على ضوء عمل الحكومة  الجديدة ..هل ستشهد الزراعة عصر التقنيات الحديثة؟

على ضوء عمل الحكومة الجديدة ..هل ستشهد الزراعة عصر التقنيات الحديثة؟

الأزمنة

الأربعاء، ٢٥ مايو ٢٠١١

جرت العادة في مثل هذه الأيام الربيعية الجميلة أن تتواجد على ضفاف بحيرة 16 تشرين في اللاذقية عشرات الباصات التي تقل الرحلات المدرسية، وأبناء المحافظات السورية الذين يحضرون في هذا الفصل تحديداً لرؤية البحيرة الساحرة، والربيع الجذاب، حيث آلاف الأزهار وتعدد الورود في اكتمال للمشهد المتألق، لكننا حرمنا ضحكات الزوار، ودبكاتهم، وتقافزهم، وأصواتهم، فشكلوا فراغاً، وقد شلت الأحداث المؤسفة حركة حياتنا، وأخرجتها عن مألوفها الطبيعي، ودفعتنا للتحسر على أيام الاستقرار والبهجة، وغدا لنا اليوم كل شيء حزين، فلا الربيع ربيعنا، وليست هي الورود المتضاربة الصارخة التي عهدناها في الماضي.. حفظ الله سورية وأخرجها مما هي عليه أقوى، وأكثر إصراراً على عودة أمانها وربيعها وسياحتها، بعد الأمطار الغزيرة التي شهدها الساحل السوري في الشهرين الماضيين، وكما جرت عادة مجلة الأزمنة وهي تتابع مواضيعها، كان الواجب يدعونا لمعرفة حال السدود والري، خاصة وأن الزراعة هنا تشكل النسبة الكبرى من الاقتصاد.
زرنا مديرية الموارد المائية في اللاذقية، وتحدثنا في الموضوع الذي حضرنا من أجله، وعلمنا أن السيد الدكتور جورج صومي وزير الري قد تفقد عملهم قبل عدة أيام برفقة السيد المهندس حسين مخلوف المدير العام للموارد، وأن النقاش دار حول موضوع تفعيل العمل في ظل حركة الإصلاح التي تنفذها رئاسة مجلس الوزراء بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد، وقد تم الإصرار على تطبيق الأنظمة المنصوص عليها، وعدم الهدر، ومحاربة الفساد دون هوادة، ومحاسبة المقصرين، وتسهيل أعمال المواطنين، واستحداث النافذة الواحدة بأقصى سرعة ممكنة، وإعطاء صلاحيات أوسع للإدارات والأقسام، وتجاوز المركزية بما يحقق المصلحة العامة، وتم استعراض العقبات والصعوبات، والتوقف عند سد برادون، ونوقشت أسباب التأخير، وكنا في الأزمنة قد تحدثنا عن الموضوع من خلال زيارة ميدانية، وتوقفنا عند الأسباب، ووعدت الحكومة السابقة بإيجاد الحلول اللازمة، ووتيرة العمل حالياً جيدة، وسيتم التنفيذ وفق البرنامج الزمني، ويعتبر برادون ثاني أكبر سد في اللاذقية، وسوف يستفاد منه في تنظيم جريان نهر الكبير الشمالي، وتخزين كمية /140/ مليون متر مكعب، وتأمين مياه الشرب للتجمعات السكنية، وتغذية بحيرة سد 16 تشرين بالمياه خلال فترات الجفاف، وإرواء مساحة من الأراضي الزراعية تقدر /7500/ هكتار، ودرست أيضاً إمكانية توليد الطاقة، وأمام هذه الفوائد إلى جانب إقامة المنشآت السياحية، واستقطاب الزوار بسبب جمال المنطقة، والبحيرة التي ستزيدها سحراً، فعلى الجهات المعنية أن تتجاوز العقبات وتذللها، وتعلن عن يوم تشغيل السد وافتتاحه، وقد كلف الكثير من الأموال والجهد، مع تقديرنا الكبير للكوادر الفنية السورية التي أثبتت جدارتها فعلاً، والتأخير لم يكن بسببها، إنما يعود للظروف المطرية القاسية، ولنقص في إمكانيات الجهة المنفذة، وإذا كان الشق الأول ليس في الإرادة البشرية فإن الشق الثاني يمكن حله، وهذا ما نأمل به، ونرجو السيد الوزير أن يعطي الأمر أهميته فالمسألة طالت والإنجاز تأخر..

الواقع المطري
بعد صيف حار عشناه في الساحل السوري وطال كثيراً، كانت الخشية من الجفاف تهدده فعلاً.. في أيام القلق تلك قمنا بزيارة لسد الثورة، رأينا مياهه شحيحة جداً، ومساحاتها ظاهرة يعلوها التراب، وكان المنظر مفجعاً، ومحيطها يباس والماء هي الحياة، فوجدناها تخلو منها فعلاً.. قال لنا المهندس حسين خليفة مدير الاستثمار : هذه الكمية القليلة جداً للاحتياط وإذا بقي حال المطر على ما هو عليه فلا شيء يبشر، بل والأخطر أنه يهدد كل السدود، خاصة وأن بحيرة سد 16 تشرين قد خفت فيها نسبة المياه بشكل لم نعرفه من قبل، وكانت زيارة محزنة.. ولم ننشر الموضوع المقرر يوم ذاك لأن مادته ليست مبشرة، وسوف تصاعد من خوف المزارعين والفلاحين، وتبعث في نفوسهم اليأس، لكن رحمة الله أكبر، وعلى الرغم من تأخر موسم الأمطار إلا أن كمية الهطل التي حصلت تجاوزت كمية الموسم المتعارف عليها لتصل معظم السدود إلى حالة التخزين الأعظمي، باستثناء سدود.. الثورة. صلاح الدين. بيت ريحان. السخابة. لكنها تجاوزت حد الأمان المطلوب لموسم الري القادم، وسد السخابة يواجه مشكلة منذ التأسيس، وقد جرت محاولات للإنقاذ حيث تم حقنه عدة مرات، وهو الآخر يحتاج لإعادة النظر والدراسة العلمية ليعطي كامل طاقته.
إذن، الواقع المطري فاق الحد المطلوب وانفتحت السماء خيراً ينبغي أن ينعكس على الطبيعة الزراعية والسقاية في المساحات التي تبلغ إجمالاً 37150 هكتاراً منها مساحة 28250 هكتاراً مروية من السدود المستثمرة ومساحة 8900 هكتار تروى من نبع السن.

حجوم التخزين
من المفيد هنا أن تتوقف عند الأرقام التي تشير إلى حجوم التخزين في السدود وهذا الجدول يظهرها:
 التخزين الطبيعي التخزين الحالي
سد 16 تشرين 210.000م3 210.000م3
سد الثورة 159.25م3 38.168 م3
الحفة 104050 م3 2.500 م3
بللوران 142.50 م3 15.500 م3
بيت القصير 91.50 م3 0.300 م3
خربة الجوزية 11.300م3 10500م3

عدد السدود في المحافظة 14 والمجموع العام للتخزين الحالي لها362.5 مليون متر مكعب، وقد أظهرت الأرقام أن الإجمالي قد اكتمل وهناك سدود القنجرة. كرسانا. الجوزية. صلاح الدين. بحمرا. الحويز. بيت ريحان. كفردبيل.

الري الحديث
مما لا شك فيه أن طرق الري القديمة لم تعد تلبي الحاجة، خاصة بعد التوسع في المساحات الزراعية، بدأت المديرية في مشروع شبكات الري الحديث حيث سيباشر بضخ المياه من بحيرة سد 16 تشرين لإرواء مساحة 5000 هكتار من الأراضي الواقعة ضمن المشروع الذي يهدف إلى المحافظة على المياه والتقليل من هدرها، وسيتابع في تطوير مشاريع أخرى، ويعتبر ذلك نقطة تحول من الري التقليدي إلى الحديث، وهو ما يحقق استقراراً في أدوار السقاية وعددها المطلوب خلال الموسم المقبل الذي ينعكس إيجابياً على المحصول الزراعي، خاصة أشجار الحمضيات، وقد عملت المديرية على تشجيع وتسهيل موضوع التحول للري الحديث، وأنهت وضع الشبكات بالاستثمار التجريبي حيث حدثت شبكات ري بللوران، وشبكات مشروع ري السن، ومن المعروف عالمياً أن هذه الطريقة تؤدي أغراضها الزراعية، وتحقق فوائدها، وهي متبعة في معظم دول العالم، وهو ما يتطلبه المفهوم الجديد لعلم الزراعة، وعلينا أن ندخله من أوسع أبوابه وأن ننتهي من الأساليب القديمة التي كانت متبعة، وهذا لا يتم إلا من خلال تعاون الفلاحين مع الحكومة، وعلى اتحاد الفلاحين أن يتوجه أيضاً لصالح الفلاح والمزارع، ونوعية الإنتاج لأن أسلوب الري الحديث هو من أحد عناصر التطوير الزراعي، ويمكننا أن نتوقف هنا عند قضية الإنتاج، والاستهلاك، والفائض، والتصدير، خاصة للحمضيات التي تتلف على أرضها، والسيد الدكتور عادل سفر رئيس مجلس الوزراء واجه هذه القضايا وعرفها مع المعاناة التي يعيشها المزارع الساحلي، وشكل سابقاً جبهات هدفها إيجاد الحلول، ومكافحة أمراض الأشجار، وهو يعرف أين تكمن العلة، ولا بد أن السيد الوزير رياض حجاب الذي استطاع خلال أيام قليلة تغيير وجه اللاذقية وإزالة السواد عنه، وإيقاظ روح المسؤولية التي كانت في رقادها، سوف يتابع ومع الرؤية الجديدة للعمل، والإصرار على بتر الفساد، وعملية التحول من الضلال الذي كان يمارس سابقاً إلى المصداقية التي تحل تدريجياً.
سوف يشهد قطاع الزراعة الساحلي ارتياحاً، وينبغي أن تتعاون كل الجهات المسؤولة في المحافظة وعلى رأسها السيد عبد القادر عبد الشيخ محافظ اللاذقية الذي ننتظر منه خطوات فاعلة في كافة الميادين، وقضايانا هنا لا تحتمل التأجيل ولا التريث ولا الاجتماعات المتتالية التي بعثت بعض الراحة في نفوس المقصرين والمراوغين، وكل واحد منهم يستعرض إنجازات وهمية، ويقدم تقارير تحتاج للدقة، والحالة العامة في مؤسساتنا ودوائرنا لم تعد قابلة لذلك، والمطلوب هو البطش بما تعنيه الكلمة، وكفانا فساداً وكذباً.

مشاريع أخرى
كما وضحنا فالأمطار الغزيرة التي هطلت بحاجة لسدود إضافية، ويتواجد في اللاذقية مجموعة أنهار ووديان وينابيع، وحتى الآن تصب مياهها في البحر ولا يستفاد منها، وضمن مشاريع الري تتم حالياً متابعة إنشاء 8 سدود سطحية وسوف تنفذ حسب أهميتها وجدواها الاقتصادية، وسوف تشمل منطقة البسيط. بللوران. الحفة. كفرية. ومشاريع أخرى على مجاري الأنهار وأغراضها إرواء كافة الأراضي وتأمين مياه الشرب.

تبدلات مهنية
كنا قد زرنا مديرية الري العامة في الأسبوع الأول من شهر أيار الحالي، وتحدثنا إلى المهندس فايز حشمة الذي كان يشغل موقع المدير، ومع بداية الأسبوع علمنا أن ثمة تبدلات طرأت في المديرية، وتم تعيين السيد المهندس علي الرحيه مدير الشؤون الفنية، مديراً للموارد المائية في اللاذقية، نرحب به ونرجو أن يوفق في عمله الجديد مع تقديرنا للأستاذ فايز حشمة الذي انتهت مهمته، وشكراً له على جهوده التي بذلها. وكنا قد تابعنا معه عبر الأزمنة وخلال عدة سنوات ماضية موضوع الري والزراعة وغيرها، وكان يقدم لنا التسهيلات المطلوبة من خلال إيمانه بدورنا الإعلامي، وسوف نستمر مع الأستاذ علي الرحيه خلال المرحلة القادمة لرصد طبيعة العمل القادم ونوعيته وآفاق تطوره.. لأن المياه شريان الحياة، وهي نعمة على البشر والطير والحجر، ومن خلالها نعيش ونأكل وننعم، وينبغي أن نكون حريصين عليها ونقدرها، ولا نهدر بها.
الأمل كبير في عمل الحكومة التي يترأسها السيد المهندس عادل سفر وهو المهتم بالمسألة الزراعية نظراً لأهميتها الاقتصادية وقد عرف ما يعيقها، ومع السيد الدكتور رياض حجاب صاحب الاختصاص فلا بد أن الزراعة السورية بشكل عام سوف تدخل عصر التقنيات الحديثة التي ستغير في وجهها القديم وتجعلها تقفز بشكل نوعي يلبي الاحتياجات المطلوبة بكاملها.