فتق القرص الغضروفي (فتق النواة اللبّية = الديسك)

فتق القرص الغضروفي (فتق النواة اللبّية = الديسك)

الأزمنة

الثلاثاء، ٢٤ مايو ٢٠١١

المفاجأة أنك قد تكون مصاباً بفتق قرصي وليس لديك أدنى فكرة عن ذلك ولا تشعر بشيء وقد يكتشف صدفة. لكن بالمقابل هناك مرضى يعانون من الأعراض الشديدة. ويختلف مكان الأعراض الناجمة عن الفتق بحسب مستوى حدوث الفتق في العمود الفقري، وأغلب حالات الفتق القرصي تحدث أسفل الظهر وقد تشاهد في الرقبة.
وعن فتق النواة اللبّية أو القرص الغضروفي، والمعروف بـ(الديسك) سيحدثنا الدكتور محمد فريز مسلماني الاختصاصي بأمراض العظام والمفاصل وجراحتها من خلال هذا اللقاء..
* هل تحدثنا عن فتق النواة اللبّية أو القرص الغضروفي؟
- يشير فتق النواة اللبّية أو القرص الغضروفي إلى وجود مشكلة بأحد الأقراص الغضروفية المتوضعة بين الفقرات. وهذه الأقراص تعمل كمساند مطاطية بين الفقرات التي تشكل العمود الفقري لتمتص الصدمات والجهد المطبق على العمود الفقري.
والقرص الغضروفي عبارة عن قطعة جيلاتينية تحوي مركزاً طرياً رخواً ومحيطاً قاسياً ليفياً. والفتق القرصي يحدث عندما يحدث تمزق أو شرخ في المحيط الليفي القاسي ويخرج من خلالها المحتوى الطري ليتوضع ضمن القناة الفقرية الحاوية على النخاع الشوكي والجذور العصبية. خروج هذا المحتوى والتصاقه بالعصب المجاور وضغطه يسبب التهيج والالتهاب. وهذا ما يسبب الأعراض من ألم وضعف في الذراع أو الرجل. من ناحية أخرى هناك العديد من الأشخاص الذين لا يشكون أي شيء من حدوث هذا التمزق. ومعظم مرضى الفتق القرصي لا يحتاجون لأي علاج جراحي.
* ما أعراضه؟
- أشهر هذه الأعراض هي :
1- الألم بالذراع أو الرجل: إذا كان الفتق في أسفل الظهر ستشعر بالألم الشديد في الورك والفخذ والساق وقد يصل إلى القدم. أما إذا كان الفتق في الرقبة فالألم سيكون في الكتف والذراع. ويتصف الألم بأنه يكون كالبرق في حال السعال أو العطاس.
2- الخدر والنمل: وهذا يكون بالمكان من الطرف المغذى بالعصب المضغوط مكان الفتق.
3- الضعف: يشاهد ضعف العضلات المغذاة بالعصب المضغوط ويشعر المريض بعجز عن رفع الرجل بالمشي أو حمل الأشياء.
* ما أسبابه؟
- السبب الغالب هو حدوث تنكس بطيء مترقٍ مع تقدم العمر مع تمزق وترهل القرص الغضروفي. مع تقدم العمر يفقد القرص الغضروفي جزءاً من محتواه المائي مما يجعله أقل ليونة وأكثر استعداداً للتمزق والانفتاق حتى بأقل حركة أو دوران أو التواء بالجذع.
ومعظم المرضى لا يستطيعون تحديد السبب بدقة في حدوث الفتق القرصي أحياناً يكون برفع الأشياء الثقيلة بشكل خاطئ حيث يستخدم عضلات الظهر للرفع بدل عضلات الرجل وخاصة إذا ترافق رفع الأوزان مع دوران أو التواء بالجذع.
الأسباب الرضية مثل السقوط أو الرض المباشر من النادر أن تكون هي السبب في حدوث الفتق القرصي.
* ما عوامل الخطورة؟
- هي مجموعة العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالفتق القرصي وهي:
- تقدم العمر: الفتق القرصي شائع بالأعمار المتوسطة 35-45 سنة ونادرة عند الصغار بالسن وذلك بسبب التبدلات التنكسية الحاصلة في بنية الديسك.
- الوزن الزائد: لأن زيادة الوزن عن الحد المقبول يشكل عبئاً يزيد الحد المطبق على القرص ويزيد احتمال الفتق.
- طبيعة العمل: فالأشخاص المطلوب منهم الأعمال المجهدة فيزيائياً لديهم خطر أكبر للإصابة مثل تكرار حمل الأوزان ورفعها، والانحناء إلى الجانبين والالتواء، والوقوف الطويل، أو الجلوس لفترات طويلة وخصوصاً بوضعيات غير صحّية.
* ماذا تحدثنا عن اختلاطاته؟
- من المعروف أن النخاع الشوكي لا يمتد إلى أسفل القناة في العمود الفقري، فهو ينتهي عند مستوى الخاصرة. ويتفرق النخاع بعد هذا المستوى إلى مجموعة جذور عصبية طويلة تسمى ذيل الفرس، وسميت بهذا الاسم لأنها تشبه ذيل الفرس.
ومن الحالات النادرة أن يضغط الفتق القرصي على كامل ذيل الفرس الأمر الذي يسبب حالة من الشلل الدائم وهذا يتطلب التداخل الجراحي الإسعافي لمنع حدوثه.
* متى يجب أن تستشير الطبيب؟
- إذا كان لديك ألم بالرقبة أو الظهر وانتشر إلى الذراع أو الرجل أو إذا ترافق مع خدر أو نمل أو ضعف هنا عليك بأخذ الاستشارة الطبية وحمل الموضوع على محمل الجد.
* متى يُطلب التداخل الإسعافي الجراحي في الفتق القرصي؟
 - في حال ازدياد الأعراض سوءاً، مثل ازدياد الألم أو الخدر إلى نقطة تعيق عن
 ممارسة الحياة اليومية.
 - وجود خلل في وظيفة المثانة أو الأمعاء: فالمرضى الذين يحدث لديهم انضغاط
 بذيل الفرس يحدث لديهم سلس بولي أو حبس بولي.
- خدر في سرج الحصان وهو فقد الإحساس بمناطق من الجسم التي تلامس سرج الحصان عند الجلوس عليه (وهي داخل الفخذين، خلف الساقين، والمؤخرة).
* كيف يعرف المريض حالته وكيف يأخذ القرار؟
- يجب أن يضع قائمة بالأسئلة التالية ويجيب عليها لتحديد الإصابة:
- متى بدأ يشعر بالأعراض
- هل كان يرفع أو يدفع شيئاً ثقيلاً عندما شعر أول مرة بالأعراض
- هل كان يلوي ظهره عند رفع الأوزان
- هل منعه الألم من ممارسة نشاطاته اليومية
- هل ينتشر الألم لديه إلى الذراع أو الرجل
- هل يشعر بشيء من الضعف أو الخدر في ذراعه أو رجله
- هل لاحظ أي تبدلات في حركات الأمعاء أو المثانة
- هل يسوء الألم ويزداد بالسعال أو العطاس
- ما هي الأشياء التي تزيد الأعراض سوءاً وما هي الأشياء التي تخفها
- هل يؤثر الألم على النوم أو العمل
- ما هي الأدوية التي يستعملها
- ماذا يتوقع ويطلب من طبيبه
وخلال الفحص السريري قد يسأله طبيبه أن يستلقي بحيث يستطيع أن يحرك رجله إلى وضعيات مختلفة. وهذا يساعد في تحديد طبيعة الألم. وخلال ذلك يقوم الطبيب بإجراء الفحص العصبي لاختبار قوة العضلات والمنعكسات، والقدرة على المشي والإحساس باللمس والوخز.
* والتشخيص؟
- يلزم لإجراء التشخيص الفحص السريري وأخذ القصة كاملة من المريض، وفي حال الشك يلزم إجراء بعض الاختبارات:
- التصوير الشعاعي البسيط: وهو لا يكشف الفتق لكنه يفيد في استبعاد الأسباب الأخرى للألم مثل الإنتان، الكسور، التشوهات، والأورام.
- التصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي: مفيد جداً في كشف الفتق والأعصاب المصابة.
- التصوير الظليل: وهو حقن مادة ظليلة ضمن سائل النخاع وأخذ صور شعاعية. وهذا يكشف أماكن الضغط الحاصل على النخاع الشوكي بسبب الفتق القرصي.
- تخطيط الأعصاب: يكشف قدرة الأعصاب على نقل التنبيهات الكهربائية، وهذا يفيد في كشف وظيفة وأذية العصب.
والعلاج؟
- العلاج المحافظ والعلاج الدوائي. والعلاج المحافظ يشمل عدة نصائح مثل تجنب الوضعيات المؤلمة ومتابعة نظام علاجي فيزيائي. ويفيد هذا النوع من العلاج في تحسن90% من مرضى الفتق القرصي. وذلك خلال شهر – شهرين من العلاج. وتؤكد الصور الشعاعية انكماش الفتق مع مرور الوقت.
والعلاج الدوائي؟
- توصف مسكنات الألم مثل (البروفين، والنابروكس أو السيتامول)، ولكنها تحمل خطورة المشاكل الهضمية أو الأذية الكبدية.
- تستعمل الأدوية المسكنة المخدرة ومفعولها أقوى من السابقة مثل (كودئين)، ولكنها تحمل مشاكل الهمود والغثيان والتخليط الذهني والإمساك.
- تستعمل أدوية ألم العصب: مثل (غابانتين، برغابالين, ترامادول) وآثارها الجانبية أقل من الصنف السابق.
- مرخيات العضلات مثل (ديازيبام، أو فلكسرين) ولها مشاكل جانبية مثل النعاس والهمود والدوار.
- حقن الكوريتزون: تحقن مباشرة حول العصب المصاب.
والعلاج الفيزيائي؟
- يدل ويوجه المعالج الفيزيائي على الوضعيات والتمارين المستخدمة لتخفيف الألم في الفتق. وعند تحسن الألم تنتقل إلى المعالجة الفيزيائية التأهيلية لتقوية العضلات وتحسين أداء الناحية الظهرية، وحمايتها من مشاكل لاحقة. وينصح في العلاج الفيزيائي تطبيق البرودة أو الحرارة، الشدّ، الأمواج فوق الصوتية، التنبيه الكهربي، وجبائر مؤقتة للرقبة أو أسفل الظهر.
* ومتى يكون هناك تداخل جراحي؟
- عدد قليل من المرضى يلزمهم التداخل الجراحي وذلك في حال فشل العلاج المحافظ بتحسين الألم أو الضعف والخدر خلال 6 أسابيع، ووجود شظايا قرصية ضمن الفتاة ضاغطة على العصب وتسبب ترقي الأذية، وفي حال عدم القدرة على ممارسة النشاط اليومي كالوقوف والمشي.
* وما هو نمط الحياة والعلاج داخل المنزل؟
- تناول المسكنات الألمية لتخفيف الألم، تطبيق الحرارة أو البرودة، وبداية تطبق الكمادات الباردة لتخفيف الألم والالتهاب، وبعد عدة أيام استخدام الكمادات الساخنة. ويجب تجنب الاستراحة الطويلة في الفراش لأنها تسبب يبوسة مفصلية وضعف عضلي، وهذا ما يعرقل الشفاء فبدل ذلك نطلب من المريض الاستراحة بوضعيات مريحة لمدة 30 دقيقة ثم المشي لمسافة قصيرة أو إجراء عمل بسيط، ويجب تجنب النشاطات التي تزيد الألم خلال فترة الشفاء، وتجنب حالات الشدة النفسية لأنها تزيد الألم. ومما يفيد في تخفيف الشدّات تمارين التنفس العميق، وممارسة تمارين الاسترخاء، وتجنب بذل الجهود التي من شأنها أن تزيد شدة الألم.
الوقاية؟
- الوقاية من الفتق القرصي مهمة جداً وتكون بالقيام بالتمارين الرياضية لأنها تقوم بتقوية العضلات التي تساعد في دعم وتثبيت العمود الفقري، لكن يجب استشارة الطبيب قبل ممارسة التمارين المجهدة. والمحافظة على وضعيات صحية للجسم لأنها تخفف الضغط على العمود الفقري، وعلى الأقراص مثل الجلوس والظهر مستقيم قائم وخاصة حال الجلوس لفترات طويلة، وحمل الأشياء الثقيلة بشكل صحيح بحيث يجعل عضلات الرجل هي التي ترفع الأوزان وليس عضلات الظهر. وأخيرا المحافظة على الوزن المثالي للجسم لأن زيادة الوزن من أهم أسباب حدوث الفتق القرصي (الديسك).
وفاء حيدر