في عمق الدعم والتهيئة؟.. بقلم: علي بلال قاسم

في عمق الدعم والتهيئة؟.. بقلم: علي بلال قاسم

تحليل وآراء

الأحد، ٢ يناير ٢٠٢٢

لم تمرّ مرحلة وحقبة وزارية ما دون أن يكون للحكومة محاولات مستميتة ليكون الإعلام “بيدقاً” تحت الإبط، وكانت الصيغة التقليدية والنمطية تتجلّى بتشكيل خلايا ولجان إعلامية من تشكيلة الصحفيين الذين يمثّلون مختلف الوسائل، ولو اضطر الأمر لاستقطاب الأقلام الناقدة والمتمردة على الأداء الحكومي، والمهمّة المعروفة بناء شبكة من الكتّاب المروّجين والداعمين للحكومة وصرف ميزانيات ومكافآت مغرية، ولاسيما في نهاية كل عام حيث تقترب عقارب التغييرات والتعديلات.
تعدّدت صنوف الاحتواء الإعلامي التي اتخذتها الحكومات، والأدوات المعروفة هم أبناء المهنة أنفسهم، أما اليوم فثمّة اختلاف وتحول لم يخرج أحد من أقطاب الحكومة ليشرحه ويسوقه ويبرّره، الجديد فيه استبعاد سياسة تجنيد الإعلاميين والاعتماد على جيل جديد من الداعمين الموثوقين “من وجهة نظر حكومية بحتة”، وهم شريحة معاوني الوزراء عبر قرار تشكيل “لجنة دعم إعلامي” لتهيئة الرأي العام السوري قبل صدور قرارات تتعلق بالحياة المعيشية للمواطنين برئاسة معاون وزير الإعلام وعضوية عدد من معاوني وزراء (الإدارة المحلية – الاقتصاد – النفط – الصناعة – التجارة الداخلية – النقل – الكهرباء – الزراعة).
في مهام هذه اللجنة ما يشي بجدوى وأدوار مهمّة لجهة تعبيد الطرق أمام ميسّرات الأداء في نهايات السنة وبدايات ما يُعرف بالتمديد أو التجديد، فمن ضرورات تنسيق المعلومات المتداخلة بين الوزارات المعنية المتعلقة بكل قرار مزمع إصداره، وصياغة مسوغاته لإصداره وتحديد مسؤولية كل وزارة عند تطبيقه، وتوحيد الخطاب الإعلامي والمعرفي الموجّه إلى الرأي العام، إلى الإشراف على المكاتب الإعلامية في الوزارات، مروراً بالتنسيق مع وسائل الإعلام لتهيئة الرأي العام قبل صدور قرارات تتعلق بالحياة المعيشية للمواطنين، وضمان تدفق المعلومات للمكاتب الإعلامية المعنية وتحديث المواقع الإلكترونية الخاصة بها، وصولاً إلى الإشراف على تنظيم لقاءات دورية بين المعنيين في وزاراتهم ووسائل الإعلام، والاتصال والتنسيق مع الوسائل الإعلامية فيما يتعلق بالاختصاصيين والمحلّلين والردّ على الاستفسارات الواردة من قبل الإعلاميين.
جلّها مهام أساسية وُضعت، ولم يتسنَ لأحد أن يرى توضيحات وشروحات أو حتى بيان، لاجتماع أول لم يعقد بعد، كما سُرّب لنا، فكل معاوني الوزراء العضوات غائبون، وحده وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك – “بطل الإعلام في هذه المرحلة” عبر منصة فيسبوكية – مصرّ على الظهور شبه اليومي فيها، ولو تحفّظ الناصحون والغيورون!
بالعموم فإن تهيئة الرأي العام للقرارات الحكومية، التي تمسّ معيشته قبل صدورها، عنوان عريض ومهمّ من الضروري أن يساهم فيه مختصون نفسيون واجتماعيون وخبراء رأي عام ومبرمجون يقفون على أرضية مكتنزة بالبيانات والمعلومات ودراسات وبحوث استطلاعات الرأي، فهل ملكت اللجنة الاستبيانات والأرقام والتقارير الميدانية التي تمهّد سبل صدور القرار في وقته المناسب؟ والسؤال الأهم: هل ظروفنا الحالية ومجمل الحلول الإسعافية والإنقاذية التي تتغيّر معطياتها بين لحظة وأخرى تستطيع انتظار دراسات مطولة من هذا القبيل؟
ثمّة ثوب فضفاض على مرحلة اقتصادية ومعيشية قوامها تحولات وتوجهات كبرى، لا تحتمل إلا قراءة متأنية وحتى استباقية، لا أن تخرج على عجالة من أمرها!!