نووي إيران ورعب الكيان.. بقلم:  هديل علي

نووي إيران ورعب الكيان.. بقلم: هديل علي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣٠ أغسطس ٢٠٢٢

كلما خرجت تصريحات إيرانية أو أميركية عن قرب التوصل إلى صيغة مرضية لجميع الأطراف حول اتفاق نووي، يجن جنون إسرائيل وتبدأ اللطم والعويل وتعفير وجهها بتراب السيناريوهات الفاشلة، تحت غطاء العمل على منع إيران من امتلاك أسلحة نووية تشكل رعباً حقيقياً للكيان الصهيوني، على زعم مسؤوليها الذين جعلوا البيت الأبيض مكان إقامتهم في استجداء غير مقنع لمنع إحياء الاتفاق.
خيارات الكيان الصهيوني أمام منع إنجاز الاتفاق محدودة عسكرياً وسياسياً، فالخيار العسكري الذي لا يتعدى فم مطلقه من المسؤولين الصهاينة غير مجدٍ، وخاصة أنه يعني الدخول في حرب إقليمية لا يمكن التنبؤ بنهايتها، وقد تجر العالم إلى الانزلاق نحو هاوية حرب عالمية، وخاصة أن واشنطن لا ترى فيه نتيجة حقيقية.
أما سياسياً فقد اصطدمت خيارات الكيان الإسرائيلي بنية أميركية مبيتة لدى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأن إنجاز الاتفاق ضرورة حتمية لعدة اعتبارات، أولها الحاجة الماسة لمصادر الطاقة الإيرانية في إطار التغيرات الدولية الجديدة بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية إقليم دونباس، وما نتج عنها من كوارث حقيقية في مجال تأمين مصادر بديلة للطاقة، وثانيها العمل على استثمار تلك الإدارة لنتائج الاتفاق النووي مع إيران لكسب نقاط إيجابية في الانتخابات النصفية الأميركية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني المقبل، والتي يجب أن تكون لمصلحة الديمقراطيين لمنع تقييد الإدارة الحالية برئاسة بايدن داخلياً وخارجياً.
على الرغم من أن ثالث مسؤول إسرائيلي يزور البيت الأبيض خلال فترة وجيزة، إلا أن هناك من قرأ في التصريحات الإسرائيلية وتهديداتها برفضها للاتفاق النووي إذا فرض عليها، أنها في جزء منها مجرد طبيعة انتخابية لا تتعدى الدعاية، ففي الخريف سوف تجري انتخابات كنيست جديدة، لكن هناك من يقول إن الرعب الإسرائيلي له ما يبرره، وخاصة أن عشرات المليارات من الدولارات ستجد طريقها إلى الخزينة الإيرانية كأموال مجمدة بسبب العقوبات الأميركية بعد توقيع الاتفاق وخلال فترة زمنية وجيزة، ناهيك عن النهوض الاقتصادي والعلاقات الدولية الجديدة لإيران التي تتجه بقوة لتكون أكبر من قوة إقليمية وأقل من دولية.
في ظل إيران قوية سيكون محور المقاومة أكثر قوة وفاعلية وستجد إسرائيل نفسها محاطة بمقاومات فعالة ستهدد وجودها بشكل فعلي، وهناك يكمن الرعب الإسرائيلي الحقيقي رغم كل طمأنات واشنطن بحفظ أمنها، ولكن بين الكلام والتطبيق تخشى إسرائيل ما تخشاه وقد ظهر ذلك جلياً خلال حوار دار بين خمسة رؤساء أركان إسرائيليين نشرته «القناة ١٢» الإسرائيلية بشأن العديد من الملفات أبرزها الملف النووي، والصراع الداخلي الإسرائيلي حيث عنونت القناة الإسرائيلية الحوار «ضعف الترابط الداخلي وتهديد وجودي لإسرائيل».