«الناتو» أكثر الرابحين.. بقلم: د. أيمن سمير

«الناتو» أكثر الرابحين.. بقلم: د. أيمن سمير

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٥ أبريل ٢٠٢٢

رغم أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لم تضع أوزارها بعد، ولا يعرف أحد حدود تحقيق الأهداف التكتيكية أو الاستراتيجية لأطراف الصراع، إلا أن الثابت والمؤكد للجميع هو أن حلف الناتو هو أكثر الرابحين من الوضع حتى الآن.
فالحلف الذي يضم 30 دولة حالياً، بات هو المظلة الأمنية الأكثر شهرة في العالم، بل واستعاد كامل الزخم والقوة بعد 24 فبراير الماضي عندما عبرت القوات الروسية إلى أوكرانيا. كما أن دول الجناح الشرقي في الحلف، والتي كانت في السابق في حلف وارسو، مثل بولندا ودول بحر البلطيق الثلاث، هي اليوم أكثر دوله عداء لروسيا، فما هي أرباح ومكاسب حلف الناتو من هذا الوضع؟ وهل يتوقف فعلاً تمدّد الحلف شرقاً كما تطالب روسيا؟ وماذا عن الدول التي ظلت على الحياد طوال السنوات الماضية وفي المقدمة منها فنلندا والسويد؟
صورة نمطية
أكثر المكاسب التي حققها حلف الناتو في الأسابيع الخمسة الأخيرة هي الصورة النمطية الجديدة عن الحلف، ففي السابق ومنذ عام 2017 كان الجميع يشكك في قدرات الحلف، ووصفة الرئيس الأمريكي السابق أكثر من مرة «بأنه عفى عليه الزمن»، كما انتقده بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقال عنه «إنه مات إكلينيكياً»، ودعا في المقابل إلى تأسيس «الجيش الأوروبي الموحد».
ورسم أداء الحلف في العقدين الماضيين خاصة في العراق وأفغانستان وليبيا صورة سلبية، لكن حديث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن «قدسية» المادة الخامسة من ميثاق الحلف، شكلت أحدث دليل على المكاسب الكبيرة التي يجنيها «الناتو» من الوضع الحالي، فالجميع يتسابق اليوم على دعم قدرات الحلف والاحتماء بمظلته بعد أن قالت 30 دولة يتشكل منها الحلف، إن إطلاق رصاصة واحدة على دولة في الحلف سوف يجد «رداً جماعياً» من كل أعضائه، بالإضافة إلى الاتفاق في قمة «الناتو» الطارئة الأخيرة التي حضرها بايدن على زيادة عدد القوات في دول الجناح الشرقي للحلف إلى 8 مجموعات قتالية.
لكن أكبر مكسب تحقق للحلف هو موافقة جميع الدول الأعضاء على إنفاق 2% من الناتج القومي على الدفاع، ما يوفر نحو 300 مليار يورو جديدة لشراء أحدث الأسلحة، ومثال على ذلك ألمانيا، التي كانت ترفض في السابق الإنفاق أكثر من 1.5% من ناتجها القومي على الدفاع، بلغت ميزانيتها الجديدة نحو 55 مليار دولار، بالإضافة إلى تأسيس صندوق لتحديث الجيش الألماني بنحو 100 مليار يورو، ناهيك عن استعداد دول الجناح الشرقي في الحلف، وفي المقدمة منها بولندا، لنشر السلاح النووي على أراضيها، وهو أمر لم يكن مطروحاً من قبل.
توسع جديد
رغم أن أحد أهم أسباب الأزمة هو منع أوكرانيا مع جورجيا ومولدوفا من الانضمام لـ«الناتو»، ونجحت روسيا في دفع أوكرانيا لقبول مبدأ الحياد وعدم الانضمام للحلف، إلا أن الحلف أصبح مستعداً لانضمام دولتين كبيرتين هما فنلندا والسويد حيث يناقش قادة وبرلمانيو الدولتين فكرة الانضمام، وهذا سوف يكون «المكسب الاستراتيجي» الأكبر للحلف في العقد الأخير، فرغم دخول 11 دولة للحلف في عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلا أن دخول السويد وفنلندا سوف يدعم استراتيجية الحلف ليس فقط بالاقتراب أكثر من الأراضي الروسية، بل بضم بلدين لهما اقتصاد قوي ومكانة جيوسياسية مرموقة.