عندما قرأت العنوان اعتقدت الباحث والمفكر د.نبيل طعمة سيعالج الديمقراطية في الاسلام ، مفهومها وفلسفتها و ممارستها ، منذ التشاور في مسجد الرسول. "ص" ضمن مفهوم (و أمرهم شورى بينهم) الى مؤتمرات الأحزاب الدينية مروراً بمجالس العقدانية و اهل الحل و الربط .
لكني وجدته قد قام بقراءة عميقة توصيفيه لتجارب عملية معاصرة لإستلام الإسلام السياسي السلطة أينما أستطاع ذلك..
لقد أقحم الدكتور طعمة نفسه في بركة صعبة المخاض، ومجهولة القرار ، وليس لها حواف ، عندما تصدى في مقالته المعنونة "الديمقراطية الإسلامية" لموضوع ليس شائكاً فقط بل شديد الخطورة , نظر لاختلاف وجهات النظر في ماهيته لدرجة التخوين و القتل و التكفير وجز الرؤس ، لفرض وجهات النظر المتباينة بين المختلفين .
د.نبيل إن التحول في الموازين الدولية بدأ منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، إذ لم يعد أمام الغرب المتوحش و بخاصة الولايات المتحدة عدو معلن يوهم مواطنيه بخطره ليبقى مسيطراً عليهم بهذه الخدعة .
فوجود "البعبع" ضروري لاستكمال المسرحية ، و قد تلاشى من الوجود ، و كما هو معروف لا يمكن للكوبوي الامريكي العيش بلا أعداء يمارس عليهم ساديته ، فكان لابد من البحث عن عدو جديد يحل محل الخطر الشيوعي الذي تلاشى و لم يجدوا أفضل من الأسلام ليلعب هذا الدور ، و يغدو هو الوحش المخيف للعالم و خاصة المتحضر منه.
نعم لقد وضع المخطط بالتنفيذ مع دخول الألفية الثالثة مستنداً الى نقطتين ، الأولى شيطنة الدين الأسلامي عموماً وإظهاره بمظهر سيئ بعد إالصاق كل التهم البشعة به (التخلفالإرهابالقتلالتدمير....) وحتى تترسخ هذه النقطة تم إنشاء تنظيم القاعدة بزعامة بن لادن ، لمقاومة الكفار الروس الشيوعيون ، بدايةً في أفغانستان و من ثم نقل إلى الكثير من الدول العربية و الأسلامية , بنسخ مختلفة (الظواهريالزرقاويالبغداديالجولاني....) و لكل منهم إجتهاده في إقامة دولة الخلافة ، وفق منظوره و فهمه المشوه للقرآن و السنة.
و بعد أن فرخت التنظيمات الإسلامية أجيال جديدة و ظهرت مجموعات من الصعوبة السيطرة عليها.
وجد الحل السحري بتصدير نموذج لإسلام محسن فكانت التجربة الأردوغانية في تركيا التي على أراد الغرب تعميمها في دول العالم الأسلامي , لتواجه التجربة الأيرانية في ديمقراطية الأسلام.
لكن ماحصل هو فشل ذريع لهذا المخطط و خاصة بعد فشل الربيع العربي المزعوم ، ووأد عسكر مصر بقيادة السيسي ديمقراطية الأسلام الأخواني (محمد مرسي) في مصر .
يضاف إلى ذلك عدم قدرة التيارات الاسلامية المتطرفة على هدم الدولة السورية و استلام السلطة فيها.
لذلك أعتقدُ أن البحث جار في مراكز الأبحاث و الغرف السوداء عن أداة جديدة تحل محل الإسلام السياسي في مهمة ضرب الشعوب و تدمير الدول و تمزيقها التي فشل بها التيار الديني بنماذجه التركي و الايراني و السعودي .
في النهاية اتفق معك دكتور نبيل أن لا يمقراطية في الأديان لأن كل الأديان مشاريع عولمة في فلسفتها تريد أن تصبغ العالم بصبغتها دون أن تسأله رأيه في ذلك ،فهي وإن جاءت عبر صناديق الإقتراع ، إلا أنها لا تؤمن بالتعددية وتداول السلطة ، لأن الحكم عندها من الله وليس من الشعب .