صناعة الزيوت المعدنية محلياً وجهاً لوجه مع قرارات السماح باستيرادها

صناعة الزيوت المعدنية محلياً وجهاً لوجه مع قرارات السماح باستيرادها

الأزمنة

الأربعاء، ٧ ديسمبر ٢٠١١

منذ أشهر صدرت قرارات تخص الزيوت المعدنية وذلك بناءً على مذكرات الجهات المعنية ففي مذكرة وزارة النفط والثروة المعدنية إلى رئاسة مجلس الوزراء – اللجنة الاقتصادية رقم 896/6/س تاريخ 7/8/2011 قالت الوزارة إنه يردها العديد من الطلبات المتعلقة بالسماح باستيراد زيوت وشحوم معدنية من البند الجمركي /2710/ المقيّد والمحصور بشركة محروقات ومصفاة حمص ومن خلال دراسة سوق الزيوت والشحوم المعدنية في القطر تبيّن لها أن الحاجة السنوية لاستهلاك الزيوت تقدر بحوالي /140 – 150/ ألف طن سنوياً ومعمل الزيوت في الشركة العامة لمصفاة حمص ينتج كمية تقدر بحوالي /50-60/ ألف طن سنوياً وباقي الكميات تنتج عبر معامل ومنشآت القطاع الخاص إضافة إلى الاستيراد الخارجي لبعض أنواع الزيوت والشحوم المعدنية غير المنتجة في سورية ووفق أحكام التجارة الخارجية وتعليمات وزارة الاقتصاد والتجارة فإن مواد البند الجمركي /2710/ تتضمن زيوت المحركات المسموح استيرادها من الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العربية والزيت المعدني المحروق ممنوع استيراده وباقي الأنواع من الزيوت المعدنية والشحوم المعدنية – سائل المكابح – زيت البارافين والفازلين– مانع التجمد؛ مقيد استيرادها بشركة محروقات وتخضع لعمولة 5% علماً أن المبلغ المستوفى كعمولة لعام 2010 بحدود ثلاثة ملايين ليرة سورية.
مستجدات هامة
وبيّنت مذكرة وزارة النفط والثروة المعدنية إلى رئاسة مجلس الوزراء ذات الرقم 1307/6/س تاريخ 9/8/2011 والتي استندت إلى كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 2046/1 تاريخ 22/3/2006 المتضمن الموافقة على توصية اللجنة الاقتصادية بجلستها رقم 9 تاريخ 13/3/2006 بتعديل أسعار الزيوت المنتجة في معمل مزج الزيوت في شركة مصفاة حمص وفق الأسعار الرائجة لأسعار هذه المادة في الأسواق وتسويق المخازين المتراكمة مع تحقيق التنافس.
 طلب الشركة العامة لمصفاة حمص بكتابها رقم 1545 ف/ح تاريخ 16/6/2011 إعادة النظر بأسعار الزيوت المعدنية لدى معمل المزج نتيجة للارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار زيوت الأساس والإضافات الكيميائية والصفيح والرواتب والأجور حيث حصل ارتفاع على أسعار زيوت الأساس بنسبة 28% مقارنة بين عامي 2010 – 2011.
 كما حصل ارتفاع على أسعار صفيح الحديد بنسبة 20% مقارنة بين العامين 2010 – 2011 إضافة إلى الزيادة على الرواتب والأجور وطبيعة العمل مقارنة بين عامي 2010 – 2011 بنسبة 30% وهذا أدى إلى ارتفاع في تكلفة الإنتاج تتراوح بين 10 إلى 15% وللحيلولة دون وقوع خسائر في المعمل آخذين بعين الاعتبار أن أسعار مبيع الزيوت المعدنية إنتاج مصفاة حمص قد سبق وعدلت بزيادة 25% بتاريخ 20/1/2011 بسبب ارتفاع الأسعار العالمية لزيوت الأساس والإضافات.
سجال وآراء
بعض أصحاب المشاحم أكدوا أنهم الحلقة الأضعف فهم لا يتدخلون في صناعة الزيوت المعدنية ودورهم ينحصر في تقديم هذه المواد للمواطنين والترويج للنوعية التي يكون هامش ربحها أكبر بغض النظر عن الجهة الموردة ولكن مع الحرص على عدم خداع المواطن أو المساهمة في الغش وتقديم مادة غير صالحة للاستخدام.
وأشاروا إلى انجرار بعض أصحاب المشاحم وراء أطماعهم وجشعهم واستخدام بعض المواد المغشوشة لتحقيق المزيد من الأرباح على حساب المواطن حيث تقوم بعض الورشات بتصنيع الزيوت المخالفة للمواصفات وتوزيعها في الأسواق إلى جانب بعض المواد الأخرى كمانع التجمد مثلاً.
وجهة نظر أصحاب المنشآت
في "مصفاة الشام للبتروكيميائيات" كان لقاؤنا مع ماهر ذو الغنى صاحب المنشأة الذي وضح لنا بعض القضايا المتعلقة بصناعة الزيوت حيث أشار إلى أن صناعة الزيوت وبمختلف أنواعها تتطلب 3 مواد /زيت أساس وثقيل ومتوسط/ وفي سورية لا يوجد معمل لإنتاج هذه الزيوت فيتم استيرادها حيث يضاف إليها الإضافات الكيميائية من أجل المنتج النهائي.
وأكد بقوله:"عملنا نحن مصفاة الشام للبتروكيميائيات محدد بشروط وهي مرخصة أصولاً من مديرية صناعة ريف دمشق ووزارة الصناعة حيث نقوم بإنتاج المادة الأولية لإنتاج المواد النهائية لتقديمها للأسواق المحلية والخارجية وبعد إقامة هذه المنشأة تبيّن لنا وجود نقص بالمادة الأولية وهي الزيت المحروق الراجع من السيارات وإن الكميات الموجودة لا تكفي المعامل المرخصة (3معامل) علماً بأن اليونان وألمانيا وبعض الدول الكبرى تستورد من بلاد كثيرة لا تنتج زيوت الأساس".
اقتراحات مختلفة
ذو الغنى أكد أنه في سورية يوجد مصانع ولا يوجد مواد أولية لعدم استيرادها من الخارج لافتاً إلى وجود تراخيص بيئية تفيد بأن هذه المنشآت لا تقوم بتلويث البيئة وهي أيضاً تساهم بتوفير القطع الأجنبي بملايين الدولارات كما تقوم بتشغيل الأيدي العاملة السورية وتطوير الصناعات النفطية التي افتقدتها سورية منذ عقود.
وطلب ذو الغنى من الجهات المسؤولة السماح لهذه المصانع المرخصة أصولاً باستيراد مادة زيت المحروق ومادة زيت الراجع من السيارات من الدول العربية من أجل تشغيل المصانع والأيدي العاملة فيها فقد تم منع استيرادها باعتبارها نفايات وبقي هذا القرار ساري المفعول قبل إنشاء مصانع في سورية وبعد وجود المصانع ولم يتم تعديله.
وأكد على أن الزيوت المنتجة من قبل المصانع داخل سورية توازي أو أعلى من الزيوت المستوردة من حيث الجودة وهذا الكلام يتم إثباته ضمن المخابر داخل سورية وخارجها مشيراً إلى أن الزيوت السوداء رخيصة عند استيرادها حيث تبلغ قيمة طن الأساس 1400 دولار والمحروق 150 دولاراً للطن ومع تكلفة تصنيعه 150 دولاراً تصبح 300 دولار أي أصبح لدينا صناعة تحويلية بدلاً من العمل بمنتجات ذات ريعية متواضعة.
رؤية تجارية
محمد فايز دعبول أحد التجار العاملين في قطاع الزيوت قال أن قرار السماح بالاستيراد للتجار هو قرار جيد ولكن يجب فحص البضائع لتكون ضمن المواصفات القياسية السورية أياً كان مصدرها ويجب السماح من كل دول العالم وليس من الدول العربية (وهذا يساهم في لجم السوق من ناحية الأسعار لتكون حسب السوق العالمية).
وأضاف لابد من التكامل بين الدولة ومعامل القطاع الخاص والعمل على مساعدتهم كونهم قادرين على تغطية 20- 25% من السوق وينطبق ذلك على الزيوت المعاد استعمالها والمتواجدة في السوق وهم يحتاجون إلى تسهيلات إلى جانب المراقبة المستمرة وإلزامهم بالجودة (منافسة بالأسعار) وأشار إلى أن الزيت المحروق ممنوع استيراده من الخليج رغم أن أسعاره زهيدة والسماح للصناعيين باستيراد الزيوت المحروقة سيساهم في تنزيل الاسعار30-40% وهذا ما يؤدي إلى مضاربات في سوق الزيوت المحروقة لصالح الجودة والمواطن. وأكد دعبول على أن الزيوت في سورية من أرخص زيوت العالم ويجب الالتزام بالسعر العالمي وإلغاء الروتين الموجود.
رأي صناعي
عدنان عبد الله المدير العام لشركة كاسترول (مجموعة عوض عمورة) لخص الصعوبات بالحالة الاستيعابية وضعف الطلب نظراً لحاجة السوق الخفيفة مشيراً إلى أن الحكومة كانت تحافظ على جودة عالية للمنتجات في السوق المحلية مشيراً إلى مكانة منتجات ساد كوب في السوق ولافتاً إلى حالة التوازن المحققة سابقاً بين السوق والمعامل التي تنتج هذه السلع من خلال قرارات منع إدخال الزيوت الجاهزة إلا بحدود معينة حيث كان يمنع استيرادها (زيوت المحركات والسيارات الصناعية) كما كان يفرض عليها رسوم عالية.
وأكد على أن ذلك يشكل حماية لمؤسسة عامة كبيرة (ساد كوب) وتغطي 60-65% من السوق الصناعي وهي من النوعيات الجيدة جداً وحماية لشركات كبيرة في البلد ولديها عمالة كبيرة 80-90 عاملاً وأسرة وكانت بحالة جيدة وعندما تم السماح بالاستيراد بدون أي عمولات أدى إلى أضرار كبيرة بمصالح المؤسسة الحكومية (ساد كوب) والمعامل الخاصة في هذه المرحلة الصعبة؛ حيث هناك قوة عاملة كبيرة عاملة في هذا القطاع وهناك توجّه عام للبلد للحفاظ على القطع الأجنبي ولكن قرار السماح باستيراد كافة أنواع الزيوت هو قرار معاكس لهذا التوجه وبدلاً من استجرار الزيت من ساد كوب والمعامل الخاصة والمصنع بأيدي سورية أصبح يستورد من الدول المحيطة وبشكل يضر بالقطع الأجنبي كما أتاح الغش وأساء إلى الرقابة على الزيوت ولا يتوافق مع مصالح الصناعيين في مجال الزيوت حيث تعمل المعامل الآن بطاقة أقل وبحدود 25% من طاقتها الفعلية وهذا القرار سيؤدي إلى انخفاض جديد للطاقة وهذا سيؤثر بدوره على الإنتاجية ويؤدي إلى تسريح الموظفين.
وانتقد عبدالله الزيوت الراجعة واصفاً إياها بعديمة الفائدة فالاستعمال المتكرر سيؤثر على ترابط الجزئيات بدرجات متفاوتة ويؤدي إلى تفككها ويمكن استخدام الملونات فيها وزيادة اللزوجة من خلال مواد رافعة للزوجة وهذا لا يعني أن الزيت جيد.
نداء إلى الجهات المختصة
الشركات العاملة في قطاع الزيوت أكدت في مذكرتها المرفوعة إلى مجلس الوزراء ووزارة الاقتصاد والصناعة على مخاطر قرار فتح باب الاستيراد حيث أكدت المذكرة على (أن السماح للاستيراد قد يكون لتلبية حاجة ماسة يحتاجها القطر وتوفر سلعاً لا يستطيع القطاع الخاص والعام تأمينها فكيف يمكن تبرير هذا القرار إذا كان المصنع الوطني والتابع للدولة (مصنع الزيوت في حمص) والذي لا يعمل الآن إلا بنسبة 30% من طاقته الفعلية.
يضاف إلى ذلك هناك أربعة شركات عالمية تنتج هذه الزيوت في القطر وإن هناك عشرة مصانع إضافية أخرى للقطاع الخاص تعمل في هذا المجال وهذه المصانع لا تعمل الآن بأكثر من 25% من طاقتها مع العلم أن القطاع العام والخاص قادر على تغطية ليست حاجة سورية فقط بل ودول الجوار ومثل هذا القرار سيؤدي إلى توقف المعامل وصرف عمالها تباعاً.
وحيث أن الاتجاه العام لصناع القرار الاقتصادي يقضي الاحتفاظ بالقطع الأجنبي لاسيما القرار 13470/22/8/2011 فإننا ننوّه إلى ضرورة السماح باستيراد الزيوت الخاصة فقط (السانتتك- زيوت بيضاء) وبالتالي تتحقق المنفعة للجميع لناحية استمرار عمل مصنع الزيوت في حمص ومعاملنا ومن ناحية أخرى الحفاظ على القطع الأجنبي ولذلك نرجو إعادة النظر بقرار السماح باستيراد الزيوت والشحوم المعدنية وإلغاؤه كونه لا يحقق أي مصلحة عامة وسيؤدي إلى إغراق القطر بالزيوت الرديئة والسيئة المستوردة من دول الجوار بالرغم من وجود البدائل المحلية سواء كانت عامة أو خاصة وحصر الاستيراد على الضروري منها فقط).
عودة إلى البداية
وباتفاق كل من التقيناهم على جودة منتجات معمل الزيوت كان لابد من وقفة مع إدارة معمل مزج الزيوت في الشركة العامة لمصفاة حمص وبعد أخذ الموافقات المطلوبة تم الاتصال مع الكيميائي ماجد شعبان مدير المعمل الذي أكد على أن الطاقة الإنتاجية لمعمل مزج الزيوت تصل إلى إنتاجية/60.000/ طن سنوياً ويتم تسليم كامل إنتاج المعمل إلى شركة محروقات الموزع الرئيسي لمادة الزيوت المعدنية والمشتقات النفطية في القطر.
ماذا ينتج؟
وبيّن أن معمل مزج الزيوت ينتج كافة أنواع زيوت المحركات التي تعمل على الديزل والبنزين وزيوت علب السرعة اليدوية وعلب السرعة الآلية والزيوت الصناعية بأنواعها(زيوت الهيدروليك ـ زيوت العنفات ـ زيوت المسننات الصناعية ـ زيوت الآلات الصناعية ـ الزيوت الحرارية..) وأكد على أن منتجات معمل مزج الزيوت ذات نوعية عالية ومستويات أداء متطورة وموثقة بشهادات عالمية من مخابر معهد البترول الفرنسي وتحقق أحدث متطلبات صانعي السيارات والمواصفات القياسية العالمية وكل متطلبات المواصفات القياسية السورية.
مؤشرات اقتصادية
وحول وضع المعمل من الناحية الاقتصادية أكد شعبان أن الحالة الاقتصادية المتعلقة بالأرباح مرتبطة بمعادلة هي 10% من قيمة التكلفة الفعلية وقد كانت كتلة الأرباح تصل إلى 300 مليون ليرة سنوياً إلا أن هذا الرقم تدنى بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية بشكل كبير وإغراق السوق المحلية بمنتجات القطاع الخاص والسماح باستيراد زيوت نهائية من دول منطقة التجارة العربية الحرة وما يقدمه هذان القطاعان من تسهيلات وحوافز واعتماد وكلاء شركات توريد السيارات على شركات خاصة منتجة للزيوت لتبديل زيوتها تحت طائلة إلغاء الضمان، وتدني طلبات القطاع العام والزراعي.
المصلحة الوطنية
إن ما تعيشه بلدنا اليوم يفرض حالة استثنائية من تقديم الدعم وتوفير كافة التسهيلات التي تمكن صناعة الزيوت من الاستمرار والبقاء على ساحة الإنتاج مع التأكيد على وجود ضوابط وأنظمة تقونن عمل هذه الصناعة وكل ما يرتبط بها من عمليات تجارية أو عمليات استيراد وذلك كله تحت مظلة المصلحة الوطنية.
بشير فرزان