مصالح واشنطن في أوكرانيا.. بقلم: هديل علي

مصالح واشنطن في أوكرانيا.. بقلم: هديل علي

تحليل وآراء

الاثنين، ٩ يناير ٢٠٢٣

بعد تمرير أكبر حزمة مساعدات عسكرية أميركية تزيد على 3.75 مليارات دولار لأوكرانيا ودول مجاورة «متضررة» من العملية الروسية، سمحت الدولة العميقة في الولايات المتحدة بانتخاب رئيس للكونغرس، وذلك بعد فترة مماطلة استمرت لـ15 جولة تصويت، وهذا الأمر بحد ذاته سابقة في التاريخ السياسي الأميركي داخلياً، إذ لم يشهد الكونغرس حال الفوضى هذا منذ أكثر من 160 عاماً.
وبحسب نتائج التصويت الذي عرضته معظم القنوات التلفزيونية الأميركية، حصل النائب الجمهوري كيفن مكارثي على 216 صوتاً، وحصل منافسه الديمقراطي حكيم جيفريز على دعم 211 من أعضاء مجلس النواب، على حين اختار 6 أعضاء عدم الإدلاء بأصواتهم لأي شخص، أي إن الأمر تم بعد صراعات حقيقية هدفها التأخير والتأخير فقط، قبل أن يتم بث الإشاعات عن مفاوضات شاقة رضخت على أثرها مجموعة النواب المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترامب، والتي اتهمت أنها كانت تعرقل الانتخاب.
هدف تأخير انتخاب رئيس للكونغرس تحقق بهدف تمرير المساعدات التي تشمل مركبات مضادة للألغام وأنظمة إطلاق صواريخ موجهة وصواريخ أرض جو وألغاماً أرضية مضادة للمدرعات وذخيرة، كما تتضمن 225 مليون دولار في شكل تمويل عسكري أجنبي لمساعدة أوكرانيا في بناء جيشها وتحديثه، وعلى الرغم من أن قيمة هذه المساعدات لا تحتاج إلى الكونغرس للموافقة بحسب زعم كارين جان بيير المتحدثة باسم البيت الأبيض، والتي أكدت أن هذه المساعدات تعد الحصة الأكبر التي تملك الرئاسة الأميركية السلطة لسحبها دون موافقة الكونغرس، إلا أن اتخاذ هذا القرار في أثناء شيوع الفوضى في المجلس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وانعقاده دون رئيس، يعفي الإدارة الأميركية «الديمقراطية» من أي مسؤولية لاحقاً.
«هدية عيد الميلاد»، هكذا شبه الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي المساعدات العسكرية الأميركية، إلا أن وزير دفاعه عكّر فرحته عندما استخدم أسلوب ابتزاز الغرب في توقيت خاطئ، حيث قال أوليكسي ريزنيكوف: إن بلاده تنفذ مخططات حلف شمال الأطلسي ضد روسيا من خلال تأجيج الأزمة مع موسكو، مضيفاً: إن الجنود الأوكرانيين يشاركون في الصراع ضد روسيا بدلاً من الناتو، مطالباً الدول الغربية بتزويد كييف بالسلاح والعتاد، على اعتبار أنها درع حقيقي تحمي مصالح أوروبا في المنطقة، بحسب تعبيره.
واشنطن أدارت دفة الصراع في أوكرانيا لتبقى مستفيدة من كل التداعيات بدءاً من ارتفاع أسعار النفط العالمية وليس انتهاء بمحاولة تعليق مشاكلها الداخلية على شماعة الأزمة الأوكرانية وسياسات روسيا، وبالتالي فإن استمرار الصراع لا يزال في مصلحة الولايات المتحدة، وعليها أن تؤجج ناره بكل ما تستطيع، وخاصة أن أوروبا والناتو بمنزلة قفازات تقي الأصابع الأميركية من هذه النار التي كوت كل أوروبا، ولكن يبقى السؤال إلى أي مدى ستتحمل القارة الأوروبية سياسات واشنطن، وهل تستطيع الاستغناء عن الطاقة الروسية إلى الأبد؟!