شباب.. التسعين !.. بقلم: رشاد أبو داود

شباب.. التسعين !.. بقلم: رشاد أبو داود

تحليل وآراء

السبت، ٢١ يناير ٢٠٢٣

الأعوام أرقام، مجرد أرقام. أما الأعمار فهي حياة. مع دخولنا العام 2023 يقول المتفائل: كسبت سنة من عمري. أما المتشائم فيقول: خسرت سنة، اعتماداً على مقولة إن العمر الشيء الوحيد الذي كلما زاد نقص. فكم من عجوز في الخمسين وشاب في الثمانين والتسعين!
الصحيح أن نسأل: ماذا فعلت في عمرك؟، وليس: كم عمرك؟
«العجوز» الخمسيني تراه دائماً متعباً منهكاً من لا شيء. يجلس كقنديل قديم نفد كازه. لا يضيء ما حوله. ملابس بهت لونها مع الزمن، مجعدة كتلك التجاعيد التي حفرت على وجهه في غير أوانها. تسأله: ما بك يا رجل، «بعدك شاب» ؟ يهمهم ويشير إلى شعره الأبيض قائلاً: اييييه حسن الختام. يستفزك وبعصبية تقول له: أي ختام؟ ومن أدراك متى الختام؟ الأعمار بيد الله. أنت لم تختر موعد مولدك ولن تعلم متى رحيلك عن هذه الدنيا.
تدرك أن أمامك شخصاً انتهت صلاحيته للحياة. وتستنتج أنه لم يسمع بما قاله شمس التبريزي معلم جلال الدين الرومي «يقولون إن الإنسان يشيخ عندما يتقدم به العمر لكنه في الحقيقة يشيخ عندما ينطفئ ضوء ما، كان في داخله».
الروح هي منبع النور فإن ذبلت انطفأت، وإن انطفأت هرم صاحبها.
مثل هؤلاء لا يستغلون لحظات العمر الهائلة. ولو أنهم فعلوا وهم في كامل طاقتهم الفكرية والبدنية، لوجدوا أن أعمارهم طويلة، ذلك أنهم أحسنوا استغلال الوقت الذي هو بصورة أو أخرى، فقيمة الكأس الفارغة بما تملأها وإن لم تفعل تظل فارغة.
ما سر طول العمر؟
ثمة دراسات علمية متعددة في هذا الشأن منها ما تقوله الدكتورة سيلفيا فيتالي، أخصائية أمراض الشيخوخة الإيطالية، إن ضبط النفس في التغذية والنشاط البدني والذهني في سن الشيخوخة يساعد على إطالة العمر. وتضيف أن النشاط الحركي في سنوات الشيخوخة هو الأداة الوحيدة التي أثبتت فعاليتها في منع حدوث مشكلات في إمدادات الدماغ بالدم والنشاط الذهني. فعندما تحمي القلب والأوعية الدموية نفسها، فإن الدماغ يكون المستفيد الأكبر.
وهذه حقيقة، فإن أي عضو في جسم الإنسان يضمر إذا لم يتحرك، كذلك الدماغ. أن تغذيه بالقراءة وتذكر أرقام أصدقائك والأماكن التي اعتدت الذهاب إليها. أن تواصل الاختلاط بالناس. تماماً كما تدرب أجزاء الجسد على الحركة بزراعة حديقتك والاعتناء بطيورك من دجاج وحمام.
صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية أوردت دراسة منشورة في دورية «لانسيت» الطبية تشير إلى ارتفاع معدلات الأعمار في 35 دولة نامية، في حين أن الولايات المتحدة - حيث السمنة ووفيات الأمهات والأطفال عند الولادة وعمليات الانتحار والفروق في أحقية الحصول على الرعاية الصحية- ربما تشهد ارتفاعاً بشكل أبطأ من الدول الأخرى.
في أوروبا توقعت الدراسة أن يكون متوسط عمر النساء في فرنسا والرجال في سويسرا هو الأعلى بمتوسط 88.6 عاماً للفرنسيات و84 لرجال سويسرا.
ووفق الدراسة، فإن كوريا الجنوبية من بين الدول النامية التي ستشهد زيادة في النسبة العمرية للأشخاص، حيث إن معدل عمر الأنثى التي تولد في 2030 قد يصل إلى 90.8 عاماً، بزيادة 6.6 سنوات مقارنة بمن ولدن عام 2010.
ثمة مشاهير وسياسيون ظلوا في كامل قدراتهم وهم في الثمانين والتسعين. ملكة بريطانيا إليزابيث توفيت عن 96 عاماً، سبقها زوجها الأمير فيليب 99 عاماً. نجمة الفيلم الشهير «ذهب مع الريح» أوليفيا دي هافيلاند تجاوزت الـ 100 عام، سيدني بوتيه أول شخص أسمر يفوز بجائزة أفضل ممثل 91 عاماً، باربرا وولترز أول امرأة أمريكية قدمت نشرة أخبار مسائية توفيت عن 93 عاماً، مديحة يسري الفنانة المصرية التي أحبها عباس العقاد واختارتها مجلة «تايم» الأمريكية في الأربعينيات واحدة من أجمل نساء في العالم، 99 عاماً.
نلسون مانديلا، الزعيم الأفريقي، توفي في الـ 95، محمد حسنين هيكل في الـ 91، أما ثعلب السياسة الأمريكي هنري كيسنجر فلم يزل مرجعاً للسياسة العالمية ويدلي بدلوه في حرب أوكرانيا وهو في الـ99 عاماً.