ثقافة وقهوة.. ورياح خماسينية!.. بقلم: غانم محمد

ثقافة وقهوة.. ورياح خماسينية!.. بقلم: غانم محمد

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٦ مارس ٢٠٢٢

رياح الخماسين قد تهبّ من القلب، ليس شرطاً أن تأتي دائماً من الشرق الذي فاحت منه عبر التاريخ رائحة الموت والجهل..
رياح الخماسين قد تعصف بكيانك في عزّ الصيف، وقد ترميك حيث كنتَ تعتقد أمانك حطاماً لا أمل يرجى بإعادة تأهيله.
رياح الخماسين، وإن كانت تحمل معها القلق والمعاناة للناس، إلا أنّها تحمل البشرى للبراعم التي تنتظر دورها في الحياة، وللزهر الذي ينتظر (هبّة) خيرٍ، تلقّحه ليبدأ دورة حياة جديدة!
من مهرجان (صغار كبار) أو بالعكس (كبار صغار)، إلى البلابل التي تشدو الكلمات الصباحية في مدارسنا، بينما الآخرون يرتعدون من البرد في الباحة، إلى الأنشطة الموازية، من معارض ومسابقات وتنفيذ هوايات.. إلخ، ليست كلّها إلا مناسبات استعراضية، لا تقدّم ولا تؤخّر، وتكلّف أهالي التلاميذ الشيء الكثير، وترهقهم مادياً في هذه الظروف الصعبة!
هي أفكار جميلة، لكنها لم تأتِ بوقتها، تماماً مثل (البوالين الملونة) في افتتاح كلّ عام دراسي يريدوننا أن نصدّق أنها صورة عامة لكل مدارسنا!
يا سيدي، صاحب القرار، إن كرتونة رسم (30×20 سم) سعرها من 3-4 آلاف ليرة، وعلبة ألوان بسيطة أكثر من ذلك، و..
هذه الأعباء يدفعها الأهالي، وإن رُفعت لكم التقارير بأنّ المدرسة هي التي تؤمنها، والأبشع من هذا كله أن قسماً كبيراً من الرسوم مثلاً يرسمها الأهالي لأبنائهم، أي أن المعروضات ليست (أمينة) بالدرجة الكافية..
لستُ سوداوياً، ولكننا ننظر بعين الواقع وعدسته (المكبّرة) بحثاً عن نشاط حقيقي ينتجه أبناؤنا ببساطتهم، وبعفويتهم، وعلى قدر إمكانياتهم المادية قبل المعرفية، لأن المال يحكم حياتنا يا سادة ويتلاعب بأدقّ وأصغر تفاصيلنا!
ظرف قهوة من (أبو الـ 200 غرام) بعشرة آلاف ليرة، وأردأ أنواع الدخان بألفي ليرة، فلا قهوّة عدّلت مزاجنا، ولا سيجارة أجلت همومنا، فكيف سأشتري لابني علبة ألوان من أجل مهرجان يمضي في ساعة، وربما تُلقى معروضاته في أي زاوية منسية في المدرسة!
الثقافة تُعاش ولا تُحفّظ، والموهبة يجب أن تُنتج لا أن (تهدّ الحيل)، و(الحبايب ع المحبة عودونا)!
نبحث عن كلّ ما هو جميل في بلدنا، أن ننتجه، ونعيشه، ونطوره، لا أن نستعرض من خلاله لصالح المتفرّج (الأستاذ والمدير...) لا لصالح الموهوب الحقيقي، والذي قد تمنعه عشرة آلاف ليرة من إبراز موهبته!