التدخين أضراره وتأثيره على كافة الأجهزة في جسم الإنسان

التدخين أضراره وتأثيره على كافة الأجهزة في جسم الإنسان

الأزمنة

الخميس، ١٥ ديسمبر ٢٠١١

يمثّل التبغ إحدى الأولويات الصحية العمومية لأن تعاطي التبغ يودي بحياة أكثر من خمسة ملايين نسمة كل عام. ويعتبر من أهمّ عوامل الاختطار الخمسة المؤدية إلى الوفاة. فقد أثبتت الدراسات بأن11% من الوفيات الناجمة عن مرض القلب الإقفاري، والذي يأتي في مقدمة الأمراض الفتاكة، مردّها تعاطي التبغ. وظاهرة تعاطي التبغ مسؤولة أيضاً عن أكثر من 70% من الوفيات الناجمة عن سرطانات الرئة والرغامى والقصبات. وفي حال بقاء هذه النسب المرتفعة أو استمرارها، فإن تعاطي التبغ سيتسبّب في وفاة أكثر من ثمانية ملايين نسمة كل عام بحلول عام 2030. وسيهلك نحو نصف مدخني العالم، البالغ عددهم أكثر من مليار نسمة، بشكل مبكّر جرّاء مرض له علاقة بالتبغ.
ولأن التبغ العامل الوحيد الذي يمكن توقيه إلى حدّ كبير، فكان للأزمنة دورها الفعّال في نشر الوعي الصحي، وتوجهت إلى وزارة الصحة للحديث عن مخاطر التدخين، وكان هذا الحوار مع الدكتور موسى شامية الاختصاصي في التوعية الصحية، حيث تحدث عن المواد الأساسية التي تتكون منها السيجارة وعن تأثيرها على جسم الإنسان فقال: إن السيجارة تحتوي على النيكوتين، أحادي أكسيد الكربون، القطران، والتبغ الذي يحتوي على حوالي 500 مركب تختلف نسبها حسب نوع السيجارة, منها القطران والكربون المؤكسد، ومن أخطر المواد التي تحتوي عليها السيجارة هي النيكوتين والقطران وأول أكسيد الكربون. أما النيكوتين فيؤدي إلى تسرع نبض القلب وارتفاع ضغط الدم، وتسبب الغثيان عند المبتدئين، وتثبط مركز الشعور بالجوع فتقلل شهية المدخن للأكل, ويتراوح تأثيرها العصبي بين التنبيه الخفيف والتهدئة والشعور بالهبوط والانقباض وفقاً للجرعة وحال المدخن. وكمية ضئيلة من مادة النيكوتين الخالصة مقدارها 40-60 مليغرام إذا تعاطاها الإنسان دفعة واحدة تعد قاتلة. والسيجارة الواحدة تحوي 1 مليغرام في المتوسط.

و أضاف أن أحادي أكسيد الكربون له دور في تعطيل وظيفة اليحمور في نقل الأوكسجين إلى الدم. كما يشترك أول أكسيد الكربون مع النيكوتين في زيادة ترسب الدهون/ الكوليسترول في الشرايين وتجلط الدم. وبالنسبة للقطران فتترسب هذه المادة اللزجة في الحويصلات الهوائية فتعطل تبادل الغازات فيها, كما أنها تحوي موادّ شديدة الضرر وأهمها المواد الهيدروكربونية المحدثة للسرطان, وهي مواد عضوية مكونة من الكربون والهيدروجين وتحتوى على مادة البنزوبيرين, أي فحم مهدرج, وليس فحماً مائياً.
التنفسي والعصبي
وعن تأثير التدخين على الجهاز التنفسي أشار بأنه يؤدي إلى انتشار ذرات القطران على سطح الرئة والغشاء المبطن للقصبة الهوائية مما يؤدى إلى سرطان الرئة. كما يؤدي أول وثاني أكسيد الكربون إلى حرمان الرئة والدم من الأوكسجين وبالتالي ينخفض الأوكسجين الواصل إلى المخ بنسبة 15%. وكذلك يؤدي إلى حدوث نوبات شديدة من السعال، وخلل في التنفس ونقص في السعة الحيوية للرئتين وبالتالي يقل تشبع الدم بالأوكسجين.
وبالنسبة لتأثيره على الجهاز العصبى أضاف بأنه يضعف الإشارة العصبية إلى الجزء المراد تحريكه، ويضعف الذاكرة، ويسبب الصداع، والتهاب الأعصاب البصرية وتقل حدة الرؤية، عدم القدرة على التوازن الحركى والعقلى, أرق وتوتر واستيقاظ فترة طويلة. قدرة أقل على شم الروائح والتمييز بين أنواع الأكل.

الهضمي والدوران
وأكّد على تأثير التدخين على الجهاز الهضمى حيث أنه يفقد الشهية وينقص إفراز اللعاب ويؤدي إلى جفاف الحلق، وحدوث التهاب باللثة وتغيِّر لون الأسنان والتهاب اللسان، وكذلك ضعف القدرة على التذوق, وقرحة في المعدة نتيجة زيادة الحموضة، وتعرض الكبد للضرر نتيجة تعرضه لمدة طويلة لدخان السجائر.
وعن تأثير التدخين على جهاز الدوران أجاب بأن دقات القلب تزداد عند التدخين من 15 إلى 25 دقة. يزداد مرض الذبحة الصدرية لدى المدخنين نتيجة النشاط الزائد للقلب تحت تأثير النيكوتين. انخفاض مقدرة الدم على عملية تبادل الغازات في الرئتين. ضيق شرايين الدم نتيجة زيادة ترسيب الكولسترول في الدم. زيادة الشعور بالتعب حيث أن تدخين 20 سيجارة = ركوب دراجة لمدة 10 ساعات متواصلة.
وأضاف الدكتور شامية بأن للتدخين تأثيراً سلبياً على الغدد، لأنه يؤدي إلى حدوث خلل وظيفي في عملها. زيادة إفراز الأدرنالين من الغدة الكظرية مما يؤدى إلى ارتفاع الضغط الشرياني وزيادة تضخم الغدة الدرقية. يتأثر البنكرياس بالتدخين حيث يقلل إفراز الأنسولين وبالتالي يرتفع معدل السكر في الدم.
التدخين عند النساء
إن تأثيره على المرأة كبير، مثل اضطراب الدورة الشهرية عن موعدها. الإجهاض والولادة المبكرة. عسر الولادة بسبب ضعف عضلات الأم المدخنة. حدوث تشوهات خلقية في الأجنة. قلة وزن المواليد للأم المدخنة. حليب الأم يفرز مادة النيكوتين السامة بمعدل 5. ملغ لكل ليتر. تأخر الإنجاب وضعف القدرة الجنسية. ويؤثر كذلك على جنين الأم المدخنة فقد يؤدي إلى بعض التشوهات الخلقية في أشهر الحمل الأولى كصغر حجم الرأس بالنسبة لباقي الجسم وعدم الالتحام الكامل لنصفي الوجه مثل اللهاة المشقوقة أو المفتوحة وبعض حالات الشفة الأرنبية. وفي الأشهر الأخيرة من الحمل فإن التدخين قد يكون من أحد مسببات وفاة الجنين داخل الرحم. وقد ثبت علمياً أن هناك علاقة بين التدخين ومشاكل الحمل سواء كان التدخين من الأم أم من أحد الأشخاص المحيطين بها وتلك المشاكل منها: معاناة هؤلاء الأطفال من قصور في الذكاء والأنشطة المخية وذلك لأسباب منها تأثير مباشر من النيكوتين على خلايا المخ، وقلة الأكسجين الداخل للجنين خاصة للمراكز الحساسة كالمخ. ومن المشاكل أيضاً قصور في نمو الأجنة عن المعدل الطبيعي وضعف عمل المشيمة داخل الرحم مما قد يؤدي إلى وفاة الجنين. وهناك ثمة علاقة بين "الانقطاع المبكر للدورة الشهرية" ـ وهو بلوغ سن اليأس قبل وقته ـ والتدخين وهذا أشد أثراً على نفسية المرأة الشابة وعلى نضارتها وجمالها.

حلول وقائية
وقدّم الدكتور شامية الحلول اللازمة للإقلاع عن التدخين وهي:
1-    دخن عدداً أقلّ من السجائر يومياً.
2-    دخن جزءاً أقلّ من كل سيجارة من هذا العدد الأقل.
3-    خذ عدداً أقلّ من الأنفاس من كل جزء تدخنه من السيجارة يومياً.
4-    لا تبتلع الدخان، وقلّل من عمق التدخين.
5-    اختر صنفاً من السجائر يحتوي على كمية أقل من النيكوتين.
وعن اعتبار التبغ من الأولويات الصحية العمومية عزا السبب في أن تعاطي التبغ يقف وراء عُشر وفيات البالغين. كما من ضمن أهمّ عوامل الاختطار الخمسة المؤدية إلى الوفاة. والتبغ أيضاً رابع أشيع عوامل الاختطار التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض في جميع ربوع العالم. أما التكاليف الاقتصادية المرتبطة بتعاطي التبغ فهي تخلّف آثاراً مدمّرة تضاهي في وخامتها ما يخلّفه التبغ من آثار على الناس.. ذلك أن التبغ يتسبّب، بالإضافة إلى التكاليف الصحية العمومية الباهظة المتصلة بعلاج الأمراض الناجمة عنه، في وفاة الناس عندما تبلغ قدرتهم الإنتاجية أوجها وهو يحرم الأسر، بالتالي، من معيليها والدول من قواها العاملة. والمُلاحظ أيضاً أن إنتاجية العاملين من متعاطي التبغ تقلّ عن إنتاجية غيرهم من العاملين بسبب تعرّضهم للأمراض أكثر من غيرهم.
التدخين والفقر
وأضاف الدكتور شامية بأن هناك صلات وثيقة بين التبغ والفقر. فقد بيّنت دراسات عديدة أن أشدّ الأسر فقراً في بعض البلدان المنخفضة الدخل تخصّص نحو 10% من مجمل نفقاتها لشراء التبغ، ممّا يعني أنه لا يبقى لتلك الأسر إلاّ القليل لتنفقه على الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والتعليم والرعاية الصحية. ويؤدي التبغ، علاوة على آثاره الصحية المباشرة، إلى سوء التغذية والمزيد من التكاليف المرتبطة بالرعاية الصحية وإلى الوفاة في سنّ مبكّرة. كما إنه يسهم في زيادة نسبة الأميّة، إذ هو يستأثر بالأموال التي كان بالإمكان استخدامها لأغراض التعليم. وقد تجاهل الباحثون، إلى حد كبير، الدور الذي يؤديه التبغ في استشراء ظاهرة الفقر.
تدابير ومكافحة
وعن التدابير اللازمة والضرورية لمكافحة التبغ محلياً وعالمياً أجاب د. شامية  قائلاً: إن التجارب أثبتت أن هناك كثيراً من التدابير العالية المردود لمكافحة التبغ يمكن استخدامها في أماكن مختلفة وهي كفيلة بالتأثير، بشكل كبير، على ظاهرة تعاطي التبغ. ومن أعلى الاستراتيجيات مردوداً السياسات العامة الشاملة لجميع السكان، مثل حظر الإعلان المباشر وغير المباشر عن منتجات التبغ وفرض الضرائب عليها وزيادة أسعارها وتهيئة بيئات خالية من دخان التبغ في جميع الأماكن العامة وأماكن العمل ووضع رسائل صحية بيانية واضحة على علب التبغ. وترد جميع تلك التدابير في أحكام اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ.
وفاء حيدر