زراعة الأطراف ممكنة .. ولكن

زراعة الأطراف ممكنة .. ولكن

الأزمنة

الأحد، ١٤ فبراير ٢٠١٠

 

 

ما هي شروط إعادة وصل الطرف عند التعرض لحادث ما؟

زرع الأطراف، تخصص من التخصصات الطبية أو الجراحة المجهرية.. يتطور تطوراً كبيراً سواء بالخبرات أو التجهيزات التي تسمح بتحسين النتائج. وحوادث بتر الأطراف كثيرة ومختلفة، وقد يتعرض لها الكبار والصغار، بسبب حوادث مهنية أو مرورية،، وقد تكون بسبب الإهمال، والنتيجة واحدة، وهي فقدان جزء مهم جداً من جسم الإنسان المصاب، والذي ينتج عنه آثار نفسية وجسدية لا يستطيع احتمالها...

ومع تقدم العلم وتطوره أصبح بالإمكان زرع أطراف بديلة لها... ولكن تخضع لشروط وأسس.. ونظراً لكثرة الحوادث من هذا القبيل كان الحوار التالي مع الدكتور عدنان موسى الشبلي الحاصل على شهادة الدكتوراة في الجراحة التجميلية والمجهرية الترميمية ليحدثنا عن المضاعفات والمشاكل إضافة للعلاج..

- هل تحدثنا عن تاريخ زرع الأطراف؟

- أول عملية زرع أطراف ذكرت في التاريخ كانت على يد. DAMIAN COSMA & في القرن الخامس عشر وكانت زراعة ساق من رجل أسود إلى أبيض. وكانت أول زراعة يد في عام 1964 في الأكوادور. والمريض يعالج بمثبطات المناعة الجيل الأول. وكانت غير كافية مما أدى إلى رفض الجسم لليد بعد أسبوعين نظراً للاختبارات المناعية غير المتطورة.

- وما هو الحديث في الأدوية الكيميائية؟

- عند دخول CICLOSPORINEI (التي تزيد من مقاومة الجسم لتقبّل الأعضاء المزروعة) في عام 1980 بدأت تزيد قبول الجسم لها. ففي عام 1996 كان تقبل الجسم للأعضاء المزروعة 70% للكبد – 82% للقلب – 71% للرئتين – 81% كلية – 91% كلية متبرع حي – 74% بنكرياس.

- وماذا تحدثنا عن عمليات الزر ع حديثاً ؟

- أول عملية زرع يد في التاريخ الحديث جرت في مدينة ليون الفرنسية عام 1998 وعمره في ذلك الوقت 48 عاماً وهو نيوزلندي والذي فقد يده اليمنى عام 1984 في حادث عمل في السجن، حيث نقلت له يد سائق دراجة نارية والبالغ من العمر 14 سنة، ووقت العملية استغرق 13 ساعة.

- كيف عادت الحياة إلى يده المزروعة.. وما هي علامات التقبّل؟

- بعد مرور عشرة أسابيع ظهرت أول علامات الحياة، وظهر تقبّل اليد من خلال الإحساس، وحركة الأصابع من خلال تشكيل "بنس" بين الإبهام مع الإصبع الثاني، والقدرة على التقاط كأس ماء، والقدرة على حمل الملعقة والهاتف، والقدرة على السباحة، ولكن عانى كثيراً من حالات الرفض الجزئي التي ظهرت وعولجت بمثبطات المناعة. DR- JON WILLAM JONES JR خبير في الأعضاء المرفوضة – صرح بأن المريض لا يظهر أي علامات رفض في الوقت الجاري والرفض يكون عادة نحو 90%.

- من هم الأكثر عرضة لحوادث بتر الأطراف؟

الصناعيون هم الأكثر عرضة لحوادث بتر الأطراف أكثر من غيرهم، كمن يعمل في مجال النجارة والحدادة وورش الخراطة، وكذلك إصابات الأطفال الناتجة عن ماكينات فرم اللحوم والخضار أو عن المراوح أو غيرها من الآلات والأدوات الحادة التي تؤدي لبتر جزء من طرف أو الطرف بأكمله.

- ما هي الأساسيات التي يجب أن يقوم بها المسعف عند وقوع الحادث عند بتر طرف من الأطراف؟

- هناك شروط لنقل الطرف أو الجزء المبتور من الطرف، ولابد من توفر ثقافة عامة للمسعفين مثل غسل الطرف فوراً بالماء من الأوساخ، لنقله بكيس نايلون شفاف مغلق بإحكام وضمن كيس يحتوى على ماء مثلج. ثم إجراء الإسعافات الأولية الضرورية لإيقاف النزف، وتأمين الإسعاف السريع لنقل الطرف المبتور والشخص إلى المركز الطبي المؤهل كما ذكرنا سابقاً.

- ما هي شروط إعادة وصل الطرف عند التعرض لحادث ما؟

- عملية زرع الطرف المبتور تخضع لعدة شروط أهمها: أن يكون الطرف أو الجزء المبتور من الطرف غير متعرض لعوامل هرس أو تلوث شديدين، وأن تكون الأنسجة بحالة جيدة. وأن يكون مستوى البتر بمنطقة تحتوي على شرايين وأوردة قابلة للخياطة المجهرية. وألا يمضي على البتر أكثر من 6— 8 ساعات كحد أقصى، حتى يبقى الطرف قابلاً للحياة، وطبعاً هذه المدة تنقص أو تزيد حسب حالة الطقس، حيث تقصر المدة الزمنية بارتفاع درجات الحرارة. وأخيراً أن يسعف المريض إلى مركز طبي مؤهل تجرى فيه مثل هذه العمليات الحساسة التي تحتاج إلى أدوات وتجهيزات تسمح بالخياطة المجهرية، وكذلك والأهم توفر الفريق الطبي المؤهل للتعامل مع مثل هذه الحالات.

- بماذا تختلف نتائج العملية بدون رفض عن تقبّل الجسم للأعضاء الغريبة؟

- طبعا تختلف... فالنتائج بعد مرور سنة على العملية بدون رفض، بعد الاختبارات التي أجريت على الجلد، خفض مثبطات المناعة من أربع أدوية إلى اثنين، خفض "الدوزاج" الدوائي اليومي (العيار) من دوزاج كبير إلى دوزاج صغير، الإحساس بجميع الأصابع، تحسن الحركة والأعصاب الحركية في الجزء المزروع.

 

- وما هي نتائج رفض الجسم الجزئي لليد؟

- النتائج بعد أن ظهرت علامات الرفض وتم السيطرة عليها، عام 2000 طلب المريض بتر اليد المزروعة، ولكن الفرنسيون رفضوا إجراء البتر، وبما أنه يملك الجنسية الإنكليزية قام الأطباء في إنكلترا عام 2001 ببتر اليد المزروعة طبقاً للأحكام الموجودة.

- ذكرت عن عملية زرع في بعض الدول الأوروبية... ما هي الدول الأجنبية الأخرى التي تم الزرع فيها؟

- أول زراعة يد في الولايات المتحدة الأمريكية جرت في مركز KONTZ KLEINER للعناية باليد، وقد قام بها الدكتور C.BREIDENBACH WARREN- مع فريق مؤلف من 18 طبيباً جراحة يد وجراحة مجهرية، وجراحة نقل أعضاء وباحثين في مجال المناعة ومخبريين وصيادلة وأطباء نفسيين، أجري العمل الجراحي في عام 1999 وهو: زراعة يد يسرى لمريض يبلغ من العمر 37 سنة من نيوجرسي، فقد يده من الثلث الأخير للساعد بحادث انفجار في عام 1985، والآن يستطيع تحريك يده وأصابعه وقيادة السيارة ويربط حذاءه ويمسك الكأس، وباختصار يستطيع القيام بالأعمال البسيطة.

فمركز رعاية اليد وزراعتها في أمريكا يمتلك حساباً بمليون دولار أمريكي من أجل البحوث في مجال زراعة اليد.

وهناك زراعة اليد في الصين؛ عام 1999 أجري في الصين عمليتا زرع لشخصين الأول عمره 39 سنة والثاني 27 سنة الزرع الأول قام به GUOCIAN PEI في مشفى NANFANG-GUANGZHOU.

وفي فرنسا أول زرع يدين اثنتين فقد قام فريق طبي بقيادة البروفيسور JEAN-MICHEL DOBERNORD مؤلف من خمسين طبيباً جراحاً، ووقت العملية استغرق 17 ساعة وكانت عام 2000 في مشفى EDOUARD HERROIT في ليون، وكذلك في أوستراليا فقد تم عملية زرع ليدين في جامعةINNSBROCK.

- هل هناك عمليات زرع مشابهة في سورية أو في بقية الدول العربية؟

- نعم، باستثناء زراعة الأطراف والسبب عدم وجود المتبرع من جهة، وتحريمها في بعض الدول العربية من جهة أخرى. ولكن الخبرة والكفاءة متوفرة لدينا.

- ما هي نسبة خطورة رفض الزراعة؟

- خطر رفض الزراعة بعد مرور سنة بنسبة 30 – 50%

- ما هي شروط نجاح الزرع؟

-DR. BREIDENBACH لاحظ بأن اختيار المريض الصحيح هو مفتاح النجاح ويجب أن يعرف المريض الأخطار والمضاعفات التي ستواجهه أثناء الزرع وبعده.

- وما هي شروط اختيار المريض؟

- على أن يكون العمر بين 18/65 سنة، ودراسة المريض من الناحية السريرية والمناعية والنفسية ومن ناحية السيالة العصبية (الخلايا المسؤولة عن نقل الشحنات الكهربائية في الجسم).

- وما هي شروط اختيار المتبرع؟

- إصابة دماغية خفيفة، قبول الأهل، تحديد جنس المتبرع، حالة الجلد، العامل الوراثي، انتماؤه الجغرافي، الزمرة الدموية، والعمر...

- وهل هناك زراعة أعضاء للأطفال؟

- أجل.. أول زراعة للأطفال كانت في ماليزيا، وذلك في مشفى SELAYANG في كوالالامبور من قبل فريق جراحي (55 طبيباً) بقيادة الأستاذ الدكتور PATHMANATHAN حيث ولد الطفل بدون ساعد وأخته التوءم توفيت أثناء الولادة، وبعد أربع أسابيع تقبل الطفل الساعد، والأطباء لم يستخدموا مثبطات المناعة، وذلك بسبب التوافق التام بين التوءم ودامت العملية 15 ساعة.

- هل تختلف المدة من زراعة عضو إلى آخر؟

- بالتأكيد... زراعة اليد تحتاج من 8-12 ساعة، زراعة القلب تحتاج من 6-8 ساعات، زراعة الكبد من 8-12 ساعة.

- وماذا عن المضاعفات؟

- قد تشكل خثرة دموية في المفاغرة الشريانية أو الوريدية، أو يحدث التهاب، أو يرفض الجسم اليد أو العضو المزروع...

- وكيف يتم تحضير المريض؟

- إجراء صورة شعاعية، التحاليل الدموية، الفحص النفسي، استشارة قلبية وداخلية.

- ما المشاكل التي يتعرض لها المريض عقب عملية زرع الطرف له؟

يمكن أن يتعرض المريض لمشاكل عديدة منها فشل محاولة وصل الطرف بسبب تخثر الدم ضمن الأوعية، أو بسبب انسداد الشرايين الموصولة.. فشل العود الوريدي بسبب عدم وجود أوردة كافية تسمح بإعادة الدم إلى الجسم من الطرف المصاب. فشل الزرع بسبب الإنتان (الالتهابات). والجدير بالذكر بأنه يمكن أن ينجح الزرع لكن قد يبقى الطرف غير وظيفي، بسبب توقف عمل الأعصاب، فيصبح غير فعال.

- هل يستطيع المريض ممارسة حياته المهنية والطبيعية بعد زرع الطرف... وما هي المدة التي يحتاجها ليعود لحياته الطبيعية؟

- التأهيل الجيد للمريض والعلاج الفيزيائي والطبيعي يزيد من نسبة نجاح العمل الجراحي، وعودة المريض لوضعه الطبيعي. وبالنسبة للمدة الزمنية للشفاء قد تختلف بحسب المنطقة المصابة، مثال على ذلك وصل فخذ مبتور على مستوى عنق القدم، أو على مستوى الركبة، أو أعلى من ذلك، يحتاج لفترات مختلفة لكل منها وللتأهيل والعلاج ليعود الطرف لوضعه الطبيعي، كذلك الأمر بالنسبة للإصبع أو المعصم. لذلك تختلف المدة الزمنية حسب فيزيولوجية الجسم وطبيعة ترميم الأنسجة، والأهم حسب الأعصاب. وكمثال لضمان عودة الطرف لقدرته الحركية: نضطر لتقصير الطرف عدة سنتيمترات أو ميليمترات أحيانا، حسب المنطقة المصابة لنتمكن من إعادة وصل الشرايين والأعصاب لتكون بحالة فنية جيدة، ولتكون قابلة لإعادة الوصل وبالتالي يساهم ذلك بإنجاح العمل الجراحي بفرصة أكبر.

- وبعد العمل الجراحي.. ما هي المدة الكافية لتناول الدواء؟

- في حالة زراعة العضو في الجسم، على المريض استخدام مثبطات المناعة يومياً مدى الحياة، وهذه المثبطات مثل مثبطات زرع الكلية.

- ما هي المضاعفات الجزئية بعد عملية الزرع؟

- ارتفاع الضغط، حب الشباب، رجفان في اليدين، إسهالات معوية، ازدياد نسبة الالتهاب، غزارة في الشعر، فتح الشهية، زيادة في الوزن، تقلبات كبدية وكلوية، ازدياد نسبة ظهور سرطان الجلد، والسكري. والجدير بالذكر هنا بأنه بعد العمل الجراحي عليه الراحة لمدة ستة أشهر بعد الزرع لتفادي الالتهاب.

- ما أكبر وأخطر مشاكل الزرع؟

- الأدوية أو مثبطات المناعة، فعلى سبيل المثال إذا كانت هذه الأدوية تهدد الأعضاء النبيلة (القيّمة) مثل القلب – الكبد – الكلية..

وهنا السؤال يطرح نفسه..؟ هل نقوم بعمليات زرع الأعضاء والجواب نعم ولكن نتمنى من العلماء والباحثين إيجاد أو تطوير مثبطات مناعية أقل سُمّا على جسم الإنسان...

وفاء حيدر