هل تقدم العمر يقتل الرغبة الجنسية عند المرأة ؟

هل تقدم العمر يقتل الرغبة الجنسية عند المرأة ؟

الأزمنة

الأحد، ٢٢ نوفمبر ٢٠٠٩

 

ماذا تعني العملية الجنسية للمرأة في مرحلة الشيخوخة؟

 

نشر موقع الBBC العربية مؤخراً ،خبراً يثير الدهشة ويسبب الذهول لكل من يقرؤه ! جاء عنوان الخبر (107 أعوام والزواج ما زال بالبال)، وجاء في التفاصيل:

(يبدو أن الزواج لا يقف عند الضوء الأحمر، حتى بعد أن تتجاوز إحداهن المئة بسبعة أعوام، والحدث هذه المرة في ماليزيا.

إنها امرأة طاعنة في السن بلغت من العمر عتياً، وتحديداً 107 أعوام، وأمنيتها أن تتزوج مجدداً، للمرة الثالثة والعشرين، خشية أن يهجرها زوجها الحالي.

صور وخبر زواج العجوز من زوجها الذي تزوجها قبل أربعة أعوام، والذي يصغرها بنحو سبعين عاما، كان حدثاً أوصلها إلى الصفحات الأولى من الصحف الماليزية.

زوج العجوز الماليزية ربما لن يعود إليها، كما تخشى، بعد أن تعافى من الإدمان على المخدرات في مركز صحي في كوالالمبور.

والعجوز قالت للصحفيين إنها تشعر "بالوحدة " بدون وجود زوجها، وخصوصاً مع اقتراب العيد.

كما ألمحت أيضاً إلى أنها قد تعيد النظر في فكرة الزواج إذا تبين لها أن زوجها الحالي ، وعمره 37 عاماً، مازال متيماً بها.

وقالت لصحيفة ستار الماليزية إنها بدأت تشعر بعدم الاستقرار وقلة الطمأنينة في الفترة الأخيرة. وتدرك أنها امرأة مسنة، لكن الزواج بالنسبة لها ملء للفراغ والابتعاد عن الوحدة.

الرغبة الجنسية عند المرأة نفسية أم وظيفية؟

الانسان والزمن بقلم الـدكتــور نبـيـل طـعمـة

عن المدونة بقلم المهندس محمد طعمة

الــتـفـكـــيـر والــتـكـفـــيـر"

آخر المواضيع العلمية على موقع مجلة الباحثون

أغــلــى مــاتــمــلــك 

إقـــــرأ موسوعة الدكتور نبيل طعمة على الأزمنة 

من المعروف أن القدرة الجنسية عند الرجل عضوية فيزيولوجية ،فقدرته الجسدية هي من تحدد مدى استطاعته على ممارسة الجنس أم لا؟ فقد يكون رجلاً بالسبعين من العمر إلا أنه يبقى صالحاً لممارسة الجنس.

ولكن ماذا عن المرأة هذا المخلوق العاطفي... إلى متى تبقى مستقبلاً جيداً ومتفاعلاً مع العملية الجنسية ؟

قد يظن البعض أن المرأة تنتهي صلاحيتها الجنسية مع توقف الدورة الشهرية أي في مرحلة ما يسمى (عمر اليأس)، إلا أن الجنس عند المرأة مرتبط بالجانب النفسي مئة بالمئة، الأمر الذي أكده الدكتور محمد الدندل أخصائي الأمراض النفسية وقال:

ممارسة الجنس عند المرأة له جانبان شق نفسي وآخر وظيفي، وهما مرتبطان بشكل من الأشكال كآلية تطويرية...

الجانب النفسي له علاقة بربط المتعة بالجنس....وإذا عدنا للطبيعة ، لوجدنا أن المتعة ترتبط بالجنس بلحظة الدورة الجنسية أو الانجذاب الجنسي عند الإنسان والحيوان بشكل غرائزي ، وبالتالي هي أحد آليات البقاء و التطور.

فأحياناً عند الحيوانات يصل الوضع إلى صراع مميت بين الذكور على الأنثى التي تفرز في لحظة الدورة الجنسية هرمونات معينة تخلق درجة من الإثارة عند الذكر.

يشترك الإنسان مع باقي الثدييات بوجود الغريزة ،إلا أن الإنسان وعبر ملايين السنين من التطور أصبح يملك الدماغ الحديث المرتبط بالحضارة التي تعني التجربة والثقافة والتفكير.

وبما أن الجانب النفسي غير مرتبط بعملية التكاثر، فالعقل والثقافة ينظمان الغريزة والرغبة الجنسية عن طريق آليات الدفاع، وأحد آليات الدفاع لها علاقة بالتصعيد، والجنس بالنتيجة طاقة، وتصعيد هذه الطاقة يتم عن طريق تحويلها إلى إبداع فني أو إنجاز تطوعي أو عمل ديني..وكوننا غير قادرين على التعبير عن هذه الرغبة الجنسية أو تلبيتها بالشكل المباشر كون الأمر مرفوضاً اجتماعياً ودينياً تُحول هذه الطاقة باللاوعي بإحدى آليات الدفاع.

وبالتالي يتوهم البعض أن الرغبة الجنسية عند النساء مرتبطة بعمر معين...فالجانب الوظيفي للعملية الجنسية مرتبط بدورة الإباضة وينتهي بسن اليأس أي بنهاية سن الإنجاب.

أما الجانب النفسي والرغبة الجنسية النفسية لا تنتهي أبداً حتى ولو أصبحت المرأة بعمر المئة .

التجربة الأولى والموروث الثقافي والاجتماعي

قلما نجد في مجتمعاتنا الشرقية امرأة متصالحة مع نفسها وجسدها، ورغبات واحتياجات هذا الجسد كون موضوع الجنس من التابوهات الممنوع الاقتراب منها، وحتى ولو كانت متزوجة فتكبت مشاعرها ولا تعبر عن احتياجاتها ورغباتها وهواجسها ،لأنها اعتادت على إرضاء الرجل بغض النظر عن نفسها وما يجول فيها.

وبما أن الجنس من ثالوث محرماتنا ،والخوض بالحديث عنه من الأمور الحساسة ،وبسبب ضعف الثقافة الجنسية في بيوتنا ومدارسنا ،تبقى فتياتنا بمعزل عن التفاصيل الصحيحة للعملية الجنسية ،وبالتالي قد تكون التجربة الجنسية لهن بعد الزواج مشوهة وغير ممتعة مما يؤثر مستقبلاً على أدائهن ومدى رغبتهن وقبولهن للآخر (الرجل) وممارسة الجنس والانسجام معه!

كما تلعب العادات والتقاليد والموروث الثقافي وأسلوب التربية دوراً كبيراً ببناء الصورة الذهنية للجنس في ذهن الفتاة التي تخشى الاقتراب منه لأنه أمر مرتبط بالحرام والعيب والشرف، وحتى في علاقة الزواج تخشى التعاطي مع العملية الجنسية بالأريحية التي تحتاجها .

وعندما سألنا الدكتور الدندل عما إذا كانت المرأة تتمتع بنفس النسبة والحجم من الرغبة والشهوة في مختلف أعمارها أجاب:

الجانب النفسي من الجنس عند المرأة ممكن أن يتحقق عن طريق التواصل مع الآخر والإحساس بأنها مرغوبة ومحبوبة من قبل الرجل ،بالإضافة إلى عبارات الغزل و الملامسات والمداعبات والقبل ،فكل ذلك قد يكون كافياً بالنسبة للمرأة وحتى لو كانت في سن الشباب هذا وحده قد يحقق لها الرضا كونها مخلوقاً عاطفياً.

فالعملية الجنسية التي تتم عن طريق التواصل الجنسي هي مسألة قد لا تصل إلى مرحلة إشباع هذه الرغبة عند المرأة مهما مارست الجنس، والدليل أن الجانب النفسي لا علاقة له بالعملية الجنسية رغم وجود تقاطع بين الأمرين .

فمثلا عند توقف الدورة الشهرية عند المرأة ونتيجة تغير مستوى الهرمونات تنقص عندها إفرازات المهبل مما يسبب الألم عند الجماع وقد يكون هذا سبب عزوف المرأة عن الجنس في عمر معين .

كما يوجد جانب له علاقة بالثقافة، فهناك تصور سائد في المجتمعات التقليدية أو الذكورية أن المرأة كائن له وظيفة ،بعيداً عن أنها ذات ،فهي مخلوق يدور في مملكة الرجل ويحقق حاجات الرجل بغض النظر عن حاجاتها ورغباتها. فالجنس يبقى مقبولاً عند المرأة اجتماعياً طالما هي تحقق من خلاله مصلحة للرجل سواء كانت من الناحية الجنسية أوالوظيفية(الإنجاب).

وعندما تقل الجاذبية الجنسية بعد عمر معين يتم حصار المرأة عن طريق مفاهيم اجتماعية ،فرغباتها بعد مرحلة معينة تصبح مرفوضة تدعو إلى العار أحياناً، عندها يعطي الرجل لنفسه مخرجاً ليقيم علاقات مع نساء أكثر شباباً.

وحتى لو قررت المرأة أن تخوض تجربة الزواج بعد عمر معين خاصة إذا تخطت عمر الإنجاب، تلاحقها نظرة اجتماعية سلبية وكأن المبرر المقبول اجتماعياً لزواجها هو قدرتها على الإنجاب وبعد ذلك يصبح زواجها أمراً مخجلاً ومرفوضاً لأنه يتعلق بالحاجة العاطفية والجنسية .

يضيف الدكتور محمد الدندل: ترتبط الجاذبية الجنسية عند الفتاة المراهقة بإثبات الوجود ،فعندما تبدأ الدورة الشهرية ويبدأ شكل جسمها بالتغير وتتولد لديها أحاسيس الأنثى وانجذاب نحو الذكر ، يرضيها اهتمام الرجال فيها ونظراتهم لها كأنثى مثيرة، ولو اهتم بها كل الشباب فهو أمر إيجابي بالنسبة لها.

مع تقدم العمر تصبح للفتاة أمور أخرى تثبت وجودها من خلالها فكرها...عملها...إنجازاتها...

الرغبة الجنسية عند الباغيات

البغاء قضية ناقشناها بشيء من التفصيل في عدد سابق من مجلة الأزمنة ،ولكن خلال الحوار مع الدكتور محمد الدندل حول الرغبة الجنسية عند المرأة تطرقنا لموضوع البغاء ،وما إذا كانت المرأة التي تمتهن هذه المهنة تملك رغبة مضاعفة أو (هل هي امرأة شبقة بالضرورة)....يقول الدكتور الدندل:

مهنة البغاء مهنة الرجال وليست مهنة للنساء ،وإذا اعتبرنا أن البغاء مهنة منحطة فزبائنها منحطون وبالتأكيد زبائن هذه المهنة رجال.

الرجل يقيم علاقات مع باغيات ويفصل ،فيعتبر نفسه طاهراً وهي ملوثة ....

والبغاء اختراع ذكوري والمرأة التي تمارس البغاء تخضع لاستغلال ذكوري فكل مافيات الرقيق الأبيض يديرها رجال ومردودها المادي يصب في جيوب الرجال.

وعن وجود امرأة شبقة وأخرى باردة جنسياً قال: خبرات الجنس التي لدى الرجال والنساء تلعب دوراً كبيراً في الحياة الجنسية ،فمن له خبرات سلبية بالجنس سترتبط الممارسة بذهنه بأمر سيئ ،ومن يملك خبرات إيجابية سيتحول الجنس عنده إلى متعة....فلخبرات المرأة الجنسية دور بتحديد تعاملها مع الجنس ،وكذلك الموروث حيث أن البرود الجنسي عند المرأة له أسباب جنسية عميقة ترتبط بشكل لا واعي بالعيب والحرام، الأمر الذي يؤدي إلى رفضها للعملية ،كما تلعب العلاقة السيئة مع الأب ،أو العلاقة غير المتوازنة بين الوالدين دوراً في كره المرأة للجنس ...و ترفض الفتاة رؤية أمها خاضعة لأبيها لأن خضوع الأم وتصرفها بسلبية مع الأب يجعل الفتاة متمردة ورافضة لأنوثتها التي ترفض ربطها بالجنس...

وربط الجنس بالعيب والشرف يقيد المرأة التي يخضع جسدها للعشيرة.

كما تؤثر الممارسة الأولى على الصورة الذهنية المتكونة حول الجنس في ذهن الفتاة ومدى الوصول إلى درجة الرضا، وفيما إذا استطاعت أن تحقق ذاتها من خلالها أو إذا كانت مؤلمة أو ارتبطت بالإهانة والاستغلال، فترفض الجنس بعدها حتى لو كان الرجل زوجها، فالاغتصاب وإجبار المرأة على الممارسة يتم ضمن الزواج أيضاً.

ارتباط الجنس بالمحرم الاجتماعي والديني يكون في العمق اللاواعي فيتحول الجنس إلى أمر مقموع كونه عيباً وحراماً فتقمعه الفتاة وتكبته وتحيد عواطفها.

هل الرغبة مضاعفة عند من لهن تجربة سابقة؟

هناك تصور عند البعض أن المرأة التي سبق لها أن خاضت تجربة الزواج تملك رغبة جامحة من الصعب السيطرة عليها كونها باتت صاحبة تجربة ،فهي امرأة في اعتقاد البعض لا يمكن أن تعيش دون وجود رجل يمارس معها الجنس، الأمر الذي نفاه الدكتور محمد الدندل فقال:

هذا تصور اجتماعي خاطئ وفيه مهانة للمرأة لأن المرأة كائن بشري له رغباته ،وقد تكون المرأة العذراء أكثر إصراراً على وجود ارتباط حقيقي يعطيها فرصة تكوين أسرة.

بعد عمر معين تقل عند المرأة فرص الزواج فقد تكون محبطة وبحاجة إلى رجل ،ومثال على ذلك امرأة مطلقة أو أرملة وأم لخمسة أولاد بشكل طبيعي تقل فرصها بالحياة فتحقق هذه الحالة والرغبة عن طريق علاقة ما كونها كائناً له أحاسيس ومشاعر... وتكون المرأة المطلقة أو الأرملة مرغوبة أكثر ليس كونها سهلة المنال ولكن لأن الرجل يحسب أن تبعات العلاقة معها أقل بالنسبة له، وهذا ليس دليلاً على أنها تملك رغبات منفلتة غير قادرة على ضبطها أو السيطرة عليها.

التربية الجنسية للفتاة:

ينصح الأخصائي النفسي الأهل بأن يعتنوا بتربية بناتهن جنسياً، وأن يتم الإجابة على كافة الأسئلة مهما كانت محرجة بطريقة حقيقية ولكن دون الخوض بشروحات، وإلا ستلجأ الفتاة إلى مصادرها الخاصة للحصول على المعلومات التي تكون في أكثر الأحيان مشوهة (صديقة، إنترنت، وقد تتوهم الإجابة بتصورات خيالية ضارة) ويجب أن تدخل التربية الجنسية في مناهجنا فالمسؤولية تقع على عاتق المؤسسات التربوية.

ويجب على الأهل أن يتعاملوا مع جسد الفتاة كما يتم التعامل مع جسد الذكر حتى لا يصبح لديها تصور سلبي عن جسدها.

ويمكن الإيضاح لها أن الجنس أداة لاستمرار النوع ولكن يجب ضبطه وتنظيمه بالزواج .

عموماً الفتاة بعمر معين تعرف ما يجب أن يحدث وما لايجب أن يحدث لأنها تتبنى قيم عائلتها تلقائياً.

دارين صالح