أنا إعلامي..؟!..بقلم: بشير فرزان

أنا إعلامي..؟!..بقلم: بشير فرزان

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٩ مايو ٢٠٢٣

ليس بالأمر المستغرب أو المستهجن لجوء العديد من الشباب إلى مراكز التدريب الإعلامي لتحقيق طموحاتهم المشروعة، بالتأهيل والتدريب، استعداداً لدخول الساحة الإعلامية، وتقديم أنفسهم للمجتمع كإعلاميين وإعلاميات. وكما قلنا، لسنا ضد هذه الطموحات، ولكن ما يجب الوقوف عنده تلك الدورات التي تختزل العمل الإعلامي في خمسة أيام أو أسبوع أو في شهر، حيث تتزاحم العناوين في الإعلانات عن هذه الدورات، منها التحرير الصحفي والإلقاء والتقديم والمونتاج، إضافة إلى التدرّب على أساسيات الصوت الخبري وغيرها من المحاور التي تنتهي بفقاعات صابونية لا أكثر، خاصة وأن محتوى الكثير من الدورات مجرد بضعة دروس نظرية حول كيفية كتابة الخبر ودروس نظرية عن الصوت وأخرى للمونتاج، حيث تبرع العديد من مراكز التدريب الإعلامي في نسج الآمال والأحلام الإعلامية، وتفصيلها حسب الطلب، وتخريج دفعات لا علاقة لها بالإعلام “لا من قريب أو بعيد”، كما يُقال، نظراً لكونها دورات مفرغة من محتواها الإعلامي، خاصة وأن الكوادر التدريبية لا تمتلك الخبرات المطلوبة لمثل هذا العمل المنغمس اليوم في الربح التجاري، وللأسف بشهادات ممهورة بختم وتوقيع وزارة الإعلام!!
ولا شكّ أن وصف مراكز التدريب الإعلامي ‏بـ “الدكاكين الإعلامية التي غايتها الربح” لم يأتِ من فراغ، والدليل على ذلك أن المنتج الإعلامي لهذه الدورات بات يهدّد المستقبل الإعلامي، ووزارة الإعلام واتحاد الصحفيين يتحملان مسؤولية ما يجري، وخاصة لجهة ضياع الهوية الإعلامية والاستمرار بصناعة إعلامية غير سوية، ولا تتناسب مع سمعة الإعلام السوري ومتطلبات المرحلة القادمة، فما يجري بات مهزلة حقيقية، ولا بد من إجراءات لإيقاف ذلك والتشدّد في مراقبة هذه المراكز بكل تسمياتها!
بالمحصلة، لا يكفّ خريجو هذه المراكز عن مزاحمة أصحاب الاختصاص والخبرة والكفاءة في مواقع العمل الإعلامي، وفي أحيان كثيرة يخطفون فرص العمل بتدخل من بعض أصحاب النفوذ، عندها نسمع صراخاً دائماً “أنا إعلامي”، ولكن دون مقومات حقيقية، والحال ذاتها مع الكثير من خريجي التعليم المفتوح الذين يتفنّنون في تحويل المهنة الإعلامية إلى مهنة وظيفية دون أي هدف إعلامي.
وطبعاً، لا يمكن تعميم هذه الخلاصة على الجميع، فهناك من ترفع لهم القبعة، ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أن ما يجري في الوسط الإعلامي بغاية الخطورة، وهناك تشوّه حقيقي في الجسم الإعلامي، وحتى في الرسالة الإعلامية التي لم تعد قادرة على جذب الناس، وباتت عرضة للاستهزاء والانتقاد بالسطحية والتقليدية إلى حدّ الملل والنفور الشعبي، وهذا ما يضع الجهات المعنية أمام مرآة الحقيقة، وفي مواجهة مباشرة مع مهامها ومسؤولياتها في الإشراف على تنفيذ سياسات التدريب ورفع مستوى التأهيل المهني للعاملين في جميع الوسائل الإعلامية.. فهل من استجاية؟!