درعا ..أسواق عشوائية يديرها عاطلون عن العمل!!

درعا ..أسواق عشوائية يديرها عاطلون عن العمل!!

الأزمنة

السبت، ٢٥ يناير ٢٠١٤

الأزمنة- محمد العمر
قبل ثلاثة أعوام كانت هناك أسواق منظمة مخصصة ومتعددة في مدن وقرى درعا، يرتادها أبناء المحافظة من الشمال والجنوب، إلا إنه اليوم ونتيجة الظروف انتشرت الأسواق الشعبية العشوائية هنا وهناك على أطراف المدن والبلدات، لتضم أعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل أو ممّن تركوا عملهم بسبب الأوضاع الساخنة في مناطق عملهم، وبالتالي كثرت عمليات المضاربات نتيجة البيع العشوائي وخاصة لأسواق الموبايلات والأجهزة والكهربائية، حتى أسواق الخضار والفواكه، إلا أن المواطن بات المستفيد الأول من ذلك لقرب المسافة من منطقة سكنه ورخص السعر لغلبة البيع العشوائي من ناحية أخرى.

أسواق عشوائية
لكن رغم انتشار الأسواق العشوائية وغير المنظمة بالقرى والبلدات بشكل كبير، إلا أن هناك أسواقاً لا تزال الأسعار فيها كاوية، ويعزو كثير من المواطنين ذلك الارتفاع لكثافة السكان في المنطقة وارتفاع الطلب على البضاعة وهي أسعار على حد قول "زاهر السيطري" تكاد لا ترحم الجيوب الفقيرة، بعدما كانت ملجأً مناسباً لهم، والغريب أن البائعين بالسوق سرعان ما يتذرّعون بارتفاع الدولار الذي طال كل شيء، رغم أن الأغراض الموجودة فيه على الأغلب تمّ شراؤها وإحضارها دون كلفة.. وكأن هذا الأخضر "الدولار" الذي يتمّ تداوله بين الألسن في السوق قد أشعل لهيب الملابس والأحذية والإلكترونيات والطعام والشراب وحتى جرزة البقدونس على حد قولهم، باتت بِرهْن الدولار؛ وصولاً إلى هذه الأرصفة التي ما تبدي استغرابك لغلاء إحدى معروضاتها حتى يصفعك بائعها (شو ما بتعرف قديش مرتفع الدولاااار)!!!‏ فهذا السوق كما يقول أحد البائعين وهو "عاطل عن العمل"، قد انعكست عليه حمّى الأسعار ضارباً أمثلة كثيرة على البيع والشراء.

أسواق أرحم من غيرها!!
"شريف" أحد البائعين قال بأن السوق لا يزال ملجأ لآخرين في الشراء رغم ارتفاع الأسعار فيه أكثر من السابق بثلاثة أضعاف، ويبقى أرحم من غيره، فأي غرض على حد قوله يختلف عن أسعار الأسواق الأخرى بنسبة 40% من السعر،على سبيل المثال براد الحافظ يباع وبنوعية جيدة بين 60- 70 ألف ليرة بينما بالأسواق تأخذه بـ90 ألف ومئة، والغسالة أتوماتيك بخمسين ألف ليرة وقابل للتنزيل إذا كان هناك مساومة وخذ من ذلك أمثلة كثيرة، وأضاف شريف على الأغلب أن رواد السوق وزبائنه هم من الدراويش والطبقة الفقيرة التي تبحث عن منتجات رخيصة تتدبر فيها أمورها، إضافة إلى بعض الزيارات من الأشخاص الميسورين الراغبين في البحث عن قطع أثرية وقديمة، حيث تتواجد في السوق الكثير من المنتجات النحاسية والعملات القديمة.

وللخضار نصيب..!
في قطاع الزراعة أيضاً يجد الفلاح نفسه محاطاً بأسواق عدة خاصة بعد تعذر الذهاب أو التسوق كما كان سابقاً قبل الأزمة، ويذكر البعض من الفلاحين أنهم أصبحوا يسوّقون منتجاتهم لعدد من بائعي المُفرّق المتواجدين بكثرة على أطراف البلدات والقرى، لا سيما وأن جزءاً كبيراً من هؤلاء قد خسر عمله نتيجة الأحداث وبات لزاماً عليه العمل ببيع الخضار لإعالة أسرته.
يقول "مروان المحمود" من بلدة الشجرة إنه أصبح يسوّق منتجاته إلى المحلات القريبة منه سواء كان في القرية أو خارجها، بعد أن كان يذهب لبيعها في أسواق مدينة درعا أو السفر بها إلى سوق الزبلطاني بدمشق، إلا مع ارتفاع التكاليف والشحن منها ووصول الأجرة إلى أكثر من 50 ألف ليرة للشحن الواحد وقضاء يوم كامل أو يومين على الطرقات، صار التسويق بداخل القرية أو بالجوار، في حين يرى "زياد الشعبي" وهو تاجر نصف جملة من بلدة مزيريب إن سبب ارتياده لسوق طفس يعود إلى قرب المسافة ووجود الخضار والفواكه بأصناف وأسعار مختلفة حيث يرتاده يومياً لشراء حاجته من الخضار والفواكه وبيعها في بلدة المزيريب على شكل نصف جملة.
ويجد الفلاح بهذه الأوضاع، انتشار أسواق كثيرة لبيع الخضار والفواكه اليوم، هي أسواق شعبية على حد قولهم صارت مكاناً لعمل العاطلين عن العمل ومن أرغمته الظروف على ترك عمله. وترى "أم عزام" من قرية سحم الجولان، أن هذه الأسواق تعد رحمة لأصحاب الدخل المحدود فالأسعار في البداية مرتفعة نوعاً ما ثم تنخفض بعد مدة لتصل في نهاية اليوم إلى سعر التكلفة لمعظم المواد وخاصة الخضراوات والفواكه، مشيرة إلى أن للأسواق الشعبية فوائد متعددة فهي تلبي جميع احتياجات العوائل المنزلية من أسبوع لأسبوع..

بضائع مسروقة...!
من ناحية أخرى ورغم الأسعار المختلفة والمرتفعة كثيراً عن العام الماضي، تجد أن هناك أسواقاً باتت مكاناً لتجمّع الأشياء المسروقة، ويجد كل من قست عليه ظروف الأزمة وترك منزله أثاثه وأغراضه منهوبة ومعروضة للبيع، إذ همس لنا أحد الباعة بأن ما يميز هذه الأسواق عن ذي قبل أن الأغراض الموجودة اليوم صارت تجلب بشكل أيسر، إذ باتت توجد فيها بكثير من الأحيان بضائع مسروقة نتيجة الظروف السيئة في بعض المناطق، لكن يوجد الكثير أيضاً من البضائع التي باعها أصحابها عندما قرروا الهجرة وترك منازلهم المهددة بالقصف أو بقذائف الهاون من الجماعات الإرهابية، هاربين هم وعائلاتهم بعيداً عن دائرة الخطر، ومنهم من باع أثاثه ليستطيع أن يستأجر بيتاً في مكان آمن أو ليشتري طعاماً لأولاده بعد أن خسر أعماله، وهذا يوجد منه الكثير وهو صيد ثمين للمحتالين في السوق من تجار الأزمة..
وسرعان ما دافع هذا البائع عن نفسه بأن السوق يضمّ الكثير من العاطلين عن العمل وليس الجميع لصوصاً، قائلاً: "يتواجد بعض ضعاف النفوس الذين لا يحلّلون ولا يحرّمون لكن.. ما هو ذنب من كانت الظروف ضده؟.. الكثير لديه أسر وقد خسروا عملهم"، متسائلاً: "لماذا يصرّ البعض على تقديم الباعة بهذه الأسواق بهذه الصورة المشوهة وغير المنصفة؟!...