأت الكثير من منشآتها بالإقلاع مع وجود فرص تسويق قد تشكلها هذه المعارض لتثبت الصناعة السورية قدرتها على تجاوز كل العقبات والمحافظة على سمعة منتجاتنا الوطنية.. فهل من يسمع؟!!.