الهجرة وآثارها

الهجرة وآثارها

الأزمنة

الاثنين، ٨ مايو ٢٠٢٣

ظاهرة الهجرة مرافقة للانسان , وعواملها في الماضي تنوعت واختلفت من حبّ الاستكشاف والمعرفة والكسب وغيرها , ولكن الغالب عليها الآن هو الاستقرار اضافة للجانب المادي المعاشي . والانسان يتسابق مع الزمن , فهو يهرب من مكان فيه الفقر الشديد والتدني بمستوى الدخل الى مكان وزمان آخر يحققان له النجاح والحياة الكريمة .

     والأسباب الدافعة للهجرة هي أسباب سياسية بالدرجة الأولى , فالسيطرة الأحادية من قبل قوى دولية أدّت إلى إحداث خلل في التوازن العالمي على المستويين الاجتماعي والاقتصادي .

     هجرة المواطنين من أراضيهم خسارة كبيرة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمأساة كبيرة , والنتائج كارثية خصوصا إذا كانت الهجرة دون ضوابط ودون دراسة .  فسلبيات الهجرة كثيرة ومتنوعة كفقدان الخبرات والكفاءات والكوادر البشرية, وخصوصا  هجرة الأدمغة العربية وهجرة الفئات الشابة المنتجة والمثقفة والفعّالة التي تعتمد عليها المجتمعات في التطوير والتحديث وزيادة الانتاج من مجتمعنا إلى المجتمعات الأوربية الغربية , وهي بمئات الآلاف , ومن كافة الاختصاصات , لذلك فالخسارة كبيرة, والنتائج كارثية . بالرغم من ايجابياتها كاكتساب الخبرات والتجارب المختلفة المفيدة اضافة لكسب المال..

      أثر الهجرة على الكوادر المتخصصة والخريجة حديثا هو أثر كبير متنّوع وأقلها أنه يحدث تشويشا حقيقيا على خياراتها ومستقبلها ويؤجل إمكانية بحثها الجدّي في امكانية شقّ طريق الحياة في مجتمعاتها هذا من السلبيات إضافة الى تأثيرات المهاجرين على مجتمعاتهم المحلية بتصويرهم لواقعهم في بلدان الهجرة بغير مما هو عليه الحال , الأمر الذي يدفع بأعداد كبيرة من الفئات الشابة وخاصة من المراهقين للتفكير بالهجرة قبل اتمامهم تحصيلهم الدراسي بالاضافي إلى عدد كبير من الجزئيات السلبية خاصة بالنسبة للبنية الاجتماعية . ايجابياتها الاطلاع على ثقافة الآخر وحياته ونظمه وقيمه , وهذا يلعب دور كبير جدا في تطوير البنية المعرفية والقيمية للمهاجر , وهذا مهم لعدد كبير من المجتمعات ذات الأنماط الحياتية التقليدية , واكتساب الخبرة والتجربة والعلم والمعرفة , وقد تشكل الهجرة رافدا ماليا مهما بالنسبة للاقتصاد الوطني من خلال التحويلات المالية الكبيرة التي يرسلها المهاجرون لمجتمعاتهم , بالاضافة إلى ما يحمله هؤلاء المهاجرون لمجتمعاتهم من عوامل تحديث وتغيير إلى نظم الحياة وخاصة في الميدان العلمي أو الاقتصادي أو العمراني, وهناك ايجابيات أخرى تتعلق بما يكتسبه المهاجرون خبرة في الحقل الاجتماعي .

     وينصح بالهجرة للمأمول منها , والمضمون وتحديدا الهجرات العلمية الدراسية , والهجرات الزمنية المحدّدة التي يمكن أن تحسّن من فرص العيش ومستوى الدخل أملا في العودة إلى الوطن الأم , وأحذّر منها عندما تكون الهجرة غير مضمونة النتائج وتحديدا بالنسبة للفئات الشابة الغير مكتملة الوعي والرشد , فحالها يصبح حال من تتلاطمه الأمواج , فربما يصل إلى الضفاف وربما لا يصل .

ولجعل الهجرة طريقا خال من الأخطار ومحفوف بالورود يحتاج إلى تضافر الجهود الراعية والضامنة للمهاجر , وهذا الآن غير متوفر . ولكن إذا أردنا ذلك لا بدّ من السير بالهجرة وفق القواعد والأصول والنواظم التي ترعاها مؤسسات مجتمعية دولية تضمن العمل والحقوق للمهاجر في بلد المهجر .

والهجرة بكل ألوانها هي هجرة محكومة بالآمال والتخيّلات والتصورات غير الحقيقية وربّما الزائفة خاصة أن الهجرة الآن تشكّل أزمة عالمية , وهناك من يموت في البحار, وهناك من هو عرضة لكل ألوان النصب والاحتيال من شراء الفيزا إلى شراء فرص العمل لذلك الهجرة المأمونة هي الهجرة المنظمة وهذه مسؤولة المجتمع ..

     واما عن دور الحكومة فهي القانون والنظام والانضباط , وينبغي أن تكون العدل والحارس الأمين للدستور والقوانين والتشريعات والعلاقات بين الأفراد , فالدولة هي القوّة وصاحبة السلطة وهي القادرة من خلال الخطط والتفعيل الاجتماعي أن تفعل كل ما شأنه أن يعيد السفينة إلى مسارها واتجاهها الصحيح .

وفاء حيدر