هوس الشهرة.. بقلم: إيمان عبد الله

هوس الشهرة.. بقلم: إيمان عبد الله

تحليل وآراء

الأربعاء، ١ يونيو ٢٠٢٢

في عالم «التواصل» والرقمنة، اختلفت الموازين؛ فهوس الشهرة لم يعد مقتصراً على الفنانين والإعلاميين ونجوم التلفزيون، بل بات غاية ووسيلة لبعضهم من جميع فئات المجتمع، فالأطفال باتوا مهووسين بالشهرة، والمراهقون أصبحت غاية لهم، والشباب شكلت طموحاً في خططهم، ولم يفت الأمر كبار السن الذين أتقنوا تلك اللعبة، وينافسون الشباب والصغار. 
ظاهرة صحية أن يلتفت بعضهم ليكون مشهوراً، ويستفيد من عالم الإعلانات، ليزيد دخله، ويحسّن وضعه المادي، وهذا التفكير له نتائج جيدة على جيل من الشباب أتقن أدوات تسويق العصر. 
لكن الإشكالية تتمثل في السعي للشهرة على حساب تقديم محتوى فاشل، وعدم احترام تقاليد وعادات المجتمع، والتنازل عن قيم وأخلاقيات عظيمة من أجل الشهرة، والتعمد بنشر المحتوى التافه للحصول على «ترند»، والمحادثات الفاضحة علناً على منصات التواصل، من دون رقيب، لتعكس تلك المشاهدات هوس الشهرة، والسعي إليها بأي ثمن، مهما يكن على حساب سمعة الشخص نفسه، أو سمعة وطن. 
ما نشاهده يومياً من محتوى يسيء إلى الشخص نفسه بداعي الشهرة، يعكس افتقاد بعض هؤلاء لمحاسبة ذويهم، أو عدم معرفتهم بتلك المحتويات؛ فمن غير المنطق، أن يقبل الآباء أن يصدر ذلك من أبنائهم، أو أن تجرى تلك المحادثات علناً. وهنا من الضروري متابعة الآباء لما ينشره أبناؤهم على تلك المنصات، فهل المراقبة ومتابعة الأبناء امر صعب؟. 
تكاتف الآباء مع الجهات الحكومية ضروري، للتصدي لتلك المنشورات المسيئة، والتي تؤثر في السمعة المعروفة عن أبناء زايد وسلوكهم وأخلاقهم. 
إغلاق منصات التواصل ليس حلاً، بل من الضروري وجود أبناء الدولة على جميع منصات التواصل، والاستفادة منها، وتوظيفها في خدمة أعمالهم، والترويج لمنجزاتهم وإنجازات الدولة، وعلى الجهات نشر الأخبار والمعلومات التوعوية عبرها، فجيل الصغار يستقون المعلومات والأخبار من تلك المنصّات التي يعدّونها مصدرهم الرئيسي للمعلومات وللأخبار. 
توعية الأطفال والشباب بأهمية التفاعل الصحيح مع تلك المنصات ضرورة، ولكن ليس بالنصح المباشر، ودعوتهم لإغلاق البثّ وغيرها، فتلك الأساليب لا تصلح لجيل الصغار، بل تشجيعهم وتدريبهم على صنع محتوى يتوافق مع مواهبهم وفكرهم، وتدريبهم على مهارات صناعة المحتوى، ليحرصوا على تقديم محتوى بجودة عالية، ولا يكتفوا بالتوافه. 
الطالب يقضي نصف يومه في المدرسة، والدور كبير على المدارس في توعية الطلبة بلغة تتوافق مع فكرهم، وليس بأسلوب عفّى عليه الزمن، وتدريبهم على مهارات الحياة، ومن أهمها التعامل مع منصات التواصل وصنع المحتوى وكيفية الاستفادة منها، حتى لا يكتسبها بطريقة خطأ من زملائه أو من تجارب الآخرين الذين سبقوه. 
هوس الشهرة انتشر في مجتمعاتنا، فلنوظفه بطريقة تخدم الفرد والمجتمع.