في زمن أجهزة التتبع.. شركة النقل الداخلي تستفز الركاب بلوحات تحذير وتهويل؟

أخبار سورية

الخميس، ٢٩ فبراير ٢٠٢٤

علي بلال قاسم

مع إعلان شركة النقل الداخلي في محافظتي دمشق وريفها عن بدء إجراءات تفعيل أجهزة التتبع الـ 178 التي زوّدت بها باصات الشركة خلال الأيام القليلة القادمة، يتداعى لواجهة الاهتمام ما تشهده حافلات النقل الداخلي من فوضى وازدحامات وتدافع تتركز في أوقات الذروة الصباحية أو المسائية، وما ينتج عنها من مظاهر سلبية مؤذية أبرزها سلوكيات السرقة والنشل، والتي وقعت الشركة وسائقو باصاتها في شرك سوء التقدير والتدبير وفخ عدم التعامل بلباقة وحضارة مع الظاهرة التي لا ننكر وجودها، ولكن يمكن تصنيفها بالحالات أكثر منها مسألة مستفحلة، كما توحي تلك اللوحات الورقية التي تحرص أغلب باصات الخطوط على لصقها داخل الباصات وخارجها وعلى بوابات الصعود والنزول ومفادها “الأخوة المواطنون.. احذروا النشالين”. هنا، تأتي العبارة بمثابة الصدمة المستفزة من قبل شركة النقل الداخلي ومعها الشركات المستثمرة والمشغلة لبعض الخطوط، حيث تترك هذه اللوحات التي من المفترض أن يقصد بها التوعية والإرشاد انطباعاً غير حضاري ولا يتلاءم مع تركيبة المجتمع التربوية والأخلاقية، وتوحي للراكب أنه داخل إلى الخطر الذي سيداهمه في أي وقت.
لنسأل أحد السائقين: ما مبرّر كل تلك النسخ المكررة والمنتشرة بشكل عشوائي ومزعج بصرياً ونفسياً على جدران الباص من الداخل والخارج بشكل مخجل ومزعج، ويأتي الردّ: “نحنا خايفين عالناس.. كترو النشالين وهم يستخدمون الباصات بشكل كبير مستغلين حالة الزحام والتدافع لينشطوا بشكل كبير”.
ومع التأكيد أن المسألة فيها الكثير من التضخيم والتهويل الذي يخلق الخوف والقلق ويبثّ الذعر بين الناس، لا بل وينفر الركاب ويجعلهم يعزفون عن استخدام الحافلات وهم بالنتيجة زبائن مرغوب تحفيزهم وجذبهم، يجيب السائق أن هذا الأمر بتوجيه من الإدارة ونحن ننفذ التعليمات.
وفي استطلاع للآراء، لم يخفِ كلّ من تحدثنا معهم استياءهم من هذا الأسلوب “المعيب”، فهل يعقل أن يحمل باص واحد 10 لوحات تحذير يمكن قراءتها عن بعد مئة متر من الباص، ليبدي معظم المواطنين ومستخدمي الباصات استغرابهم هذا الإجراء الذي لا يعبّر عن وعي الشركة تجاه حالات لا يمكن تعميمها بهذه الطريقة الفاضحة.
ويؤكد سائق آخر أن أبطال هذه الحوادث نشالون لهم أيادٍ خفيفة وفنون في نشل المواطنين وسلبهم كل ما يملكون، دون أن تشعر الضحية بأي طارئ، ويقول مواطن: أغلب المسروقات هي موبايلات ومبالغ مالية ومحافظ نقود وسيدات، وتتركز مناطق عمل ونشاط النشالين في المواصلات المزدحمة ومناطق التجمعات كـ “الكراجات”، ومع ذلك المعالجة لا تتمّ بهذه الطريقة المنفرة.
ومع قيام الشركة بفرض نظام التتبع لحركة الباصات والسائقين، نسأل: أين إدارة شركة النقل الداخلي والشركات المستثمرة من تعقب حركة الركاب وتنظيم الصعود والهبوط؟ وماذا يفعل مراقبو الخطوط وموظفو التفتيش على البطاقات؟ ولماذا لا يقومون بدورهم في المتابعة والاهتمام وتسيير حركة تدفق المواطنين، ولاسيما في ساعات الذروة، أما توخي الحيطة والحذر من النشالين خلال التنقل في وسائط النقل العام فهي مسؤولية فردية شخصية ويمكن التعامل معها بشكل إجرائي وقائي ردعي لا بشكل مستفز كما تظهره الشركة وباصاتها.
البعث