«ستارت 4» ضرورة عالمية.. بقلم: د. أيمن سمير

«ستارت 4» ضرورة عالمية.. بقلم: د. أيمن سمير

تحليل وآراء

الجمعة، ١٢ أغسطس ٢٠٢٢

أخطر ما يواجه العالم هو تراجع الحديث عن الدبلوماسية والحوار والمفاوضات وطاولة النقاش، فإذا كان البعض يقول إن للحروب أسبابها، فالمؤكد أن السلام وحده من له «معنى» يجب العمل عليه، والنضال من أجله، وعلى الدوام شكلت المعاهدات بين روسيا والولايات المتحدة «صمام الأمان وطريق السلام» لكبح رغبة أي من الطرفين في الانزلاق نحو «القناعات غير الصحية» أو «الحسابات الخاطئة»، وخلال نحو نصف قرن من «الحرب الباردة» نجحت الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعها الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة في منع وقوع أي «حروب بالخطأ» بين موسكو وواشنطن، ومن هذه المعاهدات اتفاقية «ستارت 3» حول الصواريخ النووية الإستراتيجية، ومعاهدة منع نشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة في أوروبا، واتفاقية «السماوات المفتوحة».
الحوار هو الحل
الخلافات بين الدول لا يجب أن تمنع مسارات التعاون والبحث عن مساحات مشتركة، ولهذا وقعت روسيا والولايات المتحدة في موسكو عام 1991 معاهدة للحد من الأسلحة الهجومية النووية، أطلق عليها «ستارت 1»، والتي تضمنت أكبر تخفيض للأسلحة النووية بين البلدين، وفي أبريل عام 2010 اتفق الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف مع نظيره الأمريكي باراك أوباما في العاصمة التشيكية براغ على تمديد الاتفاقية لـ10 سنوات كاملة، أطلق عليها «ستارت 3»، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2011، وتهدف لتخفيض الأسلحة النووية لدى كل طرف إلى نحو 1500 سلاح نووي، وبسبب رغبة الولايات المتحدة في عدم تجديدها إلا بمشاركة الصين جرى الاتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس جو بايدن على تجديد الاتفاقية لمدة 5 سنوات فقط تنتهي في 5 فبراير عام 2026، ورغم الخلافات الحالية حول فرق التفتيش بين الجانبين بسبب عدم قدرة المفتشين الروس للذهاب إلى القواعد النووية الأمريكية إلا أن الطرح الأمريكي بفتح حوار مع روسيا حول تجديد الاتفاقية لما بعد عام 2026 يشكل عودة حقيقة للمفاوضات حول الاستقرار الاستراتيجي العالمي، وسبب أهمية هذا الحوار أنه لا يفتح الباب فقط لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، لكن يؤكد من جديد قدرة المفاوضات على العودة لاتفاقيات ومعاهدات في غاية الأهمية للسلام العالمي منها اتفاقية منع نشر الصواريخ النووية القصيرة والمتوسطة المدى التي وقعتها موسكو وواشنطن في عام 1987 وانسحب منها البلدان في أغسطس عام 2019، وهذه الاتفاقية في غاية الأهمية للأمن في أوروبا القريبة جداً من المنطقة العربية والشرق الأوسط، كما أن باب المفاوضات بين البلدين يمكن أن يتسع ليشمل الحوار للعودة لاتفاقية «السماوات المفتوحة» التي انسحبت منها الولايات المتحدة وروسيا في عهد الرئيس دونالد ترامب، وهي الاتفاقية التي بدأ العمل بها منذ العام 2002، وتضم 30 دولة، وتسمح للطيران العسكري غير المسلح للتحليق فوق أجواء الدول الأخرى بشكل مفاجئ.
إرادة سياسية
رغم كل التحديات والمخاطر التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية إلا أنها أكدت للجميع معنى وقيمة السلام الذي كان يتمتع به العالم قبل هذه الحرب، وهو ما يدعو الطرفين الروسي والأمريكي للانخراط من جديد وبحسن نية، وبإرادة سياسية خالصة في المفاوضات حول «الملفات المطروحة» للنقاش بين البلدين، وهو ما سوف يسهم ليس فقط في إعادة الثقة من جديد بل قد يقود إلى مرحلة جديدة من التعاون بين واشنطن وموسكو.