مفارقات لقب كوكب الشرق.. بقلم: عبد اللطيف الزبيدي

مفارقات لقب كوكب الشرق.. بقلم: عبد اللطيف الزبيدي

تحليل وآراء

الاثنين، ٧ فبراير ٢٠٢٢

ما رأيك في المعلومات الفلكية لدى الشخص الذي لقّب سيدة الغناء العربي أمّ كلثوم بكوكب الشرق؟ ليس معروفاً بدقة تاريخ هذا الوسام، فالروايات متعدّدة، لكن ما بين سبعة عقود إلى تسعة، والناس، يرددون هذا اللقب الذي لا معنى له، من دون أن يدركوا أنه لا يُبرز فرادة تألقها في مسيرة لا نظير لها.
بصرف النظر عن الدعابة، تخيل أن توصف شخصية في مستواها، ولا أحد في مستواها، بأنها عطارد الشرق، مريخ الشرق، من الكواكب الصخرية، أو زحل الشرق، مشتري الشرق، من الكواكب العملاقة، أو أورانوس الشرق، نبتون الشرق، من الكواكب الجليدية. هل يُعقل أن يُطلق هذا الاسم الذي لا إشعاع له على أسطع نجم في سماء الموسيقى العربية؟ الغريب أن من مبررات من أراد إتحافنا بهذا اللقب، ظنّه أن وصفها بالنجم أو نجم النجوم، تقليل من شأنها، لأن الكوكب في رأيه العجيب أعظم سنى وسناء، وأبهى جلاء، وأجلى بهاء.
هنا أيضاً «خطأ شائع خير من صحيح مهمل». تعال الآن وقل للناس: إن أم كلثوم ليست كوكب الشرق، لأن الكوكب لا يساوي أكثر من واحد من المليون من كتلة النجم، فليس ضخماً بما يكفي لإحداث جاذبية شديدة إلى الحدّ الذي ينجم عنه اندماج نووي حراري فيشرق كالشموس، وأن هذا التفاعل النووي خاص بالنجوم، التي تكون الحرارة في قلبها عشرين مليون درجة مئوية فصاعداً.
تصوّر لو كانت الكواكب هكذا، ما كانت أرضنا تحظى بفرصة حتى في الوهم، لتظهر على سطحها الحياة. مثال بسيط: كوكب الزهرة تفصله مسافة 55 مليون كيلومتر عن الأرض، أي ثلث المسافة بيننا وبين الشمس، فلو كان مشرقاً جرّاء الانصهار النووي، لكانت درجة الحرارة على كوكبنا لا تقل عن 150 مئوية كحد أدنى، وربما جاوزت المئتين بكثير. فضلاً عن أن شدة السطوع تحول دون أن يفتح حتى الحجر عينه.
دعك من كل ذلك، لأن ارتفاع الحرارة إلى 150 فما فوق، مع أضعاف السطوع الحالي، لا قدّر الله، سيحرق الأخضر واليابس على الأرض ويجعلها قاحلة تماماً، وستتبخر مياه المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار، وتكون النهاية كوكباً لا حياة فيه لمن تنادي.
لزوم ما يلزم: النتيجة المنطقية: للحيثيات العلمية المذكورة، حكمت محكمة العقل بأن لقب كوكب الشرق ظلم للست