استسهال حكومي..!.. بقلم: حسن النابلسي

استسهال حكومي..!.. بقلم: حسن النابلسي

تحليل وآراء

الاثنين، ١٣ ديسمبر ٢٠٢١

بداية لا ننكر صحة ما أورده وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في معرض دفاعه عن قراره القاضي برفعه سعر البنزين (“لا توجد دولة في العالم تدعم المحروقات ومنها البنزين، و١١٠٠ ليرة سعر البنزين ٩٠ أوكتان المدعوم هو أقل من نصف كلفته”).. لكن وزير التجارة الداخلية بدفاعه هذا أورد نصف الحقيقة، وليس كلها، فمستوى الدخل في دول العالم هذه يُمكّن أفرادها من مجاراة الوضع المعيشي على أقل تقدير.. بينما حكومتنا تجتهد لتمكين مواردها وتخفيف خسائرها على حساب أفرادها..!
وتؤكد سلسة قرارات تعديل أسعار السلع المدعومة  –كما يحلو لمصدريها تسميتها – مقابل عدم الاكتراث بأية محاولة لتحسين الوضع المعيشي لمواطن ضاق ذرعاً بتضخم ما يزال يجنح نحو أفق يخشى أن يبقى بلا سقف.. أن الحكومة غير آبهة بأية تداعيات اقتصادية واجتماعية مستقبلية لهكذا قرارات، مع الإشارة هنا – لمن يرغب بالتقاط هذه الإشارة – إلى أن تردي الوضع المعيشي مدخل أساسي ودافع لا يستهان به للتسرب من التعليم، بغية مساعدة الطلاب لذويهم مادياً من جهة، والتخلص من أعباء الدراسة من جهة ثانية، هذا في في حال نظرنا إلى الأمر من زاوية تفاؤلية..!
أما في حال الرؤية من زواية أخرى أشد سوداوية، فإن ما يتعرض له المجتمع السوري من سحق لقدرته المالية – الهزيلة بالأساس – سيفضي إلى ارتفاع معدلات الجريمة بشكل أو بآخر..!
ما نود أن تلتقطه الحكومة من هاتين الرؤيتين، إن كانت جادة بالفعل بالاضطلاع بمصلحة من أؤتمنت عليهم، أن تكاليف فاتورة “التسرب من التعليم” و”ارتفاع معدل الجريمة” هي أضعاف مضاعفة، من تكاليف فاتورة الاشتغال على تحسين الوضع المعيشي، مع فارق أن اعتماد الأولى أسهل على الحكومة من الثانية، وهنا تكمن المشكلة بالضبط.. أي تلكؤ الحكومة وفريقها الاقتصادي في معالجة مواطن الخلل، فبدلاً من تركيزها على تفعيل البنية الإنتاجية وتصحيح مساراتها وحل معضلاتها المرتبطة عضوياً بالفساد ورموزه في كلا القطاعين العام والخاص، آثرت الحكومة الهروب إلى الأمام من خلال إصدارها لقرارات يتحمّل وزرها مواطن لا وزر له.. وقادمات الأيام كفيلة بإثبات سوء توجه حكومي اجتهد بالنأي عن معالجة قضايا إستراتيجية من شأنها رفع الاقتصاد الوطني إلى مصاف اقتصادات المنطقة على أقل تقدير، وذلك من خلال التوظيف السليم لخاماته الطبيعية والبشرية..!.