هل يتغير البشر؟.. بقلم: نور المحمود

هل يتغير البشر؟.. بقلم: نور المحمود

تحليل وآراء

الخميس، ٢ مارس ٢٠٢٣

الأرض تتغير، هكذا يقولون بعد كل كارثة وكل زلزال وفيضان و«تسونامي».. الأرض تتنفس وتخرج ما في جوفها من ألم وغيظ وكبت، تصمت طويلاً وحين تنطق نرتجف لصوت رعدها، ونرتعش خوفاً من غضبها.. فهل يتغير البشر؟ 
باطنها يتقلب وكأنه على جمر، والعالم من فوقها يتقلب على جمر الغلاء، وارتفاع الأسعار وانهيار الاقتصاد وتبدّل الأحوال.. زلازل باطنية وزلازل ظاهرة والصدمات تتوالى.. فهل يتغير البشر؟
دول كثيرة تلاشت فيها الفروق بين الطبقات الاجتماعية وكأنه زلزال تصدّع على أثره المجتمع، فاختفت الطبقة المتوسطة، تاركاً مكانها شرخاً كبيراً يفصل بين من هم «فوق» ومن هم «تحت». تغير لا شك زاد من أوجاع المتعثّرين وعرقل مشاريع، وقضى على أحلام المنتظرين في أن يأتي الفرج على صهوة الأيام والمستقبل.. لكن هل فعلياً يتغير البشر؟. 
يبدو أننا كائنات تتمسك بالقشور كثيراً، فتتفاجأ مثلاً بفئة تئن وتعبّر عن انزعاجها من ضيق سبل العيش ليلاً ونهاراً، تكتب وتكتب بلا توقف على كل وسائل التواصل الاجتماعي شاكية باكية من الأزمة الاقتصادية، ومن ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، لكنها في المقابل لا تتخلى عن عادات توارثتها عن الأولين، وتحرص على تطبيقها أياً كانت الظروف.
نتحدث عن تلك الفئة المصرّة على إتمام زواج ابنها أو ابنتها بكامل التجهيزات واضعين الغلاء والاقتصاد جانباً، وكأنه لا علاقة لهم به، هؤلاء الذين يصل بهم الحال إلى الاستدانة من أجل تجهيز العروس أو العريس، ألا يتغيرون؟ ألا يمكن لأي هزة أرضية أو اجتماعية واقتصادية أن تترك علامة طيبة في عقولهم ونفوسهم، فيتخلون عن المغالاة لتستمر الحياة بشكل أفضل؟
نتحدث أيضاً عن هؤلاء الذين يتشبثون بفكرة «الموائد الرمضانية» العامرة بكل أشكال الطعام، سواء كانت اللمة محصورة في أهل البيت فقط، أم تشمل ضيوفاً وأقارب، وها قد اقترب رمضان والعالم ليس في أفضل حال، فهل سيتخلون عن تلك العادات ويكتفون بلمّة البيت والموائد الاقتصادية «الرشيدة؟» ألا يكتمل رمضان وتكتمل العبادة بدونها؟. 
نتحدث عن هؤلاء الذين يعيشون حياتهم برخاء وتجدهم الأكثر شتماً للأوضاع والمعيشة، صوتهم الأعلى في كل مكان، بينما المعدم المقهور الساعي ليلاً ونهاراً خلف رزقه، لا يجد وقتاً للكلام، يصمت.. يعمل.. يعود بما رزقه الله به، وينام بعد الصلاة والدعاء، فهل يتغير البشر؟