هل جنت على نفسها أوروبا؟.. بقلم: هديل علي

هل جنت على نفسها أوروبا؟.. بقلم: هديل علي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٠ أبريل ٢٠٢٢

بعد سلسلة من العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا الاتحادية عقب بدء عمليتها العسكرية الخاصة لحماية إقليم دونباس، يبرز سؤال ملح حول الأساس الذي تستند عليه القارة العجوز في الغوص أكثر والذهاب إلى أبعد ما يمكن الوصول إليه في معاداة روسيا، خاصة أن واشنطن التي تقود الطرف الغربي، رفعت شعارها بالاستمرار في القتال ضد موسكو حتى آخر جندي «أوكراني» من دون أن تحرك جندياً أميركياً واحداً من جنودها المنتشرين في كل مكان في العالم.
إذا كانت الفعاليات الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية في أوروبا أكدت أن فرض حظر سريع على الغاز الروسي سيؤدي إلى خسارة في الإنتاج وإغلاق المصانع وفقدان الوظائف وبالتالي الدخول في حالة ركود اقتصادي قاتلة، فما الذي تفعله أوروبا بدولها واقتصادها وشعوبها التي لم تعتد إلا على الوفرة؟!
أوروبا جزء كبير ومهم من العالم المقبل على أسوأ أزمة اقتصادية، حسب تقرير نشرته الأمم المتحدة، أوصت فيه الدول المتقدمة بمساعدة الدول الفقيرة، مذكرة بأن مليار و٧٠٠ مليون إنسان في العالم سيواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على الغذاء، كما ستواجه اقتصادات البلدان هناك أزمة حادة في قطاعي الوقود والمال، وعلى الرغم من كل هذا ومن العواقب الوخيمة التي لا تعد ولا تحصى، تمضي أوروبا في غيها على نفسها، وتجور على مكانتها الاقتصادية والمالية والسياسية، من خلال اتباعها الأعمى لسياسات واشنطن التي تأثرت بشكل شخصي بفعل ممارساتها، إلا أن التأثير عليها أقل بكثير مما هو على دول القارة الأوروبية، ليكون البيان الذي يناقشه القادة الأوروبيون لفرض عقوبات جديدة على النفط الروسي، بعد قرار السابع من نيسان بحظر واردات الفحم الروسية، بمثابة الشعرة التي ستقصم ظهر الاقتصاد الأوروبي، خاصة أن ثلاث دول أوروبية فقط من أصل 27 دولة ستدفع بالروبل مقابل الغاز الروسي.
كيف تفكر أوروبا وما الآلية الإستراتيجية الاقتصادية التي ستتبعها لتغطي العجز الذي ستصل إليه البلاد إذا ما استمرت بتعنتها ورفضها الدفع بالروبل الروسي، خاصة أن العديد من التقارير العالمية تستمر بالتحذير من تبعات التعنت الغربي، من أبرزها تقرير أحد فرق الاستجابة لأزمة الغذاء والطاقة والتمويل العالمية التابع للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي أكد حالة القلق لدى الدول الغربية ومخاوفها من التضخم وتراجع قدرة السكان على شراء العديد من السلع، وتأثير ذلك على البلدان الفقيرة التي تزداد لديها حالة العجز الشرائية بشكل حاد، وتتجه نحو الاستماتة للبقاء فقط على قيد الحياة.
إن حوالي 36 دولة تعتمد بشكل مباشر على واردات الغذاء من روسيا وأوكرانيا، منها دول أوروبية تعتمد حتى الآن على الطاقة الروسية في اقتصادها الصناعي والتكنولوجي، ويبدو أن حجم الوعود الأميركية اللامنطقية لأوروبا يدفعها إلى الانهيار أو ربما الانتحار، إلا في حال إدراكها لحجم الكارثة التي تقحم نفسها بها وتداركها لمستقبل علاقاتها مع روسيا والتوصل إلى صيغة أمنية وسياسية واقتصادية مع موسكو، تنقذ العالم بأسره وتسهل عملية التحول لنظام عالمي جديد.