موازنة 2015 .. بين تحديات الموارد وطموحات عجلة الإعمار والاستثمار

موازنة 2015 .. بين تحديات الموارد وطموحات عجلة الإعمار والاستثمار

مال واعمال

الخميس، ٦ نوفمبر ٢٠١٤

هل مشروع الموازنة الجديدة للعام القادم يحقق طموح الدولة لتجاوز التحديات التي تضاعفت يوما بعد يوم وانعكست سلبا على واقع الحياة المعيشية للمواطن ؟وهل هناك موارد كافية لتغطيتها أم أنها تكرار يشابه الموازنة الحالية ؟
نحاول الإجابة عن هذا السؤال من خلال التعرف على أبرز المؤشرات المتعلقة أولاً بمدى زيادة إجمالي الموازنة العامة عن السابقة لها في 2014 وثانياً بمعرفة نسبة النفقات إلى إجمالي الموازنة ومدى نسبة الدعم الاجتماعي..وثالثاً الإيرادات العامة اللازمة لتغطية النفقات وما هي نقاط القوة والضعف وصولا إلى أبرز الاقتراحات من خلال رأي بعض المختصين .‏‏

بين موازنتين‏‏
وحسب البيان الحكومي قدرت اعتمادات مشروع موازنة العام 2015 بمبلغ 1554 مليار ليرة ،مقابل 1390 ملياراً في موازنة عام 2014، أي بزيادة مقدارها 164 ملياراً وبنسبة زيادة مقدارها 11،8% وكان لاعتمادات العمليات الجارية في مشروع الموازنة مبلغ وقدره 1144 مليار ليرة مقابل 1010 مليارات ليرة في موازنة عام 2014 ،أي بزيادة مقدارها 134 مليار ليرة وبنسبة زيادة 13,3%.‏‏
وتم رصد الاعتمادات اللازمة لتوفير فرص عمل جديدة،ولتأمين احتياجات الجهات العامة من النفقات الإدارية واحتياجات المشافي من الأدوية والتجهيزات الطبية والتدفئة وتأمين احتياجات مستلزمات العملية التعليمية مع الإشارة إلى أنه لم يتم إدراج كامل النفقات المقدرة للدعم الاجتماعي والمتعلقة فقط (بدعم المشتقات النفطية ودعم الطاقة الكهربائية) والمقدرة بنحو (752) مليار ليرة، حيث ظهرت هذه الخسائر في الموازنات التقديرية لهذه الجهات، ويعود ذلك إلى عدم وجود إيرادات نفطية حقيقية لدى الشركة السورية للنفط تغطي مبالغ الدعم وذلك نتيجة توقف نشاط الشركات والمؤسسات النفطية بشكل شبه كامل في ظل التخريب الذي طال كل هذه الشركات وسيطرة المسلحين على حقول النفط، وكذلك توقف تصدير النفط نتيجة العقوبات المفروضة.‏‏

983.5 مليار ليرة قيمة الدعم‏‏
أما اعتمادات العمليات الجارية للوزارات والجهات التابعة لها فتم رصد مبلغ (451.844) مليار ليرة ، ومنها الاعتمادات المخصصة لمساهمة الدولة في تثبيت الأسعار (الدعم الاجتماعي) بمبلغ (232.5) مليار ليرة مقابل مبلغ (200) مليار ليرة في موازنة عام 2014، أي بزيادة مقدارها (32.5) مليار ليرة ، ولم يتم إدراج كامل الاعتمادات المقدرة للدعم الاجتماعي حيث تقدر نفقات هذا الدعم بمبلغ (983.5) مليار ليرة ، أي بزيادة عن الاعتمادات المخصصة للدعم الاجتماعي في موازنة عام 2014 بمقدار (368.5) مليار ليرة وبنسبة زيادة مقدارها (59.9%).‏‏
إضافة لذلك تم رصد مبلغ (37.506) مليار ليرة كإعانات للمؤسسات والشركات الاقتصادية الخدمية (المياه- الصرف الصحي- النقل الداخلي) لأسباب البيع بسعر يقل عن التكلفة. ورصد المشروع مبلغ (20) مليار ليرة لبعض الشركات والمؤسسات تدفع كرواتب لعامليها نتيجة لتوقف نشاطها الاقتصادي ، ومبلغ (87.3) مليار ليرة لرواتب ومعاشات المتقاعدين، مقابل مبلغ (80) مليون ليرة في موازنة 2014، هذا إضافة إلى ما تدفعه مؤسسة التأمين كتعويض لأسر الشهداء.‏‏
وأظهر البيان أن نفقات الدعم الاجتماعي الذي سوف تتحمله الدولة في عام 2015 تتوزع على 338 مليار ليرة دعم المشتقات النفطية، و413 مليار ليرة دعم الطاقة الكهربائية، و195 مليار ليرة دعم الدقيق التمويني والسكر والرز إضافة إلى دعم الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية بنحو 10 مليارات ليرة وصندوق دعم الإنتاج الزراعي بنحو 10 مليارات ليرة وتغطية عجز المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان والمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب بنحو 17.5 مليار ليرة.‏‏
وقدرت الاعتمادات المخصصة للرواتب والأجور والتعويضات في مشروع الموازنة الجديدة بمبلغ (316.5) مليار ليرة، أي بزيادة مقدارها (5.75) مليارات ليرة فقط عن موازنة 2014، ويعود سبب ذلك إلى التخفيض في الرواتب والأجور نتيجة لتسرب وتسريح عدد من العاملين.‏‏

94.5 ألف فرصة عمل‏‏
وعن اعتمادات الديون والالتزامات واجبة الأداء في مشروع موازنة عام 2015 أشار البيان إلىانه تم اعتماد مبلغ 103.48 مليارات ليرة وبنسبة زيادة مقدارها 16.3% وإن هذه الزيادة تعود في معظمها إلى تسديد الأقساط المترتبة نتيجة اتفاقية تسوية المدفوعات مع روسيا، وكذلك لتسديد حصة رب العمل تجاه المؤسسة العامة للتأمين والمعاشات والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إضافة إلى تسديد ديون الأدوية والكهرباء للجهات العامة، منوهين بأن ما تم رصده لبرنامج تشغيل ذوي الشهداء البالغ 4.5 مليارات أي بنحو 25000 فرصة عمل سيصار إلى إضافته إلى الجهات العامة عند البدء بالتعيين في العام القادم.‏‏

** ** **‏
فضلية: الأرقام متفائلة وحقيقية وتأمين مواردها غامض ..!‏
يرى الباحث الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن وزارة المالية أعلم وأقدر على تأمين موارد الموازنة للعام القادم والوزارة المالية متفائلة جداً نتيجة اعتمادها على ما يبدو على دراسات واستقصاءات بكيفية تأمين تلك الموارد.‏
لكن فضلية يشك أن تكون الإيرادات الضريبية أعلى من العام الحالي، بالرغم من المؤشرات الاقتصادية التي تؤثر تبعاً في الاقتصاد، فالحصيلة الضريبية خلال الأعوام 2010 و2011 كانت 360 مليار ليرة قائلا:لا أعتقد أننا سنؤمن نصف هذا المبلغ كإيرادات ضريبية وخاصة أن المسؤولين الماليين أعلنوها صراحة بأن هناك ضعفاً بالموارد المالية.‏
وأضاف أتمنى أن يكون هناك وضوح بالرؤية للوصول بالفعل لأرقام موازنة متفائلة ولكن يبقى السؤال من أين يمكن أن نمول تلك الأرقام العالية بالموازنة إلا إذا كان هناك حسابات قادمة ستأتي نتيجة تحصيلات قادمة مثل رسم الانفاق الاستهلاكي الذي تنادي به المالية، إلا أنني لا أراه مناسباً على الإطلاق، فهل من المعقول فرض رسم جديد على الخدمات بمعدل عالي وارتفاع بالأسعار وضعف بالقوة الشرائية.‏
وقال حتى لو فرضت المالية ضرائب مرتفعة على الأنشطة العالية ستؤمن بضعة مليارات، والعجز الحالي مرتفع، بالرغم من التفاؤل بالاقتصاد والإيرادات هذا العام، لكن هذا لن يغطي تلك الالتزامات وخاصة شق الدعم في الموازنة.‏
وبالنسبة للجانب الاجتماعي في الموازنة، والمقدر 983 ملياراً نوه فضلية بأن تغطية عجز بعض المؤسسات الحكومية كمؤسسة حلج الأقطان والحبوب، لا تندرج ضمن الدعم الاجتماعي إنما هو دعم اقتصادي ، مشيرا إلى أن الدعم الاجتماعي يشكل أكثر من 85٪ من إجمالي النفقات الجارية وهذا رقم قياسي جديد في الموازنة نشكر الحكومة على التركيز عليه لكن هل يمكن تحقيقه؟‏
ونوه فضلية إلى دعم المشتقات النفطية، قائلاً لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة شبه تعويم لأسعارها وهو تعويم قريب من السعر العالمي، وهنا نسأل أين سيذهب مبلغ دعم المشتقات النفطية 338 ملياراً، أو أنها مجرد أرقام!!‏
نرى أن المازوت المدعوم بسعر 80 ليرة غير موجود، في حين المازوت الذي يباع بـ 150 ليرة موجود بكثرة وهذا قريب من السعر العالمي والأمر كذلك بالنسبة للبنزين والذي خفض من 140 إلى 135، لنشر ثقافة التعويم فإذا ما ارتفع سعره عالمياً يتم رفعه لدينا والعكس صحيح والسؤال أين ترى وزارة المالية أنها ستنفق مبلغ الـ 338 ملياراً علماً أنها تعرف أنها لن تنفقه، وبالتالي لن نحتاج إلى إيرادات لتغطية هذا الجانب، بينما أرقام دعم السكر والرز والدقيق التمويني مقبولة.‏
وفي سؤال حول اعتمادات النفقات الاستثمارية أجاب فضلية أن الرقم مقبول جداً بالمقارنة مع الظروف الحالية، لكن يبقى السؤال أين سيتم استثمار هذا المبلغ هل بالتجديد والصيانة أو شراء خطوط جديدة، أو تشغيل إنتاجي سلعي، أو إصلاح أبنية عقيمة، لا أعلم؟!.‏
لكن إذا ذهبت تلك المبالغ لتغذية الطاقة الإنتاجية القريبة المدى والمتوسطة، فهذا ممكن.‏
وأضاف فضلية نرى أن الموازنة ركزت على الجانب الاجتماعي أكثر من الانفاق الاستثماري وتلك الأرقام كبيرة لكن هل هي مناسبة للأهداف المعلنة..‏
واعترض فضلية على أن موازنة 2015 من حيث الأرقام وهمية، معتبراً أنها أرقام مدروسة لكن المقصود بالأقل هو القوة الشرائية لبند النفقات الجارية والاستثمارية هي الأقل قياساً لذات البنود في عامي 2012 - 2013، نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار،إذاً موازنة 2015 أرقامها حقيقة وصحيحة، لكن القيمة الشرائية الفعلية أقل.‏

* ** **‏
اسماعيل : ضبط الإنفاق ورصد‏
الاعتمادات للإعمار وتحسين المعيشة‏
واللافت أن الحكومة السورية بقيت على ثوابتها الثلاثة في موازنتي العام الماضي والجاري حيث تقدمت عناصر دعم الامن والأعمار والاستثمار على ما عداها من بنود ضمن البيان المالي لموازنة العام 2015 .‏
وبحسب الدكتور إسماعيل إسماعيل وزير المالية فإن موازنة العام 2015 تم إعدادها في ضوء دراسة الحاجات الفعلية للجهات العامة لضمان حسن سير العمل فيها في ظل التطورات والظروف التي تمر بها البلد ومنعكساتها على الاقتصاد الوطني مع التأكيد على ضبط الإنفاق العام غير المنتج ورصد الاعتمادات اللازمة لتوفير فرص عمل جديدة ودعم المواد الاساسية للتخفيف من أثار الأزمة على مستوى معيشة المواطنين؛ وكذلك رصد اعتمادات للأعمار وإعادة التأهيل لما خربه الارهابيون من ممتلكات القطاعين العام والخاص السكنية والإنتاجية وفق أولويتها .‏
ومما يشجع في الآونة الأخيرة بدء تعافي بعض القطاعات الاقتصادية وعودة انتاجيتها ولو كانت ببطء ،ناهيك عن حركة الاسواق التي استفادت من الظروف الامنية الجيدة لبعض المناطق وقد ساهمت بعودة الانفاق الاستهلاكي والاستثماري في السلع الاساسية وعودة بطيئة للمستثمرين في عدد من الصناعات ولا سيما الغذائية والنسيجية ،إضافة إلى تضاعف مستوى نشاط حركة السفن المحملة بالبضائع المستوردة والمصدرة ،ما يدل على بدء التحسن التدريجي في حركة الفعاليات الاقتصادية الاستهلاكية والاستثمارية وتوقعات بتحسن سعر صرف الليرة السورية وانخفاض حجم التضخم .‏